الاثنين، 26 سبتمبر 2011

"عقوق الوالدين" مسرحية للأطفال بقلم عبدالكريم وحمان

عقوق الوالدين

عبدالكريم وحمان*

المشهد الأول
في بيت
الأم ( تنادي ) : محمود .... محمود .... تعالى أرجوك يا بني..
محمود ( يظهر . يتأفف ) : أأأأوف.... ماذا تريدين يا ماما ؟
الأم : أرجوك يا بني أن تذهب إلى الجزار و تحضر لي نصف كيلو لحم.
محمود : لن أذهب .... اذهبي أنت إذا أردت أن تشتري شيئا.
الأم : و لماذا لا تذهب يا بني ؟ تعرف أنني مشغولة بتجهيز الطعام و غسل ملابسك التي قمت بتوسيخها بعد أن لعبت في الوحل.
محمود : أأأوف .... أنا ليس لدي الوقت للذهاب إلى الجزار .... فقد وعدت صديقي يوسف أن ألعب معه.
الأم : رضي الله عنك يا بني . أجلب لي اللحم و اذهب أينما شئت مع صديقك يوسف.
محمود : لقد أخبرتك أنني لن أذهب. .... لن أذهب
يدخل الأب
الأب : ما بك يا أم محمود ؟ ما كل هذا الصراخ ؟ ماذا هناك ؟
الأم : لقد طلبت من محمود أن يشتري لي نصف كيلو لحم من عند الجزار و لكنه أصر على الخروج مع صديقه يوسف للعب .
الأب : أرجوك يا بني ، اصغ لأمك و لا تكن عاقا.
محمود : أنا أريد أن ألعب ، لا أن أصبح خادما كلما احتجتم لشيء ناديتم علي.
الأب : اقترح عليك شيئا يا محمود : إذا اشتريت اللحم لأمك أعطيك درهما لتشتري شوكولاطة.
محمود : شكولاطة ؟ لقد كبرت على الشوكولاطة يا أبي . اعطني خمسة دراهم لألعب ألعاب الفيديو إذا أردت أن أجلب لأمي اللحم.
الأم : لا فائدة من هذا الولد العاق يا أبا محمود.... سوف أذهب بنفسي لشراء اللحم.
محمود : أبي ، ألن تعطيني خمسة دراهم لأشتري لأمي اللحم ؟
الأب : لن أعطيك شيئا . اذهب و العب مع صديقك .... أطلب فقط من الله العلي القدير أن يهديك و يصلحك. ( يلتفت للأم ) سوف أذهب لشراء اللحم . لا داعي أن تتعبي نفسك يا زوجتي.
محمود ( يهز منكبيه ) : لو أعطيتني خمسة دراهم لأرحتك من مشقة هذا المشوار.
يخرج محمود من يسار المسرح و الأب و الأم من يمين المسرح .

المشهد الثاني
في الشارع
محمود و صديقه يوسف .
يوسف : لقد أعطاني أبي خمسة دراهم ... سوف أذهب لألعب لعبة الفيديو. ألن تأتي معي؟
محمود : لقد رفض والدي أن يعطيني المال .
يوسف : أما أنا ، فقد أعطاني أبي عشرة دراهم قائلا أنني ولد صالح أستمع لقوله و أنفذ أوامره و لا أتأخر في العودة للبيت.
محمود : أما أنا ، فليس لدي الوقت لمساعدة والدي.... أنا ما زلت صغيرا و لن أشقى منذ الآن . إذا أراد والداي شيئا فليعتمدا على نفسيهما.
يوسف : و لكن ، ألم تستمع إلى المعلم في المدرسة و الذي قال لنا أنه واجب علينا أن نطيع والدينا و أن نسعى لراحتهما؟
محمود : والداي لا يزالان بصحة جيدة و يستطيعان الاعتماد على نفسيهما.
تظهر فتاة في ملابس متسخة . الفتاة تبدو كمتشردة
الفتاة ( تتوجه بالحديث إلى محمود ) : أرجوك أيها الولد أن تجلب لي كأس ماء..... فأنا عطشانة و أكاد أهلك.
محمود ( ينظر إلى الفتاة باحتقار ) : أغربي عن وجهي أيتها المتشردة التي ترتدي ملابس متسخة.... هيا أغربي عن وجهي قبل أن أرجمك بالحجارة.
يوسف ( يخاطب محمود ) : توقف عن هذا الكلام الغير مؤدب يا محمود . ( يلتفت إلى الشابة ) سوف أجلب لك كأس ماء ...... هل تريدين خبزا أيضا ؟ هل أنت جائعة؟
الشابة : بارك الله فيك أيها الولد ..... كأس ماء يكفي.
يوسف : سوف أعود حالا.
يخرج يوسف .
الشابة : و أنت يا محمود ، ألا تسعى لفعل الخير مثل صديقك يوسف ؟
محمود ( مستغربا ) : كيف عرفت اسمي و اسم صديقي أيتها المتشردة ؟ من أخبرك باسمي ؟
الشابة ( تبتسم ) : سوف أخبرك حالما يعود يوسف و أروي ظمئي.
يدخل يوسف حاملا كوب ماء .
يوسف : تفضلي كأس الماء و اشربي هنيئا أيتها الشابة .
الشابة : بارك الله فيك يا يوسف ( تأخذ كأس الماء و تشرب )
يوسف : و لكن ، من أخبرك باسمي ؟
الشابة : سأخبركما بسر : أنا في الحقيقة لست متشردة ، ولكنني أميرة أسكن في قصر جميل
و أملك مالا كثيرا . و أنا أقوم دائما بالتخفي في هذه الملابس الرثة حتى أمتحن الأطفال مثلكم.
يوسف : أميرة؟؟؟ تمتحنين الأطفال؟؟؟
الأميرة : أجل ، و قد نجحت أنت يا يوسف في الامتحان . و لذلك سوف أجازيك و أعطيك هذه اللؤلؤة الغالية مكافأة لك. ( تخرج لؤلؤة من سترتها )
يوسف ( يأخذ اللؤلؤة و ينظر إليها غير مصدق ) : لؤلؤة لمجرد أنني جلبت لك كوب ماء؟
الشابة : هذا نظرا لخلقك الكريم و قلبك الطيب و مساعدة الغير.
محمود : أنا أيضا أريد لؤلؤة .... سوف أجلب لك كوب ماء حالا و تعطيني لؤلؤة مثل صديقي يوسف.
الشابة : أنت فشلت في الامتحان ، كما و أنني أعرف أنك عاق لوالديك. لذلك لن أعطيك لؤلؤة مثل صديقك يوسف الطيب و المطيع لوالديه.
محمود : أنا أيضا طفل مؤدب و مطيع لوالدي.
الشابة : إني أرى أمك قادمة . سوف أسألها و أعرف منها إن كنت تقول الصدق أم تكذب.
تدخل الأم .
محمود ( مخاطبا أمه ) : ماما ، أرجو أن تخبري هذه الأميرة أنني مطيع لوالدي و مؤدب و لست عاقا لوالدي حتى تعطيني لؤلؤة غالية.
الأم : للأسف يا أميرة ، ابني محمود عاق و لا يستمع لما أقول . و لا يتوقف عن إجابتي بأأأأوف كلما طلبت منه شيئا.
الشابة : أرأيت ؟ لذلك لن أعطيك لؤلؤة مثل يوسف.
محمود : أعدك أيتها الأميرة أن أصبح من الآن فصاعدا مطيعا لوالداي و لن أعصي لهما أمرا و أنفذ كل ما يطلبانه مني.
الشابة : سوف أذهب الآن دون أن أعطيك شيئا . و لكن سوف أعود في السنة القادمة مرة أخرى و أرى إذا غيرت من تعاملك مع والديك. عندها فقط أعطيك لؤلؤة و أبشرك بشرى جميلة و مفيدة لك.
محمود : أعدك أن أكون مطيعا لوالداي... أعدك أيتها الأميرة . و أعتذر لك عما بذر مني من جفاء و قسوة اتجاهك .
الشابة : لن أثق بك حتى أعود مرة أخرى في السنة القادمة و أسأل أمك عن تصرفاتك.
الأم : و أنا سأخبرك بكل أمانة إذا ما تغير أيتها الأميرة و لن اكذب عليك.
الشابة : سأذهب الآن لأمتحن أطفالا آخرين في الأحياء الأخرى.... إلى اللقاء في السنة القادمة.
محمود ( يلتفت لأمه ) : هل ما زلت بحاجة للحم من عند الجزار ؟ سوف أذهب حالا يا أمي لأجلبه لك . ( يقبل يديها ) و أعتذر لك يا أمي عن تصرفاتي السابقة و أعد ك أن أكون مطيعا من الآن فصاعدا. ( يخاطب يوسف ) رافقني يا صديقي يوسف عند الجزار.
يخرج محمود و يوسف من الجهة اليسرى .
الأم : أرجو فعلا أن تتغير يا بني و تحافظ على وعدك و تكون مطيعا و طيبا معي و مع والدك.... أصلحك الله يا ولدي و هداك إلى فعل الخير.
تخرج الأم من الجهة اليسرى.

المشهد الثالث
يدخل محمود و يوسف .
يوسف : أين تأخرت يا محمود ؟ فقد كنت انتظرك منذ عشرة دقائق .
محمود : أرجو أن تعذرني . فقد أرسلتني أمي لشراء بعض الخضر من السوق.
يوسف : أرى أنك تغيرت منذ لقائنا مع الأميرة المتخفية في ملابس المتشردة.
محمود : لقد تغيرت منذ التقيناها منذ عام مضى . فلم أعد ألعب في الوحل كي لا تتسخ ملابسي . كما و أنني لم أعد أزعج والداي بصراخي و إلحاحي عليهم إذا ما رفضوا أن يعطوني شيئا...
و لقد استحسنا والداي هذا التغيير و أصبحا دائم الدعاء لي بالنجاح في دراستي و أن يجنبني الله رفاق السوء.
تدخل الشابة دائما في هيئة المشردة.
يوسف : أنظر يا محمود ، إنها الأميرة . لقد عادت كما وعدتنا في السنة الماضية.
الشابة ( مبتسمة ) : مرحبا يا أولاد .... كيف حالكم و حال عائلاتكم ؟
محمود : بخير و الحمد لله أيتها الأميرة .
الشابة : كيف هي تصرفاتك مع والديك يا محمود ؟ هل ما زلت عاقا لوالديك ؟
محمود : كلا أيتها الأميرة ، لقد تغيرت كثيرا و يمكنك أن تسالي يوسف عن تصرفاتي . ( يلتفت إلى يوسف ) لقد لاحظت تغيرا كبيرا في تصرفاتي يا يوسف ، أليس كذلك؟
يوسف : أجل أيتها الأميرة. فمحمود الواقف أمامك مختلف تماما عن محمود الذي التقيته في السنة الماضية.
الشابة : هذا جيد ، ولكن يجب أن أسأل أمك عن تصرفاتك .... هلا ناديت عليها يا محمود؟
محمود : حالا أيتها الأميرة .
يخرج محمود و يعود و هو ممسك بيد أمه.
محمود : ها هي ذي أمي فاسأليها عن تصرفاتي .
الأميرة : هل صحيح أيتها الأم أن تصرفات محمود تغيرت و لم يعد عاقا لوالديه؟
الأم : لقد تغير كثيرا ... فقد أصبح مطيعا و مؤدبا و يسمع كلامي و كلام والده و يسعى لإرضائنا و يتجنب إغضابنا.
الشابة ( تبتسم فرحا ) : هذا جيد . أنت تستحق لؤلؤة من عندي. ( تعطيه لؤلؤة غالية أخرجتها من جيب سترتها )
محمود ( يأخذ اللؤلؤة فرحا ) : شكرا أيتها الأميرة الطيبة . ( يقدم اللؤلؤة لأمه ) هذه اللؤلؤة أهديها لك يا أمي. فأنت تستحقين هذه اللؤلؤة و كل كنوز الدنيا.
الأم ( تأخذ اللؤلؤة ) : شكرا يا ولدي. ( تلتفت إلى الشابة ) أرأيت أيتها الأميرة الطيبة مدى تغير تصرفات ابني محمود ؟
الشابة : لقد لاحظت ذلك.
محمود : و لكن يا أيتها الأميرة ، لقد قلت لي منذ سنة أنك سوف تعطيني لؤلؤة و تبشريني بشرى جميلة ... ما هي تلك البشرى يا ترى أيتها الأميرة الطيبة ؟
الشابة : البشرى هي أنك كلما أطعت والديك كلما أحبك الله و كافأك بالنجاح في حياتك و أدخلك الجنة التي يحلم بها كل مسلم و مسلمة.
محمود : هذه خير بشرى . و أعدك أيتها الأميرة أن أطيع والداي ما حييت و لن أغضبهما أبدا.
يوسف : و أنا أيضا أيتها الأميرة ، سوف أواظب على فعل الخيرات و طاعة والداي حتى أفوز بحب الله لي و يرضى عني.
الشابة : أنا سعيدة أنكم استوعبتم الدرس يا أولاد. ( تلتفت إلى الجماهير التي تشاهد المسرحية ) و أنتم أيها الأطفال ، هل تطيعون أولياء أموركم كما محمود و صديقه يوسف ؟ من يدري ، ربما أظهر فجأة أمام أحدكم و أمتحنه ... فواظبوا أيها الأولاد و أيتها الفتيات على طاعة الوالدين و لا تغضبوهم أبدا أبدا.

النهاية

* المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق