الثلاثاء، 15 مايو 2012

"شجرة البرتقال " قصة للأطفال بقلم : شهاب سلطان


شجرة البرتقال
  شهاب سلطان
حين كنت صغيرا، صحوت ذات يوم على غناء عمال كثيرين، يقومون بزراعة شتلات البرتقال، فى حقل عمى المجاور لحقلنا .
فى صمت.. ذهب والدى إلى الوحدة الزراعية،عاد يحمل شتلات مماثلة للتى يزرعها العمال فى حقل عمى، وضعها أمام باب الدار.. وراح يجهزمساحة من الأرض بعرض حقلنا .. لزراعتها .
قالت أمى تعاتبه:
ـ أنت هكذا تفسد رأس الحقل .
رد عليها مهدئا وقال :
ـ إنظرى بعقلك إلى المستقبل . حين تثمر أشجار أخى فى حقله . ستثمر الأشجار فى حقلنا ولا ينظر أطفالنا إلى الثمار التى فى حقل عمهم .
نادى على . أعطانى شجرة وطلب منى أن أزرعها . وقال لى :
ـ هذه شجرتك . أنت المسئول عنها وعن رعايتها .
       أحببت أن يكون لى شجرة أطلق عليها إسمى، زرعتها بيدى ،..صرت أنقى الحشائش من حولها. ومن حول كل الأشجار من أجل خاطرها.
صارت الأشجار تنموا سريعا وترتفع عاليا .وأنمو أنا أيضا وأكبر . وحين ذهبت إلى المدرسة .. كانت شجرتى قد كبرت كثيرا . وطالت أفرعها .وصارت كالخميلة ، أجلس تحتها .. وأنام أحيانا .
فى العام الذى دخلت فيه المدرسة، أزهرت الأشجار . صار على رأس حقلنا آلاف من الزهور البيضاء الجميلة، ترتاح عينى لرؤياها . ترفرف فوقها الفراشات ونحلات العسل ،وحين بدأت وريقات الزهور تتساقط ، حزنت كثيرا وأسرعت إلى أبى .. طمأننى قائلا:
ـ لا تحزن فالزهور تتحول إلى ثمار .
 وصدق قول أبى . تركت الأزهار عقد خضراء صغيرة . بدأت تكبر تدريجيا حتى صارت برتقالات كبيرة .لكنها خضراء وبدأ اللون الأخضر يأخذ فى الإصفرار

حتى صارت الثمار كلها صفراء ذهبية. تزين الأشجار وتسر الأعين.
وذات يوم.. كنت عائدا من المدرسة. كانت الأرض خالية من المزروعات . أغرتنى بترك الطريق والسير فيها، نظرت إلي فروع فروع أشجار البرتقال فى حقل عمى . رأيتها كما لو كنت أراها لأول مرة . لفت نظرى فرع إمتد ليعبر السور ويمتد فوق حقلنا .
كان بالفرع كومة من البرتقالات صفراء ذهبية تضوى فى نور الشمس، أغرتنى بقطفها .
لم أفكر .. أخذت أتقافز فى الهواء حتى أصل إلى الفرع . كان يهرب منى ويرتفع عاليا. أحضرت فرع شجرة جاف.. رفيع وطويل. عملت على أن يشتبك بفرع البرتقال. جذبته إلى أسفل. انتزعت منه واحدة. وواصلت طريقى إلى دارنا . وأنا ألتهمها إلتهاما.
وصلت إلى دارنا . كان أبى يقف خلف الدار .. إستقبلنى باسما . طلب أن أبدل ملابسى وأعود إليه . أسرعت بتنفيذ أمره . بعد قليل عدت إليه مرتديا جلبابى. قال :
ـ إذهب واحضر لنا عدد من البرتقالات لنأكلها معا .
تركنى وعاد ألى باب الدار وجلس أمامه. أسرعت وأحضرت عدد من البرتقالات من شجرتى.. عدت إليه. أكلنا سويا . وفجأة سألنى قائلا :
ـ أيهما طعمها أفضل من الثانية . هذه التى أحضرتها من شجرتك . أم تلك التى أخذتها من شجرة عمك ؟
بدون تفكير قلت :
ـ التى من شجرتى طعمها كالشهد المكرر .
سألنى قائلا :
ـ هل تعرف لماذا ؟
إحترت ماذا أقول.. هل تعرفون أنتم ؟

هناك 4 تعليقات: