الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

"فريديريك" قصة مترجمة للأطفال بقلم وريشة ليو ليوني

فريديريك 
ليو ليوني *
 ترجمة : نهاد ويشو
إهداء من المترجم: إلى تركي عامر*

 على أطراف مرج كان هناك سور قديم من الحجاره
وبين حجارة هذا السور القريب من هَرِيْ فيه سقيفة لتخزين الحبوب , استقرت عائلة سعيدة مكونة من خمس من فئران الحقول .
لكن المزارعين هجروا الهَرِيْ و السقيفه الخاليه...ومع اقتراب الشتاء بدأت الفئران بجمع حبوب الذره والقمح والبندق والقش.
كان الكل يعمل ليلا نهارا, باستثناء فريديريك...
فسأله الفئران الأربعه قائلين: "فريديريك , لماذا لا تعمل ؟ " 
فاجابهم قائلاً : " لكنني أعمل, أخزن شمساً "للشتاء , عندما سيبرد الطقس ويعتم ." وعندما رأوه مرة جالسا يحدق في المرج سألوه : 
" والآن ماذا تفعل ؟ " 
فرد عليهم ببساطه فائلا:
"أخزن ألوانا للشتاء الرمادي." 
وفي أحد الأيام بدا فريديريك وكأنه شبه نائم , فسألوه بلهجة مؤنبه إن كان يحلم , فرد قائلا :" لا ...أنا أخزن كلمات..لأن الشتاء سيكون طويلا ولن نجد ما نقوله لبعضنا . " 
وجاء الشتاء. 
ومع سقوط الثلوج الأولى التجأ الفئران بين حجارة السور. 
في البداية كان لديهم ما يأكلونه , وقصص عن ثعالب غبيه وقطط شريرة ضخمة ليتسلوا بها...كانوا سعداء...ولكن رويدا رويدا أكلوا كل ما لديهم ولم يعد لديهم رغبة بالثرثرة والحديث....
عندها تذكروا ما قاله لهم فريديريك عن الشمس والألوان والكلمات...فقالوا له: " وأين مؤونتك يا فريديريك ؟ " 
فتسلق فريديريك صخرة عاليه وقال: " أغمضوا عيونكم ...والآن سارسل لكم شعاعات شمس..هل تحسون كم هي ذهبية ودافئة وناعمه ؟" 
وبينما كان فريديريك يقول ذلك بدأت الفئران الأربعة تشعر بالدفء .
أكان ذلك صوت فريديريك , أم سحراً ؟
فسألوه بقلقٍ قائلين : " والألوان يا فريديريك ؟"
فرد عليهم قائلا : " أغمضوا عيونكم . " 
وعندما بدأ يحدثهم عن زهور الهضاب الزرقاء و الشقائق الحمراء وسط حقل قمح أصفر , وعن أوراق الدغلة الخضراء الصغيرة , بدأوا يرون الألوان بوضوح وكأنها مرسومة في مخيلتهم ...
فسألوه من جديد قائلين : " والكلمات يا قريديريك ؟"
فتنحنح فريديريك, وصمت قليلا ثم قال وكأنه وراء منصة:
من يثلج ؟ 
من يمطر ؟
من يبعث الخضار في المروج ؟
من يعطّر التبن والحشيش ؟ 
ومن يهز السنابل ؟
من يزهر البرسيم ويدفع النحل للطنين ؟
من يشعل قنديل القمر ووهج الشمس ؟
أربعة فئران بوبرها اللازوردي
تنثر علينا كلنا هبات السنة
فأر الربيع الذي يزخ بالأمطار
فأر الصيف الذي يبعث السحر بالمروج والسياجات
فأر الخريف الذي ينثر الفواكه والثمار
وفأر الشتاء المحمل بالذكريات والوعود
يا سحرة السعادة والرغد , فئران الفصول الربعه
اسهروا كلكم علينا , لاتناموا
"أترانا كنا أكثر سعادة لو كنتم ثلاثة فقط ؟
وعندما انتهى فريديريك صفق الجميع له قائلين:
"فريديريك , أنت شاعر فعلا!!!!"
فاحمرت خدود فريديريك خجلا , وحياهم بانحناءة وقال بتواضع :
نعم , أعرف ذلك "
 ــــــــــــــــــــــــــــــ

*ليو ليوني رسام وكاتب ايطالي رائع مختص بكتابة ورسم قصص للأطفال ...قصة ترجمتها خصيصا لإهدائها للأخ والصديق والشاعر الفريد تركي عامر,عربونَ شكر ومحبة واحترام له على عطائه--------------------------------------------------------------------
*تركي عامر: شاعر فلسطيني جليل من جليل الأرض المحتلة .. له عدة كتب بالعربية والانكليزية والعبرية.
نهاد ويشو: فنان تشكيلي سوري من حلب الشهباء يقيم في فرنسا له العديد من النشاطات الفنية والفكرية والثقافية.
--------------------------------------------------------------------


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق