الاثنين، 30 أبريل 2012

الجدي والجرو قصة للأطفال بقلم روضة السالمي (1)


الجدي والجرو
 روضة السالمي
-         أوه يا أمي، لقد سئمت هذه النصائح... كلّ صباح تعيدين على مسمعي هذه القائمة الطويلة من "يجب عليك - و ينبغي - وإياك أن"... ألا تعرفين أنني كبرت، وأصبحت أستطيع الاعتماد على نفسي..
هكذا حدّث الجدي الصغير نفسه، وقرّر أن يخبر أمّه العنزة حالما تبدأ في بسط قائمة تحذيراتها اليومية. غير أنّ أمّه اليوم لم تبدأ حديثها بسيل نصائحها المعتادة، وإنما قالت لجديها وهي تقبّله، وكأنها كانت تقرأ أفكاره:
-         عزيزي جديون، أعرف أنك كبرت، وأصبح لثغائك صدى يمكن أن يسمعه الراعي من بعيد... لذلك يمكنك أن تذهب مع رفاقك من الجديان للعب، وسأذهب أنا لأجزّ صوفي... وسنلتقي في المساء
-         أجل يا أمي الحبيبة سنلتقي في المساء، هذا وعد..
أجابها الجدي غير مصدّق أذنيه.. وأخيرا اقتنعت أمّه المعزاة بأنه أصبح كبيرا كفاية ويمكنه الاعتماد على نفسه... بل يمكنه اللعب طيلة النهار مع رفاقه من الجديان بعيدا عن أعين الأمهات الخائفات... ياه.. ما أجمل مذاق الحرية...
وفي نفس الوقت تقريبا، كان الجرو يخبر أمّه الذئبة بأنه أصبح يمكنه الاعتماد على نفسه لصيد فرائسه، وبأنه أقوى من كلّ أقرانه، فأجابته أمّه:
-         أجل يا حبيبي وقرّة عيني، لقد تأكدت الآن - وبعد أن شاهدت عراكك مع أقرانك الجراء - بأنّك الأقوى بينهم.. يمكنك اليوم أن تخرج للصيد، وأرجو لك حظا موفّقا.
لم يصدّق الجرو بأن أمّه اقتنعت بهذه السهولة، وهو الذي قضى الأشهر الثمانية الأولى من حياته ينتظر هذه اللحظة، لحظة الانعتاق واثبات الذات.
وهكذا خرج الجدي والجرو للمرّة الأولى ليختبروا الحياة، ويتنفسا بحرية من دون عين تراقبهم أنى تحرّكوا وصوت ينهاهم عن الابتعاد خطوة عن القطيع...
يا لها من سعادة أن أسير مع القطيع من دون أن ألتصق في أمي - حدّث الجدي نفسه - شكرا لك يا أمي... منذ اليوم لم أعد في حاجة إلى رعايتك...
يا لها من سعادة أن أقرّر متى أنقضّ على فريستي، من دون أن يكون هنالك من يقرّر نيابة عني – حدّث الجرو نفسه - شكرا لك يا أمي... منذ اليوم لم أعد في حاجة إلى نصائحك...
كان اليوم جميلا مشرقا، تتخلّله نسائم الربيع البديعة. وتنشر أكمام الزهور المتفتّحة - حديثا - في الجوّ شذا وعبقا زكيا. وتنسج زقزقة العصافير الصغيرة من ألحانها بساطا سحريا يغلّف الغابة بموسيقى تشترك في تأليفها خفقات أجنحة الفراشات الملوّنة، وطنين النحلات وهن يجمعن الرحيق.
انضم الجدي وأصحابه إلى القطيع متّبعا خطوات الراعي وهو يقودهم إلى المرعى. وانطلق الجرو في الغابة وحيدا تاركا إلى حدسه الغضّ مهمّة إيصاله إلى الفريسة. 

ما الذي سيحدث يا ترى؟ كيف سيقضي  جدينا وجرونا وقتهما؟ هل سيعودان إلى البيت في آخر النهار؟ هل سيستمتعان بمذاق الحرّية؟ كلّ هذه التفاصيل سنتعرّف عليها في الجزء الثاني من "الجدي والجرو".

هناك تعليق واحد: