الخميس، 19 أبريل 2012

"البراق يتحدث" قصة للأطفال بقلم: عبدالتواب يوسف

البراق يتحدث
من كتاب ” حياة محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين قصه ”
عبدالتواب يوسف
بسم الله الرحمن الرحيم
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البصير } سورة الإسراء 1
قبل الصواريخ ، وقبل الأقمار الصناعية بأكثر من ألف وربعمائة سنة ؛ كنت أنا .. البراق !
اختلفت الروايات في وصفي وتحديد شكلي ونوعي ، والمهم أنني من صنع الله ، خالق الأرض والسماوات ، سبحانه إنه على كل شيء قدير.
ركبني الأنبياء – عليهم السلام - ، ولكن لي مع محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – معجزةً فريدةً ، وقصةً كلها حقيقية ..
وإن كانت أغرب من الخيال.
كانت قد مضت اثنتا عشرة سنة منذ نزل الوحي على محمد ، ولقي في هذه السنوات الكثير من العذاب ، وتوفي عمه أبوطالب ، وتوفيت زوجته خديجة ، وهاجر أصحابه ، ولم تنجح رحلته إلى ( الطائف ) ولكنه ظل على إيمانه ،يسأل الله العون والصبر.

بعد هذه السنوات من الأحداث ، حدثت معجزتي مع الرسول – صلى الله عليه وسلم - .. حدثت رحلة الإسراء والمعراج ، وكانت ليلة السابع والعشرين من شهر رجب.

وفيها ذهب جبريل – عليه السلام – إلى دار الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، وأتى به إلى البيت الحرام حيث كنتُ أنتظر ؛ وبعد أن غسل جبريل قلب الرسول من ماء زمزم ، ملأ قلبه بالحكمة والإيمان ، ثم ركبني الرسول وانطلقنا ، وفي صحبتنا جبريل – عليه السلام –
إلى بيت المقدس في سرعةٍ خاطفة.

وخارج مكة مررنا بقافلةٍ لقريش ضلت ناقة لها ، فأرشدهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى مكانها ؛ ومررنا بقافلة أخرى نفرت جمالها وكسرت ساق جملٍ منها ، ثم مررنا بقافلةً ثالثة في مقدمتها جمل فوقه كيسان أسودان.

وفي الطريق رأى محمد – صلى الله عليه وسلم – الكثير ، وكان يسأل وجبريل – عليه السلام – يُجِيب ؛ فرأى فتاة جميلة في ثياب فاخرة ، نادت : يا محمد ؛ فلم يلتفت إليها ، وقال له جبريل : هذه الدنيا ، زينت لك ؛ فقال الرسول : لا حاجة لي في الدنيا.

وعندما وصلنا إلى - يثرب -قال جبريل : هذه يثرب .. ستهاجر إليها ، فتسمى- المدينة المنورة - ، ويتوفاك الله فيها.

ومررنا على قومٍ يزرعون ويحصدون ، وبعد الحصاد يعود الزرع كما كان ؛ فسأل الرسول جبريل : ما هذا؟ ؛
فقال جبريل : هؤلاء هم المجاهدون في سبيل الله ، تضاعف لهم الحسنة إلى سبعمائة ضعف.

ورأينا مناظر لعذاب تاركي الصلاة والزكاة.

وفجأةً .. هبت ريحٌ طيبة تحمل رائحة كالعطر ، وسمعنا صوتاً ، فسأل محمد – صلى الله عليه وسلم - : ما هذا يا جبريل ؟ ؛ فأجاب جبريل : هذا صوت الجنة تقول :
" ربِّ آتني ما وعدتني .. فقد كثرت غرفي وحريري ، وذهبي وفضتي ، وأكوابي وأباريقي ، وعسلي ولبني ومائي .. آتني ياربِّ ما وعدتني به ".

وفي وادٍ آخر .. شممنا رائحة كريهة ، وسمعنا صوتاً منكراً ، وسأل الرسول – صلى الله عليه وسلم - : ما هذا يا جبريل ؟ ؛ فأجاب جبريل : هذا صوت جهنم تنادي :
" ربِّ آتني ما وعدتني ، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي واشتد حري .. فآتني ما وعدتني ".

ووصلنا ( القدس ) في لمح البصر ، وأمسك محمد – صلى الله عليه وسلم – بي ـ أنا البراق ـ وربطني في حلقة في صخرة عالية ، ما زالت قائمةً إلى يومكم هذا ، وقد بنى المسلمون فوقها قبةً عاليةً ..
......
وتركني الرسول في مكاني ودخل المسجد الأقصى ، وكان الأنبياء والرسل ينتظرونه فيه .. فصلى بهم إماماً لهم وهم صفوف من خلفه.
......
وبعد الصلاة ، قدم جبريل للرسول ( معراجاً ) يصعد فيه إلى السماء .. في رحلةٍ ثانيةٍ سميت .. المعراج.

وقد صعد الرسول إلى السماء الأولى .. وكان فيها أبونا آدم – عليه السلام - الذي رحب بالرسول ، وفي السماء الثانية .. قابل سيدنا عيسى بن مريم و يحيى و زكريا – عليهم السلام - ، وفي السماء الثالثة .. قابل سيدنا يوسف بن يعقوب – عليهما السلام –، وفي السماء الرابعة .. قابل سيدنا إدريس – عليه السلام - ، وفي السماء الخامسة .. قابل سيدنا هارون بن عمران – عليه السلام - ، وفي السماء السادسة .. قابل سيدنا موسى بن عمران – عليه السلام - ، وفي السماء السابعة قابل سيدنا إبراهيم الخليل – عليه السلام - ؛ وكان كل منهم يستقبل النبيُّ مُرحِباً قائلاً :
مَرحَباً بالنبي الصالح والأخ الصالح.

ثم رفع الله نبيه إلى ( سدرة المنتهى ) .. إلى الحضرة الإلهية العلية ؛ فسجد الرسول لله الواحد حمداً وشكراً .. لأنه أوصله إلى مكان لم يصل إليه أحد غيره من الرسل.

وهنا شرع الله الصلاة على المسلمين ، خمس صلواتٍ في اليوم ، وتكون الكعبة قبلتهم فيها فيتجهون إليها في صلاتهم.

وبعد ذلك نزل النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الصخرة الشريفة ، وودع الأنبياء والمرسلين ؛ ثم ركبني ـ أنا البراق ـ مرةً أخرى ..
عائداً إلى البيت الحرام ، وتمت بذلك رحلة الإسراء والمعراج ؛ ثم ودّعتُهُ وذهب إلى بيته.

وفي اليوم التالي ذهب الرسول إلى الكعبة ، وقص على الناس قصة رحلته .. قصة الإسراء والمعراج .. فلم يصدقه كفار قريش ، وكان أكثرهم تكذيباً له ( أبو جهل ) ؛ وقال واحد منهم :
ــ إننا نذهب إلى القدس في شهر كامل ونعود في شهر كامل ، فكيف يذهب محمد ويعود في ليلة واحدة؟!!

وفي هذه اللحظة وصل ( أبو بكرٍ ) إلى الكعبة ، وجلس قريباً من الرسول ، وسمع من الكفار ما قاله الرسول عن رحلته ، وسمع منهم تكذيبهم وعدم تصديقهم له .. وكان الجدال مستمراً بين الكفار وبين الرسول ، وتحدوه في النهاية أن يصف لهم المسجد الأقصى ، وهم يعرفون أنه لم يزره من قبل ولم يذهب إليه أبداً .. فبدأ سيدنا محمد الوصف ، وكأن المسجد الأقصى أمامه يراه وينظر إليه ، فوصفه جزءاً جزءاً بدقةٍ أذهلت الجميع .. فهتف أبو بكرٍ :
صدقت يا رسول الله.

وزيادة على الوصف الدقيق .. أضاف لهم الرسول إثباتاتٍ أخرى ؛ فحدثهم عن القوافل التي رآها عند مشارف مكة ، وبعد قليلٍ من الوقت ..عادت هذه القوافل ووصلت مكة ، وعادت معها الناقة التي كانت ضلت الطريق ، والجمل المكسور الساق ، والجمل الذي يحمل كيسين أسودين ..
تماماً كما أخبرهم الرسول.
عندئذٍ .. ذهِلَ الكفار ولم يجدوا ما يقولونه ، وارتفع صوت أبي بكرٍ يردد :
" صدقت يارسول الله .. صدَّقتُ كل ما قلت "
فقال له النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :
" أنت الصِّدِّيقُ .. يا أبا بكرٍ ".
ومنذ ذلك اليوم .. يلقب أبو بكرٍ بلقب ( الصِّدِّيق ).

هذه هي حكايتي ـ أنا البراق ـ مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم –في ليلة الإسراء والمعراج ..
حكاية صادقة حقيقية ، سبقت عصر الصواريخ والأقمار الصناعية بأكثر من ألفٍ وربعمائة عام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق