الخميس، 6 أكتوبر 2011

"أبو النوم" قصة للأطفال بقلم محسن يونس

أبو النوم
( تحكى للمعرفة العلمية)
محسن يونس
أطلقنا عليه لقب " أبو النوم " ، وكان يبتسم ولا يغضب ..
هل كان سعيدا ، وهو يبدو نائما أثناء إنصاتنا لشرح معلمنا للدرس ؟!
لقد حاولنا أن نوقعه فى الحرج ، كنا ننبه المعلم إليه ، وهو مغمض العينين ، مائلا برأسه ، وكان معلمنا يندفع نحوه ، ويهزه ، ويلقى عليه بسؤاله الذى لم يتغير أبدا : " ماذا كنت أقول ؟ .. أتعرف ؟ ..
العجيب والمدهش أن زميلنا كان يبتسم أيضا ، وهو يردد آخر مقطع من كلام المعلم تاما غير منقوص ، وكأنه كان ينصت منتبها فاتحا عينيه مثلنا !!
كان فى بيتنا قط لم أره فى صحو أبدا ، وكنت أحاول إغراءه بوضع سمكة قرب أنفه ، أو قطعة لحم ، وكان أبى يضحك قائلا لى : لن تفلح معه .. إنك تحاول تغيير الطبيعة بمؤثر خارجي ضعيف .. ومع ذلك أعتقد أن القط مستيقظ ، وأنت لا ترى ذلك .
كنت ألتفت نحو أبى فى دهشة ، وأصيح : إنه نائم على الدوام .. كيف يكون مستيقظا ؟!
يقترب أبى منى ، ويضع ذراعه حول كتفى وهو يقول : ربما ينام دماغه بينما يظل جسمه مستيقظا .. انظر ..
أشار أبى إلى قطنا يهش ذبابة وقفت على بوزه ، وكان يغط فى نومه مسترخيا!!
صحت : إنه نائم ، ومع ذلك يهش الذبابة ؟!
أكمل أبى حديثه : إن هذا يحدث لبعض الجنود المتعبين ، يستطيعون السير على أقدامهم بينما تكون أدمغتهم نائمة ..
كنت قد انشغلت أكثر بحكاية النوم ، أريد أن أعرف لماذا ننام ؟
لاحظ خالي أثناء زيارته لنا شرود ذهني ، فقال لي : خيرا أراك مشغول البال ؟ قلت له :
- ما هو النوم يا خالي ؟
ابتسم خالي ، وهو ينظر لى مدة ، ثم قال : أهذا ما يشغلك ؟ عموما النوم هو فترة تتميز بعدم النشاط في الإدراك والشعور ..
قلت : أعرف .. أعرف .. ولكن لماذا ؟!
أكمل خالي : ليعوض جسمنا ما فقده من طاقة ..
سكت خالي لأن شقيقتي الصغرى تصرخ ، وتقفز لأعلى ، وقطنا الكسول يموء ، ويقفز مثلها محاولا إمساك كرة صغيرة في يدها ، تقربها منه ثم ترفع يدها عاليا، قلت : سبحان الله !! ما الذي جعله الآن مستيقظا ، وفى هذه الحالة من النشاط ؟!
جاء أبى وسمع جملتي الأخيرة ، فقال : لقد حصل على قسط من الراحة أثناء نومه ، وعوض الطاقة التى فقدت منه ..
ذهبت إلى حجرتي لأضع حلولا لواجباتي المدرسية التى كلفنى بها المعلمون ، ولكن ظل السؤال يؤرقني ، قلت لنفسي : أنا لم أرتو .. يظل السؤال كما هو ..
كنت أسمع حديث أبى مع خالي ، وأحيانا يأتى صوت أمى تشاركهما الحديث .. حينما عن لى هذا السؤال : " ماذا يحدث لى أثناء نومى ؟ " كنت كمن وقع على كنز .. سوف أجعل خالي يحك جلدة رأسه ، سوف يتشاغل أبى كأنه لم يسمع السؤال .. أما أمي فهي التى سوف تقول لى بلا تردد : " لا تنظر نحوى .. أنا لا أعرف .. "
وقد خاب توقعى ..
حينما خرجت إليهم ، وأنا أصيح : قلتم لى أن النوم هو فترة تتميز بعدم الإدراك والشعور ..
هزوا رؤوسهم ..
قلت منتصرا : ولكنى لاحظت شقيقتى تتقلب فى نومها كثيرا ، وتهرش أيضا .. و ..
بعد أن هدأ ضحكهم قالت أمى : أنت تفعل أيضا فى نومك ما تفعله شقيقتك .. كلنا نفعل ذلك..
رفعت صوتى وأنا غير مصدق ورافضا لما تقول : أنا ؟!
تدخل خالى مربتا على كتفى : لا تنزعج .. كلنا نفعل ذلك ..
عرفت أن جسمنا يقوم بكثير من الحركة خلال نوم الليل ، فنحن نتقلب من جنب إلى جنب ، ويمكن أن نحرك جزءا من الجسم .. قال أبى : بعضنا كثير الحركة ، والبعض قليل الحركة فى رقاده ..
تساءلت شقيقتي : لماذا يا خالي ؟
أجبت أنا قبل أن يجيب خالي : ذلك لابد أنه يتوقف على مدى التعب ودرجة الحرارة ، وماذا أكلنا اليوم .. أليس كذلك ؟
صاحوا : جيد .. هذا صحيح .. أضف إلى ذلك حجم القلق الذى اصطحبناه معنا عندما آوينا إلى فراشنا ..
قلت وأنا واثق من كم معلوماتى الآن : عندما نكون مستيقظين فإن رد فعل كل واحد منا يكون مختلفا بالنسبة إلى الأحداث الخارجية .. رفع خالى يده ، وهو يقول : أما فى النوم فإننا نتصرف جميعا بالطريقة نفسها ، بالنسبة إلى مختلف الرسائل التى نتلقاها عبر حواسنا..
لاحظت أثناء ذلك أن شقيقتي قد راحت فى النوم ، وهى تحتضن قطنا ، أشرت إليهما ، فتعالت ضحكات أبى وأمي وخالي ، وأنا أقول : لابد أنهما يحلمان نفس الأحلام ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق