السبت، 18 فبراير 2012

"حورية البحر وعشبة الحظ " قصة للأطفال بقلم: جمانة طه

حورية البحر وعشبة الحظ
جمانة طه
يحكى أنه في مكان بعيد سحيق من البحر الأحمر، يوجد خليج مرجاني اتخذته حورية البحر الصغيرة مخبئاً سرياً لكنز أتاها من عالم الإنسان، يضم علب مجوهرات وأواني فضية وأقداحاً من زجاج الكريستال الثمين.
وفي كل يوم تذهب الحورية الصغيرة إلى ذلك المخبأ، لتتفرج على ما في الكنز من قطع جميلة متنوعة.
كان طائر النورس صديقها، وكان يأتيها بين الحين والآخر بأشياء جديدة تضيفها إلى كنزها الثمين، ولم يكن هذا اليوم مستثنى من هذا الأمر.
مرحباً يا صديقي النورس، ماذا أحضرت لي؟
 بادرته الحورية بانفعال وهي تطفو على سطح البحر.
مرحباً بك. 
صرخ الطائر وهو يحط على الشط بقربها، ويقول لها:
لقد أحضرت لك اليوم أغرب عشبة رأيتها في حياتي، وأريد منك أن تحتفظي بها.
ياه، عشبة بأربع أوراق! 
صاحت الحورية بتأثر واضح.
قال طائر النورس: 
عشبة بأربع أوراق؟
 واو واو!..
ما رأيك بهذا؟ 
وماذا يعني أن تكون على هذا الشكل؟
ضحكت الحورية الصغيرة وقالتلـه مازحة:
 ألا تعرف؟ 
إنها تجلب الحظ أيها المغفل!
ثم تابعت قائلة: لقد سمعت من بعض الناس أن من يحتفظ بهذه العشبة ويعتني بها، يكون الحظ إلى جانبه.
فقال طائر النورس: في هذه الحال، عليك أن تريها لصديقيك السمكة والسرطان.
- سأفعل ذلك. 
وبسرعة البرق انزلقت الحورية الصغيرة في الماء، باحثة عن صديقيها المفضلين.
- مرحباً يا أصدقاء.
- أهلاً يا حورية.
- سأريكما الهدية الرائعة التي أحضرها لي النورس.
وقبل أن تريهما العشبة، قال السرطان:
وأنت أيضاً انتظري لتري الشيء الذي وجدته مدفوناً في الرمال.
 ورفع بيده كأساً جميلة من زجاج الكريستال.
قالت حورية البحر وهي تتناوله من يد السرطان:
يا لهذه العشبة المباركة! 
لقد بدأ تأثيرها يظهر.
سألت السمكة الصغيرة: ماذا تعني بذلك؟
أعني بذلك، الحظ الرائع الذي جلبته لي هذه الوريقات الصغيرة.
قال السرطان: حظ رائع فعلاً!
هل تعنين أنك تؤمنين بهذه السخافات؟
فقالت لـه باستغراب: وأنت، ألا تؤمن بها؟
ردّ السرطان: طبعاً لا أؤمن بها، إنها مجرد خرافات سخيفة.
ربما كان بنو الإنسان يؤمنون بقدرة هذه الورقة على جلب الحظ، أما أنا فلا أعتقد ذلك.
- إذن، كيف تفسر وجود الكأس الكريستال، بعد ضياعها؟
- إنها مجرد مصادفة.
***
لم تقتنع حورية البحر، بكلام صديقها السرطان، وبقيت على يقين من أن العشبة هي مصدر حظ لها، ومن شدة حرصها عليها وضعتها داخل كتاب.
بعد عدة أيام، أحست حورية البحر أن الحظ يبتسم لها، فقد وجدت العقد الضائع الذي فقدت الأمل باسترداده.
ووجدت ايضاً سفينة غارقة، محشوة بأنواع مختلفة من الأشياء الثمينة النادرة.
وبينما كانت حورية البحر تعزو الحظ الذي حالفها إلى العشبة ذات الوريقات الأربع، كان السرطان يردد: 
إنها مصادفة، مجرد مصادفة.
لكن الشيء الذي لم تعرفه حورية البحر ولم تتوقعه، هو أن ساحرة البحر الشريرة قد علمت بالحظ الذي صادف الحورية، وبالكنز الذي ظفرت به.
فقررت أن تفتش عن مكان العشبة، لتتلفها.
 وفي يوم ذهبت فيه حورية البحر مع أصدقائها في نزهة بعيداً عن الخليج، دخلت الساحرة إليه وأخذت الكتاب ومزقت أوراقه بيديها الغليظتين، فتناثرت بتلات العشبة وضاعت بين الأمواج.
لم تلحظ الحورية غياب الكتاب وضياع العشبة، إلا في اليوم التالي. فحزنت وبكت، واحتارت في ما تصنع.
فتشت عن الكتاب في كل مكان، فلم تجد لـه أثراً. أمسكت الكأس الكريستالي، فوقع من يدها وتناثر إلى عشرات القطع.
بكت حورية البحر، وقالت لصديقتها السمكة: 
انظري ماذا حدث.
 لقد ضاعت العشبة وضاع حظي معها.
وعلى ما يبدو، كانت حورية البحر صائبة في توقعاتها، وحظها تبدل ما بين ليلة وضحاها. 
فقد ضاعت منها حقيبة الذهب، وتهشم مزيداً من الكؤوس الثمينة الجميلة.
قلقت السمكة على صديقتها وما تعانيه من مشاعر حزينة، وقالت لنفسها:
ليتني أستطيع أن أجد لها عشبة بديلة.
خطر لها أن تصنع من أعشاب البحر، شكلاً مؤلفاً من أربع أوراق وتقدمه لصديقتها، على أنه عشبتها الضائعة.
فرحت حورية البحر كثيراً، وشكرت السمكة على معروفها.
وما هي إلا لحظات، حتى شعرت حورية البحر أن الحظ قد عاد إليها، وبفضل المفعول السحري للعشبة عثرت على بعض أشياءها الضائعة، عقد اللؤلؤ، والأزرار اللامعة، والحقيبة المملوءة بالذهب التي حاولت الساحرة الشريرة أن تحصل عليها.
أمسك السرطان بالعشبة التي أحضرتها السمكة، وعرف أنها ليست العشبة الأصلية فناولها لحورية البحر، وقال لها: 
افحصيها بنفسك، أليس فيها شيء غريب؟.
أمسكت حورية البحر العشبة وتفحصتها، ثم قالت: معك حق يا صديقي، إنها ليست نبتتي المباركة.
 ترى هل يمكنك أن تحل هذا اللغز؟
كانت السمكة قربهما تسمع ما يدور بينهما من حديث، فأحست بالخجل من فعلتها وتقدمت من حورية البحر قائلة:
أعتذر منك عن فعلتي. 
كان هدفي أن أساعدك، وأبعد الحزن عن قلبك.
اضطرب جسد الحورية انفعالاً، وقالت:
 لا أستطيع تفسير ما حصل. 
عندما ظننت أنها العشبة الأصلية، حدث كل شيء كما أريد.
أجابها السرطان: الآن بدأت تفهمين.
 فأنت عندما تؤمنين بنفسك، تحدث الأمور جيداً. ثقي يا صديقتي، ليس هناك حظ ولا عجائب.
سأل طائر النورس: هل هذا يعني أنك ستتخلصين من العشبة؟
لا، بل سأحتفظ بها لتذكرني بأن لا أتكل في إنجاز أموري على عشبة صغيرة، بل علي أن أعمل بنفسي لأحقق ما أريد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق