الثلاثاء، 5 يونيو 2012

تنمية الوعى السياسى لدى الأطفال محاكاة الثورة نموذجا بقلم: محمد عبدالحافظ ناصف


تنمية الوعى السياسى لدى الأطفال
محاكاة الثورة نموذجا

ورقة قدمت للحلقة البحثية حول

الثورة وحقوق المواطنة للطفل المصري
محمد عبدالحافظ ناصف
المحاكاة هى تقليد الشيء و قد يكون ذلك بغرض أو بدون غرض و يكون أحيانا بشكل تلقائي و لكنها تعتبر وسيلة أساسية و فعالة  من وسائل التعلم المهمة لدى الأطفال فى المراحل المختلفة و قد تختلف استجابة الأطفال من مرحلة لأخرى حسب الموضوع المقدم و الذى يريد المعلم أو المعلمة أو  الوالدين أن يتعلمه الطفل . و تأتى أهمية المحاكاة لأنها وسيلة تتعامل مع كل حواس الأطفال أثناء التعلم , فالطفل يشارك بسمعه و بصره و أنفه و يديه  و كل حواسه  , و يتحول التعلم من التلقين إلى التعلم  النشط الفعال المشارك الذى يكون كالنقش على الحجر. و المسرحة الفنية  هى إحدى صور المحاكاة الفعالة التى من الممكن أن يعتمد عليها فى التعلم . و سوف أقدم النموذجين .. المحاكاة العادية دون تدخل أو أعتماد على وسائل فنية و المسرحة الفنية للواقع . و من خلال النموذجين سوف نرى أن وعى الأطفال قد زاد بشكل كبير بعد استخدام التجربتين بمسألة الانتخابات و ماهية الثورة المصرية .

أولا: محاكاة انتخابات مجلس الشعب :
رأت  معلمات الروضة بمدرسة عمر مكرم التابعة لادارة المطرية أن تأتين بعمل تعلمن فيه الأطفال تجربة انتخابات مجلس الشعب و اتفقن على أن تعلن عن انتخاب رؤساء الفصول و أن تقمن بنفس اجراءت الترشيح و الدعاية و التصويت .

دور المعلمات و الأسرة  :

بدأت المعلمات   تساعد الأطفال على عمل الدعاية الانتخابية بكتابة اليفط و عمل الملصقات و البوسترات بأنفسهم و حاولت بعض الأمهات أن تصنع بنرات للأطفال و أن تعلم أطفالهن كيفية استقطاب بعض الزملاء له و تركت له التليفون يحدث زملاءه  لكى يقنعهم بانتخابه و  يدعوهم لزيارته و يذهب إليهم  فى المنازل و يساعدهم فى الحضانة و يكون لهم مساعدا و يحاول ان يساعدهم فى أى مشكلة طوال أيام الدعاية   و بدأت المعلمات  تحذرهم من خرق قانون الانتخابات فى الروضة مثل الرشوة الانتخابية حين حاول طفل ميسور الحال أن يأتى بالكثير من الحلوى و الشكولاتة كى يكسب ود الناخبين فى الحضانة فنبهت عليه المعلمة أن ذلك مخالف لآن كل الأطفال لن يفعلوا ذلك لأنهم لايمتلكون نقودا مثله .

يوم التصويت.. البكاء و القبول :                                             
 و بدأ الأطفال اجراءات التصويت فى صندوق شفاف صنعته المعلمات فى الحضانة و شارك فى صنعه أطفال كل فصل و تعلموا انه يجب أن يكون شفافا  و بدأ كل واحد يعرف أصول التصويت و انه سوف يختار واحدا فقط و من يفعل غير ذلك سوف يبطل صوته . و بعد انتهاء التصويت بدأت عمليات الفرز التى استحوذت على انتباه الأطفال جميعا   و حين أعلنت النتائج ارتفع صراخ الناجحين فرحا و طفرت دموع الذين لم يوفقوا  , فذهبت إليهم المعلمات و ربت على أكتافهم و أقنعتهم أن يقبلوا النتيجة و يهنئوا زملاءهم ففعلوا مقتنعين .

نتائج ممارسة التجربة لدى الأطفال  :

كان لابد ان تاتى التجربة بثمار حقيقية فى المستقبل  و أن نجد أطفالنا لديهم القدرة على التفاعل و لو بقدر مع مسألة مهمة و مفصلية فى تاريخ مصر  و لا شك ان الحوار الدائر فى كل منازل مصر جعل هؤلاء الأطفال ساسة صغار و أصحاب رؤى و قادرين على الحوار و الجدال تقليدا للكبار . و قد رصدت بعض المشاهد المهمة للصغار تشير إلى اهمية الدور الذى تلعبه المحاكاة فى عقول و نفوس الصغار و ادعوكم إلى تآمل هاذين المشهدين .
مشهد 1 :
فى الروضة  توقفت ثلاثة بنات فجأةعن لعب المكعبات  و انتصبن واقفات ليتحدثن بحماس فى موضوع مهم :
ميرا : هتنتخبوا مين يا بنات ؟
أمنية : أنا عارفه هنتخب مين !!
ميرا : مين يا ترى ؟
أمنية : مرسى .. و أنت هتنتخبى مين ؟
ميرا : شفيق
أمنية : أقنعينى يا ميرا !!
ميرا : شفيق راجل طيب و كلامه بيعجبنى
مهرائيل : ( تحدث أمنية فى أذنها )
            و كمان مسيحى  !!
- قطع –
مشهد 2
تتوقف السيدة الطيبة أمام حجرة البواب و تنادى على الولد الصغير حاتم ابن البواب الذى تحبه و تعجب جدا بالحديث معه و رده الذكى دائما على أى شيىء رغم أنه لم يدخل الحضانة بعد.
السيدة : انتخبت يا حاتم ؟
حاتم : لسه يا طنط
السيدة : ليه ؟
حاتم : هسافر البلد بكره انتخب مع أبويه
                                            -  قطع -


ثانيا: مسرحة الواقع
مسرحية ثوب أبيض نموذجا


والوسيلة الثانية المهمة التى أراها هى استخدام مسرحة المواقف لتوصيل أفكار بسيطة أو عميقة و قد لا يستطيع الكلام النظرى او المباشر توصيلها  و  النموذج الثانى الذى أطرحه للثورة سيكون ايضا من خلال تجربة مع أطفال الروضة و لم لا ؟ فلم  تترك الثورة أحدا فى مصر إلا و غيرته و جدد آماله و طموحاته و أخذت بأحلامه الى سموات عليا ، حتى أطفال الروضة الذين تفاعلوا و كبروا سنوات عن عمرهم و شاركوا فى الثورة سواء فى ميدان التحرير أو فى المنازل أمام التلفاز يراقبون قسمات وجوه الأباء و الأمهات التى تتغير و تتبدل بين اليأس و الرجاء عشرات المرات فى اليوم الواحد  .
 " ثوب أبيض"  عرض مسرحى  لاطفال روضة عمر مكرم بادارة المطرية التعليمة و قد قدم عرض ثوب أبيض تأليف الكاتبة هاله مصطفى و اخراج أمانى سمير من خلال أطفال روضة عمر مكرم ليعبروا عن  ثورة 25يناير من خلال  البطلة المحورية الطفلة  "سلمية"  تلك الفتاة الجميلة التى غزل لها الشباب ثوب ناصع البياض وهتفوا لها وحافظوا عليها مما اغضب  شخصية الشر الذى يكره اللون الابيض فيحاول ان يلطخ الفستان  باللون الأسود الذى يحبه و يسعى ان يصبغ به كل شىء فى حياتها و حياة كل الثوار الشرفاء و الثورة السلمية  ، يبحث الشر  عن أخلص أعوانه " الخوف " فيجده مختبأ مذعورا ينهره لأنه لم يتسلل إلى قلوب من غزلوا الفستان  فيرد عليه قائلا :  انها أصبحت أقوى من الحديد لا تخاف الضرب ولا التعذيب ولا حتى الموت لأنهم يؤمنون ان الاستشهاد فى سبيل الوطن هو تذكرة الذهاب إلى الجنة ، فيغضب الشر أكثر من هؤلاء الشباب الثائر النقى ، الذين يسعون  الى الجنة ويسعون أن يعيش غيرهم فى أمان . و يقرر الشر أن يصنع خلطة سرية من الأنانية وقلة الضميرويطلب من شخصية الخوف أن يبث فيهم الكثير من الخوف لكن الخوف لا يجد الا جزء بسيط بعد أن كسر الشباب عظمه و انتصروا عليه. و  ينجح الشر فى عمل خلطته التى اسماها(الفوضى) ويسعى أن ينشرها بين الشباب الذين غزلوا فستان شخصية " سلميه"  و ينجح فى أول الأمر أن يجعل الشباب يترك كل واحد فيهم يد الآخرعن طريق الوقيعة بينهم فيوسوس لهم أن يطلب كل واحد طلباته – هو-  فقط دون النظر إلى غيره،  فيضع أول بقعة فى فستان سلمية ، و تفتح الدائرة حول سلميه التى تسعى بكل قوتها لتنظيف بقعة المطالب الفئوية فيباغتها الشر ببقعة أكبر عن طريق الوقيعة بين ايمان وكرستين الأصدقاء منذ الصغر ويقنع كل واحدة أن الآخرى تكرهها ، و لم تكن بقعة الفتنه الطائفية هى الأخيرة بل جاءت بقعة أكبر غطت الفستان بعد أن وضعها لها الخوف الذى أصبح عظمه كالحديد حين أقنع ضابط الشرطة الذاهب الى عمله لحفظ أمن بلاده أن الجميع لايريده وانهم سيفتكون به حين يراه أحد فى الشارع فيترك عمله و يعود ثانية للبيت و يختبىء ،يهتف الجميع ضد شخصية سلمية ويفرح الشر وصاحبه الخوف بنجاح خلطة  الفوضى التى صنعوهاو تبكى سلمية وتريد الرحيل لأنها أصبحت سبب الازمة وتعتذر لأمها (مصر)وتطلب منها أن تسامحها لأن الشر انتصر عليها ، فتعطيها أمها جيش الواجب الوطنى الذى يرفع شعار(يلا نبنى يلا نعمر يلا نصلح اللى ادمر ). و أخيرا تنجح سلمية مع جيش الواجب الوطنى فىتنظيف فستانها ليصبح ناصع البياض كما كان وتنتصر على الشر الذى يتوعدها انه سينتصر عليها حين تغمض عينيها ولو للحظة واحدة و فيمسك به جيش الواجب الوطنى ويضعوه مع أعوانه فى السجن.

الأداء التمثيلى  :
استطاع أطفال الروضة تقديم العرض البسيط بحماس و تلقائية و كأنهم فى ميدان التحرير  و بشكل جعل بعض الكبار يتأثرون  ، تحرك الأطفال على المنصة البسيطة التى أعددت  بشكل جيد و كأنهم كبار و ليسوا أبناء الخامسة و السادسة  و كانوا جميعا جيدين و محبين جدا لما يفعلون و كأنهم مارسوا ذلك من قبل عشرات المرات  و قام بالأدوار البراعم جنى فى دور البنت سلمية و مازن أحمد فى دور شخصية الشر ،مهاب أحمد فى دور شخصية الخوف وخلود فى دور البنت ايمان ورفقة فى دور البنت كريستين ، و يوسف أحمد فى دور الضابط ، و جمانة أحمد وإسراء أحمد أصحاب المطالب الفئوية وشاركتهم معلمتهم الأستاذة أمانى سمير فى دور مصر .
 و استخدمت منفذة العرض أمانى سمير عددا من الأغانى التى تناسب جو الثورة منها أغنية يا بلادى و أغنية قوم يا مصرى لسيد درويش عبرالعرض عن رؤية الأطفال لما تم فى ميدان التحرير من نشاط انسانى خلال 18 يوما هى عمر الثورة .
الخلاصة :
تعلم الأطفال ماهية الثورة و الانتخابات من خلال المشاركة الايجابية و الفعالة لمحاكاة الواقع من خلال مسرحته فى موقفين مهمين أعتقد أن الأطفال لن ينسوهما أبدا لانهم مارسوا الفعلين مستخدمين كافة أنواع الحواس .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق