الخميس، 1 مارس 2012

"محاكمة الحجرة " قصة للأطفال بقلم: ميشيل ويست، ترجمة : سعاد الياسين

محاكمة الحجرة
روايات من الشرق للأطفال
ميشيل ويست
ترجمة : سعاد الياسين
كان ياما كان في سالف العصر والأزمان :
عاش صبي صغير يدعى حسن مع جدّته الفقـيرة في قرية بعيدة . وقد ربَّـته بعد وفاة أمه .
كانت تحصل على المـال من صنع الكعك الذي تقليه بالزّيت، فيأخذه حسن إلى المدينة ويـبـيـعه في الشارع .
وذات يوم صنعت جدته ثلاثـمـئة قطعة من الكعك وضعتها فوق الورق المبلل بالزّيت داخل سلّة حملها حسن إلى المدينة وباع كلّ الكعك بسرعة كبيرة .
 وحصل على مبلغ ثلاثمئة ليرة .
وضعها في السّلة تحت الورق .
وبيــنما كان حسن عائداً إلى البيت رأى امرأة عجوزاً تحمل سلّة فواكه تعثّرت فسقطت منها السلّـة وتبعثرت الفاكهة في كل مكان .
وضع حسن سلّـته على الأرض وركض ليساعدها .
 فجمع معها الفواكه ونفضها من الغبار. ثم شكرته وعاد إلى المكان الذي وضع فيه سلّـته لكنّـه لم يرها.
تلفّت حوله ليرى السلّة في الجانب الآخر من الشّارع قرب حجرٍ كبيرٍ. 
ركض إليها مستغرباً ومدَّ يده تحت الورق المتّسخ بالزّيت ليـتـفـقّـد النقود، فلم يجدها.
بدأ يصرخ بصوتٍ عالٍ : 
نقودي .. 
نقودي ..
 لقد سُرِقت ....
 النّـجدة ... ساعدوني ..
تجـمّـع الناس حوله بسرعة ليعرفوا سبب صراخ الصبيّ حسن .
لكنّـــه ظلَّ يصرخ : 
نقودي سُرِقت ! 
شخص ما سرقها .
ماذا ستقول جدتي ؟ ! . 
إنّها فقيرة جداً ومسكينة ! ! 
ساعدني يا ألله ..
وبـيـــنما هو على تلك الحـال اقـترب منه رجل وقال له :
 إهدأ ياحسن .
 ما بك ؟
رفع حسن رأسه و الدموع تنهمر من عينيه ..
عرفه حسن، لقد كان قاضي المدينة العادل الطيّب الذي يعطف عليه دائماً .
أمسك حسن بيد القاضي قائلاً له : أرجوك .. ساعدني ياسيدي أحدهم سرق النقود التي حصلت عليها من بـيـع الكعكات التي صنعتها جدتي .
أرجوك ياسيّدي... جِدْ مَنْ أخذ النّـقود وأعدها إليَّ .
نظر القاضي في النّـاس المتجـمـهرين .
فسأل أحّدهم : هل أخذت النّقود.. نقود هذا الصبيّ الصّغير ؟. 
أجابه : لا ياسيّدي .
ثم سأل رجلاً عجوزاً : هل أخذتها أنت ؟ .
 قال العجوز : لا ياسيّدي لست أنا.
وسأل رجلاً سميناً : هل أخذت النقود ؟
 قال الرجل السمين : لا.. لم أفعل أبداً .
فأجال عينيه بين الحشد ورأى امرأة سألها : هل النقود معك ؟ 
أجابت : كلا ياسيدي .
ثم سأل رجلاً ذا أنف طويل هل أخذتها أنت ؟ 
أجاب : لا لا .. لست أنا .
وبعد أن سأل القاضي كلّ الموجودين . أشار إلى الحجر وصاح : إذاً .. هو من أخذ النقود .
فأمر الجنود بأخذ الحجر إلى المحــكمة ليحاكمه لأنه سرق نقود الصبي حسن .
دُهِشَ الناس وقالوا : نريد أن نسمع محاكمة الحجر، ونعرف ما سيقوله عندما سيسأله القاضي .
قال القاضي للناس : تستطيعون أن تأتوا وتسمعوا المحاكمة، ولكن يجب على كلّ واحد منكم أن يدفع عشرين ليرة ليحضر المحاكمة .
ذهب الصبي مع القاضي الذي أمر بوضع قدر مملوء بالماء أملم باب المحكمة .. ثم قال للناس : كلّ شخص يدخل القاعة يجب أن يضع في القدر عشرين ليرة .
اقترب من القدر يراقب وَضْع النّـقود فيه من قِبَل النّـاس المتلهِّـفين لسماع هذه المحاكمة الغريبة . 
بدأ القدر يمتلئ بالنقود .
وعندما وضع الرجل ذا الأنف الطويل عشرين ليرة في القدر، حيث كان آخر المتجمعين أمام المحكمة، صاح القاضي : أمسكوه ! وابحثوا في حقيبته التي يحملها وحتماً ستجدون ما نبحث عنه .
قال الرجل ذو الأنف الطويل : إنها نقودي أنا ، أعيدوها إلي .
فسأله حسن : صحيح ولكن كيف عرفت ذلك ؟
صاح الحاضرون : نعم .. نريد إن نعرف كيف كشفت السّارق .
قال القاضي لحسن : انظر إلى المــاء داخل القدر .
استدار القاضي إلى النّاس قائلاً : لقد وضع حسن نقوده تحت الورق في سلّـته . لقد رأيتها إنّها ملوثة بالزيت الذي علق بالنّقود . وهناك زيت في الماء . طاف الزّيت بعد أن وضع هذا الرجل العشرين ليرة في القدر .
عندها أمر القاضي رجاله بردِّ النّقود إلى حسن كما أمرهم بإعطـائه كل النّقود التي تجمّعَت في القدر .
وطلب من حسن أن يأخذها إلى جدّته . وأن يُحضر إليه من ذلك الكعك اللذيذ الذي تصنعه جدّته .
صفّق الحاضرون طويلاً للقاضي العادل ، وشكره حسن على مساعدته له وعطفه عليه .

(Tales from the Eeast)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق