الأَرْنَبُ الَّذي لَمْ يُعْجِبْهُ اسْمُهُ
خالد جمعة
حُلْمٌ واحِدٌ كانَ يدورُ في رأسِ الأرْنبِ الصَّغيرْ، وسَبَبٌ واحِدٌ أيضاً لهذا الحُلْمْ، أما الحُلمُ، فكانَ رغبَتَهُ الشديدَةُ في أن يكبُرَ في دقيقةْ واحِدةْ، وأما السَّبَبْ فكانَ أنَّهُ لم يكُنْ يُحِبُّ ما يناديهِ بهِ الأطفالُ الذينَ يزورونَ حديقةَ الحيوانِ يوميَّاً: الخَوَرْنَقْ.
بَدَأت الحِكايةْ بعدَ أن وُلِدَ بيومَينْ فقط، فقد أهدى أصحابُ الحديقةِ بقيَّةَ أخوَتِهِ الذين وُلِدوا معَهُ إلى حديقةِ حيوانٍ أخرى، بسبب كثرة الأرانبِ في الحديقةْ، وبعدَها قرَّرَ أصحابُ الحديقةِ أن يجعلوهُ يخرجُ من العلبةِ الكبيرةِ التي كان يسكُنُ فيها مع أمِّهِ، إلى القفصِ الكبيرِ لكي يُشاهِدُهُ الأولادْ، طمأنَتْهُ أمُّهُ، قالتْ لهُ إنَّ الخروجَ جميلٌ، لأنَّ الأولاد لطيفون وسيقدِّمونَ لهُ الجَزَرَ والخسَّ ويلعبونَ معَهُ، فهم يحبُّونَ الأرانبَ الصَّغيرةْ.
أولُ مجموعةٍ من الأولادِ جاءتْ لتتفرَّجَ عليه، كانَ يُرافِقُهُم شخصٌ كبيرٌ يناديهِ الأولادُ "أُستاذ" وكانَ واضحاً أنَّ الأستاذ هو من يقودُهُم، وكانوا يسمعونَ كلامَهُ.
كانَ الأرنَبُ الصغيرُ يشعرُ بالسعادةِ، فكلُّ شيءٍ جميلٌ كما قالت له أمُّهُ بالضبط، وكان سعيداً بشكلٍ خاص حينَ سمعَ الفتاةَ الصغيرةَ التي ليس لها أسنان في مقدِّمَةِ فمِها وهي تقول: [أرنب ثغير] وهي تقصد بالطبع أرنبٌ صغير.
لكن الأستاذ نظرَ إليها وقالَ مصحِّحَاً كلماتِها: حين يكونُ كبيراً نسميهِ أرنباً، أما حين يكون صغيراً فإنَّ اسمُهُ خَوَرْنَقْ، وهنا ضحِكَ الأطفالُ وصاروا يردِّدونَ الكلمةَ من وراء ظهرِ المدرِّسْ، وكلما رددوها ازداد غيظ الأرنب الصغير، حتى وصلَ به الأمرُ إلى حدِّ البكاء، وما أن انتهى ميعادُ زياراتِ الحديقةِ حتى جرى إلى حضنِ أمِّهِ وهو يبكي، ويحكي لها عمّا فعلَهُ الأولادْ، وأنَّهُ يكرهُ أن يكونَ اسمهُ خَوَرْنَقْ ويفضِّلُ عليه اسم الأرنب الصغير كما كانت تحكيه تلك الفتاة.
حاولتْ أمُّهُ أن تواسيهُ، وقالت: غداً ستكبُرُ وينادونَكَ بالأرنبْ، كل ما عليك هو أن تنتظرَ حتى تكبُرْ.
لكنَّ ذلكَ لم يُقنِع الأرنب الصغير، فهو لن ينتظرَ حتى يكبُرَ وهو يسمعُ عشراتِ الأطفالِ ينادونَهُ كلّ يوم خَوَرْنَق، فهذا النداء كان يخنُقُهُ لدرجةِ أنَّهُ تمنّى لو وُلِدَ بغيرِ أُذُنين، كي لا يسمعَ هذا الإسم.
في اليوم التالي، أخذَ الأرنبُ الصغيرُ بيتَ سلحفاةٍ قديم، ووضعَهُ على ظهره قبلَ أن يخرُجْ، لكن الأولادَ صاروا يقولون: أنظروا، خَوَرْنَق يضعُ بيتَ سلحفاة، وحين وضع ورقةَ خسٍّ على رأسِهِ كي لا يعرِفوه، قالوا أيضاً: أولُ مرَّةٍ نرى خَوَرْنَقاً يرتدي قبّعَةَ خس، وهكذا كلّما وضع شيئاً كي يتنكَّرَ، يكشِفُهُ الأولادْ.
كان يتمنّى لو أنَّهُ يستطيعُ الكلامَ لكي يُخبِرُهُم أنّهُ لا يحبُّ هذا الإسم، وهم يبدونَ لطيفين، ولكنَّهُمْ لا يفهمونَ كلامَهُ، بل لا يسمعونَهُ أصلاً.
ولكنَّ الأرنبَ الصغيرَ خطرَتْ لهُ فكرةٌ رائعةْ، فمَنْ قالَ إنَّ المشاعرَ تصلُ فقطْ بالكلماتْ؟ لذلكَ فقدْ قرَّرَ أن يوصِلَ مشاعِرَهُ بطريقةٍ أخرى.
في الصباحِ التالي، خرجَ الأرنبُ الصغيرُ سعيداً، وصارَ يستجيبُ لمداعباتِ الأطفالْ، وكلَّما قالَ أحدُ الأطفالِ كلمةَ خَوَرْنَقْ، أدارَ ظهرَهُ ووضع رأسَهُ بين قائمتيه الأماميتين، وكلما قالَ ولدٌ كلمةَ أرنب صغير، كان يعودُ للَّعبِ معهم، وبعدَ أن كرَّرَ الأرنبُ هذه الحركة عشر مرات، انتبه أحدُ الأولادْ إلى الأمرْ، وقال: يبدو أن الأرنب الصغير لا يحبُّ كلمةَ خَوَرْنَق، ولكي يؤكِّدَ للأولادِ أنَّهُ على حقّْ، صارَ يردِّدُ الكلمة، فيستديرُ الأرنبُ ويضعُ رأسَهُ بين قائمتيه الأماميتين، وعندما يقولُ الأرنبُ الصغير، يعودُ الأرنبُ يقفزُ وهو سعيد، لقد نجحَتْ خطَّةَ الأرنب.
وقبلَ أن ينصرِفَ الأولادُ من الحديقةْ، تأخَّرَ الولدُ الذي اكتشفَ أمرَ الأرنب الصغير، وابتسمَ، وأخرجَ من جيبِهِ طبشورةً واتجه إلى لوحةٍ معلقةٍ على بابِ القفص، وخربش عليها، ثم لوّحَ للأرنب الصغيرِ بيدِهِ وغادرَ مع أصدقائه.
في الحقيقة، أن ما فَعَلَهُ الوَلَدُ هو أنَّهُ شطبَ كلمة خَوَرْنَقْ التي كانت مكتوبة على اللوحة، وكَتَبَ فوقَها: أرنبٌ صغير.
this websitevisit their website great post to readvisit click siteclick here to find out more
ردحذفsites Dolabuy Dior vérifier ma source jetez un œil ici ce contenu répliques de sacs ysl
ردحذف