الاثنين، 17 أكتوبر 2011

"الكلمة الطيبة " قصة للأطفال بقلم مصطفى نصر

الكلمة الطيبة
 مصطفى نصر

استطعت أن افتتح صيدلية فى حينا. لقد دفعت أمى مبلغا كبيرا؛ مساهمة منها فى افتتاحها, كانت تقتطع من معاشها القليل؛ جزءا كل شهر, لكى تفاجئنى بهذه الهدية.

أعطيت للصيدلية كل وقتي واهتمامي, كنت أقضى بها معظم الوقت, خاصة أنها قريبة من بيتى, وكانت تزورنى أمى فيها, تجلس فى الداخل تتابعنى وأنا أصرف الأدوية للزبائن. فأننى وهى نعيش فى الشقة وحدنا؛ بعد أن مات والدى قبل أن أكمل تعليمى, فضحت أمى بكل شيء لكى أحصل على شهادتى.

***
لاحظت أمى أنى حزين هذه الأيام, أفكر طوال الوقت فسألتنى وهى جالسة فى مكانها بالصيدلية:
- ماذا بك ؟
- لا شيء.
لكنها ألحت فحكيت لها عما يضايقنى:
- تعرفين الدكتور صبرى عبد العزيز ؟
- إنه صاحب أقدم صيدلية فى الحى.
- لقد ساءه أن أفتتح صيدلية قريبة منه وأنافسه, فأخذ يردد لكل من يقابله بأننى قليل الخبرة فى تحضير الأدوية, ولا أبيع إلا الأدوية الأقل فائدة.
تابعت أمى بلاط الصيدلية الكبير العارى للحظات, حتى ظننتها صرفت النظر عن الموضوع الذى أحكيه لها, لكنها قالت:
- وماذا ستفعل ؟
- أفكر فى أن أقيم دعوى قضائية ضده.
قالت فى هدوء شديد:
- لا داعى لهذا وابدأ بالحسنى.
- لكن........
- طاوعنى, هذا هو الحل.
فى اليوم التالى جاءت امرأة – من الحى – لتصرف الدواء, وبينما كنت أعده لها, قالت:
- الدكتور صبرى يذكرك بالسوء.
عدت ممسكا بعلبة الدواء وقلت مبتسما:
- دكتور صبرى من أبرع الصيادلة فى البلد كلها, وكان أملى أن أكون مثله.
نظرت المرأة إلىّ ولم ترد.
وعندما جاء رجل آخر وأخبرنى أن الدكتور صبرى يذكرنى بالسوء؛ قلت:
- لا شك أن هناك خطأ فى الأمر, فهو رجل مهذب, وأنا أتعلم منه.
وقلت لآخر:
- لقد التحقت بكلية الصيدلة من شدة أعجابى به.
وفوجئت بالدكتور صبرى وهو يدخل صيدليتى مبتسما, شد على يدى قائلا:
- أنا آسف يا ابنى.

فشددته لصدرى وقبلته, ودعوته لشرب الشاى معى, فقال:
- إننى مستعد لأى خدمة لك.
وكان يتصل بى تليفونيا ليسألنى عن دواء غير موجود بصيدليته, فإذا كان موجودا عندى يرسل طالبه لأخذه منى, وأوصى شركات الأدوية لكى تتعاون معى قائلا لهم: إنه شاب مكافح, وفى حاجة للمساعدة.
وفى أمسيات كثيرة يأتى مع العديد من أصحاب المحلات فى المنطقة ليكملوا السهرة أمام صيدليتى.
حكيت لأمى عما حدث, فقالت: الكلمة الطيبة تفعل السحر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق