الخميس، 12 يوليو 2012

"العش " قصة للأطفال بقلم: خيري عبدالعزيز


العش
خيري عبدالعزيز

     بعد طول عناء استقر المقام بالعصفور ورفيقته علي غصن زيتون مواجه لشرفة منزل شابين حديثي الزواج, فقررا أن يبنيا عشهما علي ذلك الغصن الآمن الظليل..وكان سؤال العصفور لرفيقته عن رأيها في ذلك الغصن البديع بكلمة واحدة هي:
    " صو؟ ( ما رأيك؟) "
فأجابت العصفورة برقة وهي تنكت رأسه بمنقارها في دلال:
    " صو (جميل) "
    وشرع العصفوران في بناء عشهما السعيد استعدادا لوضع البيض, وبينما يرتبان الأعواد بعناية واهتمام سمعا مشادة كلامية بين الزوج وزوجته في النافذة المقابلة, ولاحظ العصفور اهتمام رفيقته بمتابعة الحوار, فغمزها قائلا:
     " صو ( لا تهتمي ) "
   في الصباح الباكر لليوم التالي استيقظ العصفوران علي مشادة أكثر ضراوة ..
فنظر العصفور إلي رفيقته حانقا وقال:
  " صو .. صو؟! ( ما هذا الإزعاج علي الصبح؟! )"
فردت العصفورة وهي تتابع باهتمام :
    " صو .. صو .. ( من الواضح أنه هو الغلطان ) "
    رمقها العصفور ولم يجب, ثم انطلق طائرا ليبحث عن بعض الحبوب ليسد بها رمقه..
     عندما عاد العصفور في الظهيرة, وجد أن رفيقته لم تغادر العش, وأنها ما زالت تراقبهما باهتمام مفرط سلب عليها لبها؛ فاندفع غاضبا يقول وهو يرفرف بجناحيه في عصبية:
    " صو .. صو .. صو .. صو ( ألم يعد لنا عملا غير مراقبة البشر.. نريد أن نهتم بعملنا.. )
     وكانت هذه هي أول مرة في حياته يستخدم فيها كل هذا العدد من "الصو"... ولكن ما سمعه كان أكثر مفاجأة, فقد استدارت إليه رفيقته محتدة, وكأن ماردا قد تلبسها:
    " صو .. صو .. صو .. صو .. صو .. صو ( أنا تعبت من طريقتك في التعامل... أنا بشر من لحم ودم مثلك تماما... ولي عليك حقوق يجب أن تؤديها... أو ليذهب كل منا إلي حال سبيله)"
   وكاد العصفور يغمي عليه من كل هذا "الصو", وفجأة انتبه لكلمة "بشر" التي وصفت بها وليفته نفسها, فقال مبتسما في سخرية:
    "صو.. صو.. ( بشر من لحم ودم ) "
انتبهت العصفورة للخطأ فقالت علي عجل:
   " صو ( أقصد عصفورة ) "
    تمالك العصفور نفسه, وسيطر علي أعصابه, وغادر العش حتى لا يحتدم الأمر بينهما, وأخذ يدير الأمر في رأسه, حتى وصل إلي نتيجة شعر معها بالارتياح وانفرجت أساريره, وبينما يهم بالطيران وجد رفيقته تحط بجواره, وتداعبه بمنقارها, ودار بينهما هذا الحوار..
العصفورة: صو ( أنا آسفة )
العصفور: صو ( أنت تغيرتي )
العصفورة: صو .. صو.. ( أعصابي تلفت من الشجار المستمر بينهما)
العصفور: صو .. صو..( يجب أن نترك هذا العش حالا )
العصفورة مترجيه: صو..صو.. ( أعرف النهاية ونغادر بعدها فورا)
رمقها العصفور بنظرة ضجرة ولم يتكلم, فاستطردت العصفورة: صو..صو..صو ( زوجها ضربها منذ قليل وستترك له البيت )
العصفور محتدا: صو .. صو ( إما أنا أو هما )
نكتت العصفورة رأسه في دلال: صو .. ( أنت طبعا )
   وانطلقا العصفوران يبحثان عن عش أخر جديد, ليبدأا فيه حياة سعيدة بعيدة عن المشاكل..

*من مجموعة شجرة العنب المنوه عنها بمسابقة الشارقة 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق