السبت، 14 يناير 2012

"ملك الحروف " قصة للأطفال بقلم: أحمد قرني

ملك الحروف 
أحمد قرني محمد
دق جرس المدرسة أنطلق الأطفال من فصولهم إلى فناء المدرسة يلعبون ويمرحون عدا "شادي " الذي ذهب إلى المكتبة لكي يقرأ .. أخرج كتاب القراءة وفتحه لم يكن "شادي" يحلم ولم يصدق ما رآه بعينيه وسمعه بأذنيه .. وعندما تأكد أن ما يراه حقيقة صرخ
_أين الكلمات ...؟ أين الحروف ؟!!
كانت صفحات كتاب القراءة قد صارت بيضاء تماما لا توجد بها جمل ولا كلمات ولا حروف سمع "شادي" صوت أنين وبكاء وصل إلى سمعه .. راح يقلب الصفحات .. وحين رأى حرف "الألف" وحيدا يبكي وقد بدا عليه الإرهاق والتعب .. تعجب .. واخذ يطمأنه حتى يعرف ما حدث .. لكن " الألف" ظل يبكي رغم محولات "شادي" والحكاية تبدأ ... حين نهض حرف "النون" ذات صباح بعد أن أغلق الأولاد كتبهم وانصرفوا إلى اللعب حيث البهجة والمرح .. نظر "النون" إلى بقية الحروف ثم وضع النظارة على عينيه وأخذ يفكر وحين رأته "الدال" اندهشت وتركت لعبة كانت في يدها ..سارت ناحية "النون" .. لكنه لم يدرك أن "الدال " اقتربت منه إلا حين صاحت:
_ ها..ها بما ذا تفكر ..؟ ماذا يشغلك عن اللعب يا صديقي "النون" ؟
رفع النظارة من على عينيه وقال بلهجة حادة:
_ أفكر في أمر هذه الحروف
_ كيف أنا لا أفهمك ؟
_ أسمعي يا صديقتي "الدال" لماذا لا يكون لنا ملك مثل البشر
وهنا ضحكت" الدال" حتى رأت ملامح الغضب على وجه "النون" ثم عادت وقالت:
_ عندك حق .. يجب أن يكون لنا ملك مثل البشر .. ومثل الحيوانات أيضاً أليس الأسد هو ملك الغابة ؟

أبتسم "النون" حين سمع ذلك من "الدال" وقال :
- ما دام الأمر كذلك هيا بنا نذهب إلى بقية الحروف نعرض الأمر عليهم ...
حين اجتمعت الحروف وسمعت ما قاله "النون" صمت الجميع حتى تكلم حرف "العين":
_ أنها فكرة جيدة ولكن من هو ملك الحروف ؟
ساد الصمت المكان ولم يتحرك أحد حتى اندهش الجميع وحينها تقدم "الألف" وقال: _أنا ..أنا "الألف" أستحق أن أكون ملك الحروف
تطلع حرف" السين" إليه وقال في دهشة:
_ ولماذا تكون أنت أيها "الألف" ملكا علينا ؟ لماذا لا يكون أي حرف آخر .كلنا متساوون
رضيت الحروف بكلام "السين" وهللت تعبيراً عن الموافقة ألا أن "الألف" رد في ثقة:
_لأنني لست كبقية الحروف ..كما تروني ..أنا ظهري مستقيم .ولست معوجا مثل الياء أو مقوسا مثل العين
غضبت" الياء والعين" من كلم "الألف" وحينها قالت "الباء" :
_إذا كان كلمك صحيحا فهذه هي" اللام "مثلك ..ظهرها مستقيم فلها الحق أن تكون ملكا علينا
_ضحك "الألف" حتى ظهرت أسنانه وقد بدا مستهينا بكلام "الباء "
_ اللام يا عزيزتي" الباء "لديها مشكلة أنها لا تنطق ألا إذا كانت لاما قمرية أما إذا كانت لاماً شمسية فهي لا تهمل ولا تنطق فهل تصلح بذلك أن تكون ملكا
وهنا غضب" اللام "ورجع إلى أخر صف وصرخت الفاء التي كانت ترتدي حذاءً جديداً :
_لا يصح أن نختار الملك بناء علي شكله فالمرء لا يعيبه الشكل المهم هو المضمون
رد "الألف" بسرعة :
_عندك حق أيتها" الفاء" فانا أعتذر لزملائي الحروف عما قلته في حقهم
ثم أكمل الألف حديثه بعدما أحس بأن الحروف الغاضبة قد هدأت:

_إذا كنت قد قلت إن ظهري مستقيماً ..فهذا ليس كل شيء فانا لي شرف عظيم وقد ر رفيع
نهضت العين وكانت جالسة هناك بجوار الضاد وسارت في هدوء حتى وصلت إلى "الألف" وقالت :
_ كيف يا حرف "الألف" أرجو أن تعلمنا ؟
قال "الألف "وكله ثقة :
_ ألا ترون لفظ الجلالة ("الله" )؟
وهنا أجابت الحروف كلها في خشوع :
_بلى (" الله سبحانه وتعالى") خالقنا وخالق كل شيء
_انظروا هذا الحرف الذي يبدأ به لفظ الجلالة ,ستجدونه أنا ..حرف الألف إن هذا شرف ما بعده شرف ومنزله عظيمة
عندما سمعت الحروف ذلك لم يتحرك أحدا منهم ولولا " الميم "التي ابتسمت وصعدت مسرعة إلى أعلى سطر في الصفحة وقالت في تحد وهي تنظر إلى الألف:
_ إذا كان الأمر كذلك فانا أيضا لي الشرف والمنزلة الرفيعة
تعجب الألف من قول الميم وثقتها بنفسها إلى أن تحركت الميم وحينها زال التعجب حين قالت :
_ أنت نسيت أمرا هاما أيها الألف أن أسم خاتم النبيين والمرسلين وأفضل خلق الله وهو رسولنا "محمدٌ" ....
قالت العين في فرح وسعادة :
_ أن أسمهُ يبدأ بحرف " الميم "
وأخذت العين تتهجى .م .ح .م .د . فرحة بها وأعادت نطقها مرتين وأكملت "الميم " حديثها :
_ وهذا شرف ما بعده شرف ومنزلة رفيعة تجعلني أستحق أن أكون ملك الحروف وهنا وقفت الجيم وقالت:
_ عندك حق
كان الألف قد فوجئ بكلام " الميم "وظل صامتا وهو يفكر كيف يرد عليها ؟
وقد أكملت "الجيم ":
_ أنا سعيدة لان كل من يجد في نفسه ميزة ..يعرضها حتى تختار الحروف ملكها بكل حرية
ظنت الحروف أن الألف ليس عنده أي رد ألا انه فاجأ الجميع وقال :
_طبعا ما قلته "الميم " هو شرف لها ما بعده شرف أن يبدأ بها أسم سيد الخلــــــــق (محمد صلى الله عليه وسلم ) .. ولكن ما لا تعرفه إنني قد سبقتها إلى هذا الشرف من قبل ..
حينها صرخت الميم في غضب:
_كيف تسبقني إلى هذا الشرف أنا لا افهم ؟
كان "الألف" واثقا من نفسه . نظر إلى الحروف التي كانت في إشتياق إلى حديثه وقال :
_ اعرف أنكم يا أصدقائي الحروف تقرأ ون القرآن العظيم كلام الله تعالى وقرأتم الآية الكريمة التي يبشر فيها سيدنا المسيح عليه السلام بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) وفيها يقول الله تعالى "بسم الله الرحمن الرحيم " (ومبشراً برسول يأتي من بعدي أسمه " أحمد ".)
صدق الله العظيم وهي في سورة " الصف "وهذا يعني أن الرسول اسمه " أحمد" يبدأ كما ترون بي .. بحرف "الألف "
وهنا صاحت " الراء" :
_عندك حق فأنت تشارك" الميم "هذا الشرف بل أنت قد سبقتها إليه ..
"الميم " جلست ولم تتحرك بعد أن رأت بنفسها كيف إن الحروف قد اقتنعت بكلام الألف واخذ الألف يواصل حديثة:
_ هل يعرف أحدكم من هو أمير الشعراء ؟

ردت "الدال" في سرعة :
_نعم انه " أحمد شوقي" واسمه" أحمد" ويبدأ بحرف "الألف"
أدرك أكثر الحروف أن "الألف" هو من أقوى المرشحين لان يكون ملك الحروف ..تحرك "الألف" بين السطور محاولا إقناع بقية الحروف .. وحينها طرح السؤال التالي:
_ يا أصدقائي ما أهم ما يميز الملك ويجعله ملكا ؟
قالت "الجيم" بهدوء:
_ انه التاج الذي يضعه الملك فوه رأسه
ابتسم "الألف" وشكر الجيم" على معلومتها الكثيرة التي تجعلها تجيب عن الأسئلة ثم نظر إلى الحروف وقال:
_ هل تردون على راس ملك الحروف تاجا مثله في ذلك مثل بقية الملوك ؟
وهنا ردت الحروف جميعا وفي صوت واحد:
_ نعم نريد أن نكون لملك الحروف تاج مثله مثل بقيه الملوك ..
"السين"اخترقت الصفوف سريعا ... وقالت وهي حزينة :
_هذا ما معناه انه لا يوجد من بين الحروف من يصلح أن يكون ملكا لأنه لا يوجد حرف منا لديه تاج
ضحك " الألف " وقال في ثقة:
_أنا الوحيد من بينكم جميعا من يملك تاج الملك .. انظروا جميعا فوق راسي ودققوا النظر ستجدون التاج فوق راسي
ورد حرف" النون" فرحا:
_نعم ...أراها أنها الهمزة تاج الملك .. أنت ملك الحروف
تهللت الحروف جميعا وفرحوا واخذوا يهدفون باسمه .. سعداء بان "الألف" قد صار ملك الحروف وظلوا طوال الليل مبتهجين ينشدون الأناشيد ويدقون الدفوف ويغنون ويرقصون بعد أن أصبح لهم ملك مثل كل الكائنات ومرت الأيام والحروف تعمل بجد ونشاط سعيدة بملكها وهي تسمع أوامره وتنفذها وتطيعه في كل شيء
وهنا تعجب "شادي" وقال "للألف" ملك الحروف :
_ وما الذي حدث ؟وأين ذهبت الحروف ؟
بكى الألف وهو يروي ل "شادي" ما حدث :
_هل تذكر يا " شادي " بالأمس حين طلبت منك المعلمة "فاطمة " في حصة الإملاء أن تكتب الجملة الآتية " أنا أحبُّ أبي وأمي"
رد " شادي ":
_ نعم أذكر ذلك وقد كتبتها هكذا "انا احب ابي وامي"
_ انظر لقد أخطأت يا شادي ونسيت أن تضع الهمزة فوق رأسي
احمر وجه " شادي " من الخجل وقال :
_ عندك حق لقد نسيت أن أضع الهمزة
_أن الهمزة كما حكيت لك منذ قليل هي تاجي وتاج الملك .....
_ أتعرف ماذا فعلت الحروف حين رأوني هكذا دون همزة ضحكوا وسخروا مني
قالت الحروف في صوت واحد:
_ "الألف" ملك الحروف بلا تاج ... أنت لا تصلح بعد الآن أن تكون ملك الحروف
_ وحين استيقظت هذا الصباح لم أجد الحروف تركوني ورحلوا
***
دخلت الأستاذة " فاطمة " مدرسة اللغة العربية إلى المكتبة وقد عرفت كل ما حدث وحينها نظرت إلى "شادي" وقالت :
_ انظر يا "شادي " إن الخطأ في الإملاء كان السبب في كل ما حدث " للألف" ملك الحروف
رد شادي في حزن :
_ كان خطأ بسيطا ولم أقصد ذلك

_ لا يا شادي " لا يجب أن نخطأ في كتابة لغتنا ... أنها تعبر عن ديننا وثقافتنا وتاريخنا وبدونها نضيع بين الأمم ولا تكون لنا قيمة .. يجب أن نحافظ عليها ونتعلمها بإتقان
_ أنا اعتذر ولن افعل ذلك أبدا وسوف أتعلم اللغة العربية بكل جد واجتهاد من الآن
_ لا يكفي الاعتذار يا "شادي " يجب أن تساعد "الألف" لأنك السبب فيما حدث له
_ كيف أيتها المعلمة ؟
_ تعيد كتابة الجملة بشكل صحيح
فرح "الألف " بذلك وقال :
وهلا ستعودُ إلىّ الحروفُ ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق