السبت، 24 سبتمبر 2011

" محكمة الغابة" مسرحية للأطفال بقلم عزة راجح

محكمة الغابة
عزة راجح - مصر
مقدمة

 عندما يسود الظلم .. يطغى وينتشــــــر .، تمتد يد الشــر تحميه .. تعضده ..تساعده لكي ينتصروتكون له الغلبة علي الدوام
عندما يعجز الحق عن أن يرفع صوته علي الملأ ..، يخرج كالنور جهرا .. يقاوم الظلم .. يدحره ويقهره..، يعتلي العرش ، ويرفع رايته عالية خفاقة ..ليقول :أنا والخير قد وعدنا البقاء .. وإلي يوم الدين.
عندما نتخبط ونحن نرى الصورة سلبية ..، ومعكوسة .. نستغيث .. ولا من مغيث ..، تظلم الأشياء من حولنا .. تسقط بيد الظلم ، ليدوس أحلامنا ..طموحاتنا وآمالنا، فنصبح مجرد أشباح تمشي علي الأرض أو مجرد هواجس وهراء.. لابد أن نحتكم إلي قضاء عادل .. قوي معين ، لابد أن نلجأ "لمحكمة "
نعم .. وقد أصبحنا نحيا في غابة .. يأكل قويها الضعيف بلا خجل أو حياء..، يدوس قويها الضعيف بلا رحمة أوشفقة .. كان لزاما علينا أن نلجأ " لمحكمة"
محكمة نصابها الحب .. العدل ..، الرحمة والتسامح ، من أجل عالم يسوده
الحق والخير والجمال .

الشخصيات
1- الثعلب
2- النملة
3- الفأر (  الجرذ )
4- الفيل
5- الخرتيت (منزوع القرن .. ، مخلوع العين)
6- الأرنب
7- القرد
8- الأسد
9- اللبؤة
10- الشبل
11- الحمامة

الحيوانات.. أقنعة مطاطية يرتديها الممثلون

الفصل الأول
المشهد الأول


أضواءٌ خافتة لنور يميل إلي الاحمـــرار كأنه لغـــروب الشمس .. أصــوات متداخلة مشوشة خفيضة تأتي من خلف الكواليس .. كحفيف أوراق الشجـر.. وأصوات الحيوانات وصفير الهواء (تأثيرات صوتيه) .
الخلفـية لوحة لغابة بها أشجار كثيفة ممتدة إلي ما لا نهاية ..،من خلف  فروعها يظهر قرص الشمس الأحمر.. كأنه يبتعد عن الغابة .. ( لوحة لغابة كثيفة في وقت الغروب ) .
 علي المسرح .. بعض فروع الأشجار متناثرة بصـورة عشوائية غير منتظمة تنم عــن
آثار تدمير .
 فجأة .. يرتفع صوت من خلف الكواليس يبدأ واضحا جهـورا ..، يتدرج في الانخفاض
 إلى أن يتلاشى مع نهاية القول .. يقول الصوت :


في الغـابةِ.. تحيا الحيواناتْ
أسسٌ وقواعــــد .. تحكمُها
فالأقــوى .. دوما لبــــــقاءْ
دنيـــــا .. والخالقُ نظمَــها
للأقوى العرشُ .. له التاجْ
للغابةِ ينــهى .. يأمـــــرُها
مـــــلكٌ .. يخـــشاهُ الضعفاءْ
ووحوشُ الغـابةِ .. يأمنـُها
حـــــــدين ِ لسيفٍ .. قــــوتهُ
والقــــوةُ سيفٌ .. نعلمُـــها
فبهـــا .. قد نـــنصر أنفسنا
ولـها .. بالظلـــم ندمــــرُها
فالقــــوةُ إنْ تظــلم ..  شـرٌّ
والكلُّ يثـــــورُ .. ويلعنــُـها
واليـــوم .. تقول الحيواناتْ
في الغـابةِ .. ظلمٌ يقطنــُها

  فجأة .. تدخل الحيوانات إلي المسرح بوجوه غاضبة خائفة حزينة (   الخرتيت – القرد – الفأر –الأرنب البري -  النملة .. ، و تطير الحمـامة في سماء المسرح لتحط علي أحد الفروع المحطمة  (  حمامة ماريونيت )
تصطف الحيوانات أمام الجمهور برؤوس مُنكسة لتقول بصوتٍ غاضبٍ حزين :

 معنا في الغابةِ .. يحيا الفيـلْ
لكنَ الرحمــــــة َ.. يجهـلـها
فهــــوالعمــــلاقُ  .. العنتيـلْ
القـــــوة ُ.. ظـمًا  سخـــرها
فَبِهَا ..  قد أزهــــــقَ أرواحًا
ودمـــاءُ الغابةِ .. أهدرهـا
بجحــــور ٍ .. داستْ أقدامــهُ
زلزلَ أحجـارًا  .. حطمــــها
وصغارٌ .. بجحــــورٍ تصرخْ
وأدَ الصرخـات وأنكـــــرها
وبظلــــم ٍ .. صارَ يعاديــــــنا
النـــارُ بنا قـــــد أضرمهـــا
لم يرحمْ دمــــــعَ الضعفـــاءْ
بل عاشَ بحقـــــدٍ ينهمهـــا
الغابـــــة ُ ..  صـارت أطلالا
أشباحُ الموتِ .. تحاصرها
أوَنرضى الظلمَ من الفيـلْ ؟!
أوَنحني الرأسَ..ونقهرها؟

تتوقفت الحيوانات عن الكلام ..، تتفرق لتنتشر علي المسرح كلٌ يدور حول نفسه مفكرا
 في الحل .
 فجأة تتوقف جميعا .. كأنها استيقظت من غفوة .. أو أنها اتخذت قرارا جــــادا بعد عناء التفكير ..،  تنظر الحيوانات إلي بعضها البعض .. يعلو صوتها تقول :

أبدًا .. لن نخضــــــعَ للفيــلْ
لن نتركَ ظلمــــا يقهــــرُنا
إن نرضَ عن الحــــــقِّ بديلْ
ستئنُ الروحُ وتنهــــــــرُنا

 ترجـع الحيوانات علي المسرح خطــــوات للخلف .. ومن بينها .. يخــرج الخرتيت خطوات للأمام يتقدم الحيوانات يستدير .. ينظر إليهم وهو يقول:

نقتص اليــــوم َمن الفيـــــلْ
من ظــلم ٍ.. جاءَ يُدمــــرُنا
لن نصمت.. فالقلبُ ذليــــــلْ
والنفـــسُ بثأر ٍ .. تأمـــرُنا
والحــــقُّ .. معينٌ ودليــــــلْ
إن يهــــد خطانا .. ينصرُنا

  يستدير الخرتيت ليعود يقف في الخلف بين الحيوانات .. في حين ينتقل الضوء إلي القرد الذي  يقفز ..، يأخذ مكانه أمام الحيوانات .. ،يتوجه إلي الجمهور بالحديث قائلا :

للحــــق ِ.. كيفَ لنا السبيلْ
والخــــــوفُ يأكلُ قلبَنـــــــا
والفيـــــلُ .. ما كانَ الهزيلْ
لننــــــالَ منـــهُ قصاصَنـــــا
الهــــمُّ  ..  باتَ لنا يكيـــــلْ
بل باتَ يمــــــلكُ أمرَنــــــــا

يعبر الضوء على وجوه الحيوانات التي تردد جميعا بصوت يبدأ قويا  يتدرج في الانخفاض إلي أن يتلاشى تماما ...

للحق ِ.. كيفَ لنا السبيلْ
والضعفُ .. يأكلُ قلبنــــا

   فجأة .. يعلوصوت من خلف الكواليس .. يهز المكان ..، يومض الضوء مع الصوت
وهو يقول:

من ينصـــر الحــقَ النبيــلْ
من يرحم القلبَ الذليـــــــلْ
السلمُ .. صار المستحيــــلْ
والقبحُ .. باتَ له البديــــــلْ
و القولُ والفعلُ الأصيــــــلْ
بَاتَا الخيالَ .. المستحيـــــلْ
فالقولُ .. صارَ هو العويـــلْ
والفعلُ مكســــــورٌ .. هزيلْ
من يأتِ  بالحلــمِ الجميـــلْ
والحــقُّ .. يمضي له الدليلْ

تتفرق الحيوانات علي خشبة المسرح .. ،تبحث عن الصوت .. تفتش  بين فروع الأشجار المتناثرة هنا وهناك ..، وفي فتحات الكواليس .
فجأة .. يدخل الثعلب إلي المسرح  ..، يُسلط عليه الضوء وهو يقف باتجاه الجمهور ينحني .. يُحيي الجميع .. ،  تصفق كل الحيوانات اعجابًا بكلماته ..  يستدير إليها بعد تحية الجمهور ليواصل كلماته قائلا :

محكمةُ الغابةِ  ..  ننصبها
ولحــكمِ العدلِ .. سنطلبها
وغدًا .. تجتمعُ الحيوانات
ترفــعُ  للحق ِ ..  مطالبها

تخفض الحيوانات الرأس..في حين يصفق الأرنب  لكلمات الثعلب .. ويعلوصوته  يقول :

رأيٌ ميمـــــــــونٌ ولبيـــبٌ
محكمــةٌ في الغدِ .. ننصبُها
فالأمـــــــرُ خطيرٌ وعصيبٌ
يحتاجُ الحكمــــةَ َ .. يطلبُها
فالحـــــقُ .. أسيـرٌ وسليبٌ
دعوتهُ .. سدودٌ تحجبــُــــها
فلنقــــــوَ .. فللحــق ِ لهيبٌ
هـمم ٌلا شــــــيٌ .. يغلبـــُـها
محكمــــة ٌ .. فالعدلُ طبيبٌ
العلـــة ُ .. سوف يُطببُــــــها

يبتسم  الثعلب .. يقول للحيوانات  :

هيــا لمليكي .. لقضـــــاء ٍ
بصباح ِالغدِ .. هو ينصبهُ
بالحــــقِ ِ يناقشُ .. بدهاءٍ
الفيـــــلَ .. ليعرفَ مأربهُ

ينتقل الضوء إلى الخرتيت الذي ينظر إلى الثعلب وهو يقول:

مَنْ قــــــــــالَ أنَّ مليكنــــــا
سيعيدُ حقــًّـا بالقضــــــاءْ
ما الحــــــقُّ إلا حلمنــــــــا
أوَينفعُ اليوم الرجـــــاءْ؟!

يرد القرد على كلمات الخرتيت قائلا :

يا أنتَ هــــــذا دورنــــــا
لليثِ ..  هيـــا بالبكــــاءْ
بالدمعِ .. نرفــعُ أمــــرَنا
نروي له ســـرَّ البــــلاءْ
سيعيـــــدُ حتمًـا حقنـــــا
سيجيبُ للحـــق ِالنـــداءْ
فيعود الخرتيت يقول للحيوانات :

ما عـــاد حــــــقُّ يا رفاق
بالدمـــــع أو مـــرِّ البكاء
بل بالجهــادِ وباليقيــــــن
بالحــربِ وبحُــــرِّ الدماء

فيقول الفأر للخرتيت ولكل الحيوانات :

تلك المزاعـــمُ لا تفيـــــدْ
الغابُ .. دمـــــــرهُ العنيدْ
ما عادَ يحتمـــلُ المزيـــدْ
ما الحرب ُ بالرأي السديدْ

تنظر الحيوانات إلى بعضها البعض .. تعود تنظر جميعها إلي الثعلب .. لتردد في صوت
 واحد عال جهور :

هيــــــــا إذًا لمليكنـــــــــا
ندعو..ونخلصُ في الدعاءْ
فلربَّ محكمـــــــةٍ لنــــــا
تدعــــــو بما دعت السماءْ
بالقســـطِ .. تحفظُ حقنــا
وتـُقيــــــمُ بالقسطِ الجــزاءْ

 تخرج الحيوانات عن  المسرح يتقدمهم الثعلب .. في حين .. تطفأ الأنوار كأن الشمس
قد غابت وعمَّ الظلام ....

إظلام



المشهد الثاني
لوحــــة أشجـــار كثيفة وشمس مشـرقة حارقة أضــــواء صاخبة كأنها اشراقة الصبح
 ( خلفية المسرح ) .
إلي اليمين من  المسرح عرين الأسد مسلطة عليه الأضواء .. وقد تناثرت حوله قطع من جذوع الشجر وفروعها وبعض حطام لجحـــــور وأعشاش (آثار شغب وتدمير) .       
المكان يُخيم عليه الصمت لثوان .. بعدها تدخل الحيوانات بضجيجها وأصواتهــا المتعالية إلى المسرح ( الثعلب –الفأر – الحمامة – القرد - الخرتيت ) ..، تتجه  إلي عرين الأسد .. تخرج اللبؤة من العرين تنظر إلي الحيوانات .. تقول :

بَعْدُ الغضنفر في الفِراشْ
فلمَ التجمـــــــع والنقاشْ
ولمَا أتيتـــــــم مثلمــــــــا
النــــــورُ أدركهُ الفراشْ

تقترب الحيوانات خطوات من اللبؤة .. تهمُّ بالكلام ..، لكن يخرج الأسد من العرين ..، يفرك في عينيه وهوينظر إلى الحيوانات بدهشة .. ويقول :

أسمع أصواتا وضجيجــــا
للثــورةِ أنتمْ تجتمعــــونْ
أمْ حبًا .. جئتــــم أفواجًــــا
بمليكِ الغابةِ .. تلتفــــونْ

 يتقدم الثعلب الحيوانات ليقول :
بل نحنُ بحـــــبٍ لعظيــــم ٍ
جئنــا طمعـًــــا لو يُدركنا
ينصبُ محكــــمة ً للئيـــم ٍ
قد راحَ بشر ٍ .. يحرقنـــا

يحني الفأر رأسه .. يقول متألمًا :

جئنا .. والحزنُ كحيـــاتٍ
تلدغ ُ بالروح ِ .. لتهلكنــــا
لا نقـــوى .. نعدو  بثباتٍ
بيَـــدٍ .. تمتدُ .. تعضـــــدنا
أو جثث ٌ نمضي ..كرفــاةٍ
الضعفُ .. ذنوبٌ  تحرقنــا

فجأة .. تدخل النملة وهي تصرخ .. تقول :

يا ويلتـــــي .. يا ويلتـــــي
الفيـــــلُ حطـــــمَ مهجتي
قتلَ الصغـــارَ .. وصُحبتي
نحرَ الفــــــؤادَ .. ومقلتي

يقترب الفأر من النملة ، يربت على كتفها وهو منكس الرأس .. يقول  :

مهلا .. كفــــاكِ عزيزتـي
فمصابكــمْ .. كمصيبــــتي
مازلت أبكــــي زوجتـــي
أبكي أخــــي وصغيــــرتي
أبكـــي على الأرض التي
كانت دمـــــــي .. وهويتي

يخرج الخرتيت من بين الحيوانات ..، يقترب من الأسد ..، يشير إلى عينه وقرنه المكسور وجبهته التي يظهر بها آثار جرح غائر قديم .. وهو يقول :

انظـــــــرْ مليكـــي حالتـي
انظــــــرْ لعيني  .. جبهتي
انظـــرْ إلى القـــــرن ِالذي
قد كانَ حصنـي .. قلعـــتي
الآنَ .. أصبـــــحَ غائـــــرًا
فالفيــــــلُ ..  أسقطَ رايتي

يدخل الأرنب وهو مذعور إلى المسرح .. يقترب من الحيوانات وهو يبكي .. يمر بالواحد
 تلو الآخر وهو يقول :

وأنا  .. أتيتُ ودمعــــــتي
سبقتْ لتـــروي قصـــــتي
فالفيــلُ .. طاردَ أســـرتي
هدمَ الجحـــورَ .. وحُفرتي
بالغــــدر ِ ..داس كرامتي
سلــــبََ الحيــاة َ وعــزتي

يهز الأسد رأسه في حزن وأسى .. ثم يطرقها إلى الأرض .. فيتقدم الثعلب خطوات
من الأسد يقول :

أنت القــــــــويُ  مليكنــــا
مازلت تمــلك عرشــــــنا
أوَتترك الفيـــــلَ اللئيـــــمْ
بالوحـــل يطرحُ رأسنا ؟!

فيقول الخرتيت :

كيفَ الأمـــــورُ تستقيــــمْ
إنْ كانَ يُنكـِـرُ ليثنـــــــا ؟!
وبنا جميـــعًا .. يستهيـــنْ
ويدوس فـــــــوق رقابنـــا

تثور اللبؤة .. ترفع صوتها عاليا في وجه الحيوانات لتقول لهم بغضب :

ماذا دهاكمْ يا كــــــــرامْ ؟!
اليــــوم يُنكَـــرُ الاحترامْ؟!
أيــــن التأدب بالكـــــــــلامْ
بل أين تبجيلُ العظــــامْ ؟!

لحظات صمت .. تواصل بعدها اللبؤة الكلام .. تقول وهي تنظر إلي الأسد :

للغــــابِ .. قانونٌ حكيــــــمْ
ما خافَ شبحًا أو ظــــلامْ
فليحكــــم اليوم العظيـــــمْ
وليُفشِ بالعـــــدلِ السلامْ

تصفق الحيوانات ..، وتردد في صوت واحد :

و اليـــوم جئنا طامعيـــــنْ
في حكمة الليث الأميـــنْ
يدعــــــو لمحكمةٍ تعيـــــنْ
بالحق .. وحدهُ تستعيـــنْ

يعلو صوت الأسد .. يقول :

رأي ميمــــــــــــــــــــون ولبيب ...

ترتفع أصوات الحيوانات .. لتردد جميعا مع مليكها :

رأيٌ ميمــــونٌ ولبيـــــبٌ
محكمــــــةٌ .. آنَ لننصبها
فالأمــرُ خطـــيرٌ وعصيبٌ
يحتاج الحكمــةَ َ .. يطلبها
فالحــــقُ .. أسيرٌ وسليبٌ
دعـــوتهُ .. سدودٌ تحجبهـا
فلنقــوَ ..  فللحــــق ِلهيبٌ
همـــم ٌلا شيئٌ  .. يغلبهــــا
محكمة ٌ.. فالعـــدلُ طبيبٌ
العلة َ .. سوف يُطببهــــــا

إظلام



المشهد الثالث
منصة في منتصفِ  المسرح (المحكمة) .. يجلس الأســـدُ علي رأسهِ تاج العرش .. متوشحًا بوشاح القضاء .. و علي عينيهِ نظـــارة كبيرة .. إلي الكرسي بمنتصفها ..، إلي اليمين منه إبنه الشبل ..، وإلي اليسار زوجته اللبــــــؤة ..، في حين تصطف علي جانبي المسرح الحيوانات ليس فيها الفيــل ( الخرتيت – الأرنب – القرد – الحمامة – الثعلب – وبينهم النملة   .. الخ .
تتجول عين الأسد من خلف النظارة بين الحيوانات الوقوف للحظات ثم يقول متسائلا:

هذا اللعيـــــــنُ الغــــــادرُ
قد غابَ عنا .. هل يجئ ْ؟!
أم أنـــــــــــهُ متكبـــــــــرٌ
يأبىَ اللقـاءَ .. لنا يسئ ؟!

 يرفع الأرنب يده للكلمة .. فيهز له الأسد رأسه بالموافقة .. فيقول الأرنب :

هذا اللعيــنُ سيـــــــــــــدي
قد غابَ عن هذا الفنــــاءْ
أبدَى الشرورَ .. وقد عصى
هل يسمع اليومَ القضاءْ؟!

يتحرك القرد حركات خفيفة وسريعة .. ليقف أمام المنصة .. رافعا يده للكلمة .. ، يبتسم
له الأسد بالموافقة .. فيقول :

بل اللعيــــــنُ .. سيـــــدي
يزهو بنصـــرهِ في الخلاءْ
فأنا رأيتــــــهُ خلســـــــــة ً
يلهــــــو هنالكَ في العراءْ
بالذيل ِ يرقــــــصُ.. يعتلي
عرشَ الرذيلةِ والغبــــــاءْ

 تضحك كل الحيوانات ضحكة صاخبة مدوية .. ويهمس كل للآخــر .. فيسود الضجيج القاعة للحظات ..تعود بعدها للهدوء بنظرة من الأسد .. وبإشارة من يده لالتزام الهدوء .
دقائق من الصمت .. للانتظار ولا يجئ الفيل .. فتقول اللبؤة :

قد فاقَ هــــــــذا الغــــــادرُ
الحَــــدَّ.. حقا لن يجــــــئْ
لعبَ الغـــــــرورُ برأســــهِ
هذا السليـــط ُ .. بل البذئْ
   فلنبدأ الرأيَ .. الحــــــوارْ
فالويل ُ لو طـُـــعِن َ البرئْ
لو ماتَ حـــــقٌّ للجـــــوارْ
وتزعـــمَ الجـــــروُ الدنئ ْ

يخفض الأسدُ رأسهُ لثوانٍ معدودات .. يعودُ يرفعها ليقول لكل الحيوانات :

بالصـــدق ِ .. جدُّ تكلمـــوا
بالصدق ِ لا.. لن تـُظلموا
إن كانَ عـــــدلًا تطلبـــــوا
للعدل ِ.. بالصدق ِ اسبقوا
فالغابُ  ..  سكنٌ للجميــعْ
إن مسهُ الشـــرُ .. يضيعْ
بالسلم ِ ..كالحصن ِالمنيعْ
مأوى لوحش ٍ.. أو وديعْ
إن ماتَ من ظلم ٍ رضيـــعْ
وتمزقتْ روحُ القطـــــيعْ
لابد حتما أن يضــــــــــيعْ
السلمُ ..بل يفنى الجمـيعْ

تطير الحمامة لتحط علي طرف المنصة .. وتقول :

العدلُ ..عشتَ له الإمامْ
فالعــــــدلُ ..أنت تحققهْ
وأنا .. كرمــــز للســـلامْ
أدعـــــــو لحق ٍ.. تنطقهْ
فلقد أتيتُ عن الحمـــــامْ
أتلو الكتابَ .. وأصـــدقهْ
الفيـــلُ .. لا يبغي الوئامْ
فعنانُ شرهِ  .. أطلـــــقهْ
فانظرْ إلى هذا  الحطـــامْ
بالفيــل ِ وحشٌ .. أعتقهْ
بل واعتلى عرشَ اللئــامْ
الغـــدرُ .. أصبحَ منطقهْ
جئناكَ نسمــعُ في التحامْ
الحقَّ ..هيــَّـــا وانطــــقهْ
فالحــقُّ .. يدفــــعُ للأمامْ
والظلمُ .. نارٌ تحـــــــرقهْ

يبتسم الأسد في صمتٍ .. يضع رأسهُ بين كفيهِ .. ، كأنهُ يُفكر ويتدبر ..، ( ويأتي صوته من خلفِ الكواليس ..، كأنه يُحدث نفسه ) قائلا :
لأقــيس عقــلَ الحاضرينْ
بالكل ِ  .. أدركُ حـــــدتهْ
كي تبلغَ الحصنَ الحصين ْ
اعـــــرفْ لكل ٍ .. قدرتهْ
لا تخشَ من عضلٍ متيــن ْ
للعقل ِ .. احــــــذرْ قوتهْ
فلربمــــــا نالَ اليقيـــــــنْ
قــــــــزمٌ .. بنعمةِ فطنتهْ
ولرب عملاقٌ .. بديـــــــنْ
سلبَ الهـــــــوى عقليتهْ
فالبعضُ للعقـــــل ِ يهيــنْ
والبعض ُ يشكرُ نعمتــــهْ
سـرُّ الوصول ِ إلي اليقينْ
للعقـــل ِ .. باركْ خطوتهْ

يُنهي الصوتُ كلماته .. يَهز الأسد رأسه كأنه استيقظ من غفوةٍ وأفاق ..، ينظر إلي الحمامة .. ثم إلي جميع الحيوانات  ليقول :

اليوم .. أتيتُ لأسمعـــكمْ
والأمــر .. أناقـــشهُ معكمْ
أنتم من باتتْ أ دمعـــــكمْ
من ظلم ِالفيل ِ..تصارعكمْ
فلأسمعْ .. وأناقش معكمْ
كلَّ الأقــوال ِ.. سأسمعكمْ

يتوقف الأسد عن الكلام لحظات .. ينظر حوله وإلي كل الحيوانات ..، ثم ويواصل كلماته قائلا:

الفيلُ بشـــــر ٍ .. يخضعكمْ
وبظلم ٍ .. دوما يصرعكمْ
فالشورى..الرأيُ لأجمعكمْ
وأنا للحــــق ِ..سأدفـــعكمْ
سترى الأحلامَ مضاجعـكمْ
سِلمًـــــا وسلامًا يجمعكمْ

يخرج الخرتيت من بين الحيوانات يحيي الأسد بانحناءة .. ثم يستدير في مواجهة الجمهور
 كأنه يعيد عليهم لبَّ القضية ، ويشرح أسبابها .. فيقول:

للفــــــيل ِ .. عقـــلٌ يستفيدُ
اليـــــــوم من أخطائنـــــا
فلفرقةٍ .. صارَ  الطــــريقُ
تمــــــزقتْ ..  أوصالنــــا
فصار يقتــــلُ .. بل يبيـــــدُ
اليــــــوم كلَّ صغـــــــارنا
ونحـــــن والدمـــعُ  الرفيقُ
يثـــــــيرُ مـــرَّ جراحنــــا
أقـــــول .. هيا نستعــــــــيدُ
الأمــسَ .. منبع علمــــنا
فلرب خطــــــأ للصــــــديق ِ
بهِ .. نعــــــدلُ أمـــــــرنا
وبهِ ..نخطط ُ..بل نعــــــــيدُ
الحــــقَّ .. نصلحُ فكــــرنا

يواصل الثعلب .. يقول :

فلنطـــرقْ اليوم الحــــديدَ
الحبُّ . . يُصرعُ شــــرَّنا
ولنتحــدْ .. روحُ الفريــق ِ
بها .. نفـــــوق عــــدوَنا
فالنصرُ هدفٌ .. بالطريق ِ
إليهِ .. تســــــعَى روحنا
للفـــــــيل ِ .. هيا نستفــيدُ
الــــيوم من .. أخـــطائنا

تكرر الحيوانات كل من مكانه ..، في صوت واحد :

فلنطـــرقْ اليوم الحــــديدَ
الحبُّ . . يُصرعُ شـــرَّنا
ولنتحــدْ .. روحُ الفريــق ِ
بها .. نفـــــوق عــــدوَنا
فالنصرُ هدفٌ .. بالطريق ِ
إليهِ .. تســــــعَى روحنا
للفـــــــيل ِ .. هيا نستفــيدُ
الــــيوم من .. أخـــطائنا

يقفز الأرنب  بسرعة .. يستدير إلي المنصة .. يتحدث إلي الأسد قائلا :

الفيــــــلُ ..  جبارٌ عنيــــــدْ
لو ثارَ .. يقتلُ جمعنــــــا
فوزنهُ ..  جـــــــدٌّ يزيــــــدْ
أضعافُ وزنِ جميعنـــــا
والخـــفُّ .. أشبــــاحٌ تجيد ْ
رصـــدَ الطريق ِ وردعنا

ويقفز القردُ .. يقف إلي جوار الأرنب .. ليقول :

كيف السبيـــــلُ  لنغلبــــهْ
هو من أهانَ عظامَنـــا ؟!
دمُ الصغـــارِ .. يشـــــربه ْ
وغــــذاؤهُ .. من لحمِنا ؟!

تحني الحيوانات رؤوسها في حين يتحرك الخرتيت .. خطوات علي  المسرح ..،
 في مواجهة الجمهور ليقول :

يا سادتي .. لن نغلبــــــــهْ
إلا بوحــــــدةِ أمــــــــــرنا
الكلُّ يخـــرجُ .. يرقـــــــبهْ
في فرصـــــةٍ .. تأتي لنـــا
نهـــــوي عليهِ .. نستعيــدْ
حــــقَّ الصغــار ِ .. وحقنا
وننال منــه ..  ما نريــــــدْ
فلقــــد طغى في ظلمِـــــنا

  بالحركة الرشيقة يتحرك القرد ليقف إلى جوار الخرتيت .. ، أمام المنصة .. ينظر إليه شزرا وهو يقول :

الفيـــلُ الغاشــــــم ُ لو ثارْ
سيمـــــزقُ إربا وحدتنــا
سيهزُ الحجــــرَ ..الأشجارْ
وسيعرفُ كيف .. يفتتنــا
لابد لعقـــــــلٍ مـــــــــــكارْ
وحكيمٌ .. يرســم خطتنـــا
 عقل ٌ.. بالفطنةِ  يختـــــارْ
الوقتَ لنضــــربَ ضربتنا
فبقـــدر ِ ذكـــاءِ الأفكــــارْ
سيكونُ الفيــلُ .. بقبضتنا

تتسلل النملة .. خطوات في مواجهة الجمهور .. تنحني .. تحييه ..، ثم تستدير إلي الحيوانات لتقول :

يا أيها المـــلك العظيــــــمْ
قد جئتُ أعـــرضُ فكرتي
فمصابنا .. جـــللٌ أليــــــمْ
أعملــــتُ فيه .. فطنتـــي
وفوق ذي علـــم ٍ عَليـــــمْ
فلتسمعـــــــوا لخطتـــــي
إن كنتُ للحـــقِِّ  .. أقيــــمْ
فلتتبعـــــــــوا إرادتــــــي
إن حادَ فكري .. للعظيــــمْ
تعديلُ فكـــــري .. حيلتي
فالعقـــلُ والفكرُ الحكيـــــمْ
جيشُ انتصــار ٍ..سادتـي

تنظر كل الحيوانات حولها .. تنظر يمينا .. يسارا ، ثم تخفض الرأس .. ترى النملة .. ، تتشبث عيونها  بها  .
ثوان من الصمت .. بعدها ترتفع أصوات الحيوانات ضاحكة .. يضج المسرح بالضحك استهزاء بالنمله .. فيقول القرد :

نمــــــيـلة ٌ صغيـــــرة ٌ!!
جاءت لتعلــنَ رأيها ?!

تلحق بالقول الحيوانات ويرتفع أصواتها جميعا كأنه صوت واحد لتتابع الكلام سخرية من النملة تقول :

نمــــــيـلة ٌصغيـــــرة ٌ!!!
جاءتْ لتعلـــــنَ رأيهــــا ؟!
صغيــــرةٌ .. صغيـــرةٌ ؟!
تُلقـــــي علينا فكـــــرها ؟!
نحن العمالقــة الكبـــــارْ
نُصغي لها .. ولصوتِهــا ؟!
تضعُ الرسالة َ والشعــارْ
نحني الرؤوسَ.. نُطيعها؟!
عجبًا .. تجـــرأ الصغـــارْ
تـــطاولـــــتْ ضعــــــافـُـها
جاءتْ تطـــالبُ بالحـــوارْ
تبًا .. ألمْ تـــــرَّ نفسهـــــــا

 يعود المسرح يضج بضحك الحيوانات .. في حين تحني النملة رأسها و تخرج من المسرح باكية ..


إظلام


 *************************

الفصل الثاني



المشهد الأول
ضوء خفيض ..، المسرح خالي تماما إلا من منصة القضاء .. وفروع أشجـــار مبعثرة هنا وهناك .. تدخل النملة من الكواليس تمشي على المسرح ويمشي مسلطــا عليها الضـوء .. يتحرك معها ، وهي تبكي تتحــدث إلي نفســـــها .. ، في حين يدخل  الجرذ يمشي خلفها بحزن ، يسمع حديثها دون أن تراه وهي تقول :



صغيــــرةٌ ! صغيــرةٌ أنا ؟!
في الجســــم ِ .. قد أكونْ
بالعقــــــل ِ .. جدُّ كبيـــــرةٌ
وقـــــــــطٌ .. لا أخــــــونْ
فهـــــل وجدتـــــمْ نمــــــلة ً
للخير ِ .. لا تصـــــونْ ؟!
النمــــــلُ يسعى .. يتحــــدْ
ليحمـــــــــلَ الطـــــــــعامْ
تعـــــــــاونٌ .. وفطــــــــنة ٌ
بالجـــــــدِّ .. لا الكــــــلامْ
بالصيفِ يســعى .. يختفي
مــــن بــــــردٍ بانتظـــــامْ
فإن غفلتـــــــمْ حكمتــــــي
فانتــــــم .. تظلمـــــــوني
إن كنت جــــــدَّ .. ضئيـــلة ً
تعالـــــوا .. واعــــرفوني
ولتدرســــــوا بحكـــــــــمةٍ
سلــــــوكي وانصــــفوني

تنهي النملة  كلامها .. يقترب منها الجرذ ، يربت علي كتفها وهو يقول :

صديقــــــتي الحميمـــــــة ُ
إيــــــــاكِ أن  تتألمــــــــيِ
بالعــــــدلِ .. قــــــــد آمنتِ
وبهِ بصـــــدقٍ .. تـَسْلـَمي
فغـــــدا.. أكونُ أنا الدفاعْ
عن حقـــــكِ .. المتكلـــــم ِ
إن هم  بحـــــق ٍ يرفضونَ
الظلــــم .. لا.. لن تظلمــي
فكل ذي جســـــم ٍضئيــــلْ
للعقــــــل ِ.. ليس بمعــــدمِ
فلربَّ عقـــــــل للصغيـــــرِ
يســــوسُ كلَّ  العالــــــــمِ

فجأة .. يسطع الضوءُ لينير بصخب كل المسرح .. ، وتأتي أصواتُ الحيـوانات تقترب من الكواليس وهي تتحدث إلي بعضها البعض ..، تجري النمـلة .. تختبئ خلف فـــــروع الأشجار .. ، ويظل الجرذ وحده علي المسرح .
تبدأالحيوانات في الدخــول إلي المسرح .. يمشي الجرذ خطوات إلي اليسار .. حيث يجلس حزينا علي احدي فروع الأشجار .
يدخل الأسدُ مرتديا زي القضاءِ المهيب ..، تتبعه اللبؤة والشبل .. يسود الصمت .. ويعتلي الأسد المنصة هو وزوجته وابنه .. ينظر إلي الحيوانات .. ويقول :

أين المتهــــمُ الملعـــــونْ
مازالَ عنيدًا .. لن يأتي ؟!
مازالَ يعــــربدُ بجنـــــونْ
لا يدركُ خطوات الوقتِ ؟!
لا يلمـــحُ نارا أشعلهــــــا
أو قلبـــــا شحذهُ بالمقتِ؟!

يتحول الضوء إلي وجه اللبؤة الذي تعلوه انفعالات الحزن والألم .. تقول :

مولاي .. أنياب ُالبديــــنْ
حصـدتْ رقابَ صغــارنا
استلها عبــــــرَ السنيــنْ
لينالَ وحــــده عرشنـــــا
فكيف يجــــرؤ أن يجــئَْ
يبدي الدفــاعَ  أمامنـــــا
 هل يُطلق الصوتَ الردئَْ
متبـــرئا من جرحِنـــا ؟!

ينظر الشبل إلى أبيه .. ويقول :

دعْ لي شئـــــــــونهُ يا أبي
وأنا  .. أعلمـــــــهُ الأدبْ
بالشيخ ِ يرأف ُ.. بالصبي
بالعطفِ .. يبتلعُ الغضبْ

ينظر الأسد في صمت إلى الشبل ..، في حين يقاطع الثعلب الشبل الحديث قائلا :

أميرنا .. يا ابن العظــــامْ
الفيلُ قد طعــــنَ الســـلامْ
واغتالَ في النفس ِالوئامْ
زيتونهـا قبــــــلَ الحمــامْ
لذا  .. مضى وقتُ الكلامْ
واليــومُ ..  يومُ الانتقــامْ

تصيح كل الحيوانات في صوت واحد:

نعمْ مضى وقتُ الكــــلامْ
واليــــوم .. يوم الانتقـــــامْ
فلترفعْ السيفَ الحســـامْ
يا أيها الأســــــدُ الهمـــــامْ
ونحن خلفكَ ..  للأمــــامْ
الحــــقُ .. أو مـــوتٌ زؤامْ

هنا.. يخرج الجرذ من خلف فروع الأشجار .. يتقدم بخطوات واثقة ليقف أمام الحيوانات .. ، وجهــه لمنصـــة القضـــاء ، مسلطا عليه الضــوء ..، يقف في صمت .. لحظات ، ثم يستدير إلي الحيوانات يردد :

نعــم مضى وقتُ الكـــلامْ
واليــــوم .. يوم الانتقــامْ
فلترفــع السيـــفَ الحسامْ
يا أيها الأســــدُ الهمـــــامْ
ونحــن خلفكَ ..  للأمــــامْ
الحــقُ .. أو مـــوتٌ زؤامْ

يكرر وهو يهز رأسه أسفا وألما :

الحـــــــــــــــقُ .. أو مــــــــــــــــــــوتٌ زؤامْ
الحـــــــــــــــقُ .. أو مــــــــــــــــــــوتٌ زؤامْ

تنظر الحيوانات إلي الجرذ بدهشة ..، في حين يواصل هو يقول :

يا من ظلمتـــــمْ نمــــــلةً
عن حــــــــق ٍتبحـثونْ؟!
هل للعــــــدالةِ أوجـــهٌ ؟!
أقنـــــاع ٌ .. تلبـســونْ ؟!
للــنمـــلِ .. رأيٌ مثلـكــمْ
فلرأيهِ ..هل تسمعـونْ ؟!
أم أنَّ كـــــــلَّ قلوبكــــــمْ
غلفٌ .. ولستمْ تفقهـــونْ

ينظر الأسد إلي الجرذ ..همسات جانبية بين الحيوانات بعضها البعض..، ينطلق الثعلب يقول:

ماذا يقولُ لنا الصغيـرْ
الجـرذُ ذو الذنبِ الكبيـرْ
هل جاءَ في ثوبِ النصيرْ
يهجو القضاءَ المستنيرْ ؟!

تضحك الحيوانات .. فيقول القرد :

بل راحَ ينطقُ كالأميرْ
أوَنحنُ حشدٌ من حميرْ؟!

تعلو ضحكات الحيوانات وينظر الأرنب إلي الجرذ .. يقول له :

يا من تحثُ بنا الضميرْ
هل صرتَ للماءِ الخريرْ ؟!

يتحول ضحك الحيوانات إلي قهقهات .. ويقول الخرتيت :

ارحلْ بعيـدا يا صغيـــرْ
خــــذْ النميلـة ََللغديــــــرْ
ولتتركا العيـشَ العسيرْ
فالوقتُ.. يمشي كالضريرْ
الغابُ .. يتحدَى المصيرْ
فكفاكَ هـــذوًا يا صغيرْ؟!

فيقول الفأر:

قد جئتَ التمسُ الضميـــرْ
نمضي لهُ ..النجمَ المنيـــرْ
فالغابُ أصبـحَ كالأسيـــرْ
يبكي بهِ القلـبُ الكسـيــــرْ
ظلمٌ .. كما المرُّ المــــريرْ
منهُ النميلـة ُ .. تستجيــرْ!
أنبيتُ نحلــــمُ بالحريـــــرْ
بشذا العطورِ ..وبالعبيرْ؟!
بالله كيف لنا المصيـــــــرْ
إن كان بالظلم ِ.. المسيرْ؟!

هنا .. يصيح الأسد قائلا :

يا أيها الحشــــــد الجميلْ
للاعتذار ِ .. سارعـــــــوا
وليصبح الحــــق ُّ الخليلْ
وإليهِ وحده .. ارجعـــــوا
فينا .. يكون هو الوكيــلْ
وله استقيموا و اتبعــــوا
للنمـــــل والفأر النبيــــل
هيا جميعا .. واسمعـــــوا

إ ظلام


المشهد الثاني
 الحيوانات تقف علي المسرح ..، تلتف حول النملة ..، تقول لها :

يا مَنْ ظـُلِمْـــتِ تكلــــمي
جئنــــا لرأيكِ منصتـــينْ
نحني الرؤوسَ..فاعـلمي
إنا أتـينــــا آسفـــــــــينْ
جئناكِ  نصغي .. نستمعْ
للحـــقِّ .. جئنا منصفينْ
فمن سلوكــــــكِ نقـــتنعْ
إنــا بــــكِ إلى اليقـــــينْ
ففي التوحــــدِ .. قـــــوةٌ
وبهـــا ..نعـــيشُ آمنــينْ
وفي التـفـــــــرق ِ .. ذلةٌ
ما نحـــنُ عنها الغـافلينْ
تكلـــــــمي في عــــــــزةٍ
بالنمـــل ِ.. جئنا مؤمنينْ

تبتسم النملة .. تمر بالحيوانات الواحد تلو الآخر تربت علي كتفه ..، إلي أن تصل إلى الجرذ ( الفأر) فتمد يدها تصافحه ..وتقول له :
       
يا أيها الجـــرذ النبيـــــلْ
إني أتيتــــــكَ شاكـــــرهْ
فصنيعكَ الشهمُ  الجــليلْ
بعـــثٌ لروح ٍساحـــــرهْ
البطشُ يبقى؟! مستحيـلْ
فهنـا .. نفـــوسٌ ثائــرهْ
للخير ِ .. تدفــعُ كالدليـــلْ
تهـــدي القلوبَ الحائـرهْ
بالغابِ .. يحيا ألفُ فــيلْ
شــــرٌ .. نـــفوسٌ غادرهْ
وأنتَ .. كالحلـــم ِالجميلْ
دنيـــــاكَ حقـــــــا نادرهْ
فالشكرُ .. للفــــأرِ النبيـلْ
ودمتَ روحـــا طاهـــرهْ

تلتف الحيوانات حول الفأر والنملة أمام منصة القضاء.. يصفقون .. ويهللون قائلين :

جــدٌّ .. جميــلٌ للوفـــــــاءْ
أن تحـــــــتويهِ قلوُبــــــنا
ترويه بالحبِّ .. النقــــاءْ
تحفظـــــــهُ في طياتــــــنا
طهرًا.. يكـونُ بهِ البــقاءْ
سحــــرًا.. يقاوم ضعفنــا
فالحـبُّ نورٌ .. وارتـقــــاءْ
روحٌ .. تضـــئ نفوســــنا     
تدعــونا جهــــرًا للعــطاءْ
تسمـــو بنبض  قلوبنــــا
وبه .. تباركــــنا الســماءْ
فيفيضُ .. يمـلأ دربنــــــا
يتحقق الأمــلُ .. الرجـــاءْ
نصـــــبوا إلى  أهدافنـــــا

يقف الأسد واللبؤة والشبل تحية للحيوانات .. يصفق الجميع و..


إظلام


المشهد الثالث
المنصة في مواجهة الجمهور .. يجلس إليها الأسد واللبؤة والشبل .. كل في مكانه .. والحيوانات علي جانبي  المسرح .. وقد انضم إليهم الفأر والنملة .. يشير الأسد إلي النملة .. فتتقدم لتقف أمام المنصة تقول للحيوانات ..

كالنمــــل ِ .. هيا نتحــــــدْ
ولتنتظــــــــمْ  صفوفكـــمْ
فبالتعــــاون ِ والعمــــــــلْ
الانتصـــــــارُ حليفكــــــمْ
هيـــا لنحــــــفرَ حفــــــرة ً
وليخــــتبئْ جميعــــــــكمْ
فإنْ أتـــــــاها فــــــــــيلنا
يهـــوي .. ينال عقابكــمْ

يصفق الأسد بحرارة .. تتبعه اللبؤة بالتصفيق ..، ويتوالى التصفيق من كل الحيوانات .. يقف الأسد على المنصة ليقول موجها كلماته للشبل:

رأيٌ حكيــمٌ يا أميــــــرْ
أرأيت َذي الجسم ِالصغيرْ؟!
للقلب ِو العقـل ِالبصيرْ
درسٌ .. يزفُ لنا المصيـــرْ

ثم يدير وجهه للحيوانات  .. يقول :

لا وقــــــــت عندي للكلامْ
فلنسعَ .. فالعمـــلُ التزامْ
للجهــــــــد مني الاحترامْ
مادام َسعيًــــــا للســـلامْ

بعد ان ينهي الأسد كلماته .. يستدير ..، يخرج من الكواليس تتبعه اللبؤة والشبل .
 وتتجمع الحيوانات صفا واحدا علي  المسرح .. تتهيأ لتحفر الحفرة ..، وفي صوت واحد يتغنى الجميع:

هيــا بنـــــــــــا لنتــــــحدْ
بالحــــــبِ .. والوفــــاءْ
فالاتحـــــادُ  .. قــــــــــوةٌ
تخفــــــفُ الأعـــــــــباءْ
وبالتعـــــاون ِوالعمــــــلْ
قــــــد نادتْ الســـــــماءْ
بالجــــــد ِّهيا .. بالأمــــلْ
كي نقهـــرَ الأعــــــــداءْ


إظلام


*******************

الفصل الثالث



المشهد الأول
لوحة طبيعية للغابة وقت شروق الشمس ..، الأضواء .. صاخبة ( كاشـــراقة الشمس في الصباح) ..، في منتصف المسرح كومة من فروع الأشجار وضعت بصـــورة منتظمة الحيوانات .. كلٌّ بيديه فرع من فروع الشجر يلقي به علي المسرح بطريقة بعشـوائية .
 بعد ان تلقي الحيوانات ما بأيديها ..، تقف تنظر إلي بعضها البعض .. تقول :

بالحبِ انجــــــزنا العمـــلْ
قد باتَ يملؤنا الأمــــــــلْ
الصبحُ أشــــــرقَ واكتملْ
والجــــرحُ .. أوشكَ يندملْ

تجري النملة خطوات للأمام .. تمد يديها للحيوانات وهي تقول :

هــيا بنـــــا .. و لنخــــتبئْ
كي لا يـــــرانا الفـــــــيلْ
ودونَ صـــــوت ٍأو شغــبْ
نرى العــــرضَ الجميــلْ
الفــــيلُ هـــــــذا الظـــــالم ُ
سينتهي عمّا القليـــلْ ؟!
ستســــتريحُ صغـــــــارنا
لا مــــوتُ..لا دمٌ يسيـــلْ؟!

تجري الحيوانات بطريقة عشوائية .. يختبئ كل منها خلف فرع من الفـــروع الملقاة بعيدا عن الحفرة .. ويدخل الفيل إلى المسرح مرفوع الرأس .. يمشي في زهو ٍ في حين يسلط عليه  الضوء .
فجأة .. يظلم المسرح مع صرخة للفيل مدوية وصوت سقوط جسم ثقيل كأنه انفجار ......

إظلام




المشهد الثاني
 نفس اللوحــة الطبيعية للغابة في الصباح الباكر وقت شــــــروق الشمس ..، إضـــاءة صاخبة تسلط علي الفيــل وهو في منتصف المسرح .. سقط في الحفـــرة وتهاوت فوقه فروع الأشجار .. تغطيه بحيث لا يظهر منه سوي الخرطــوم الطويل وعيناه المنزعجتان ( القناع المطاطي لشخصية الفيل بين الفروع يظهر منها الخرطوم والعينان ) .
يصرخ الفيل ..، ويصرخ .. تخرج الحيوانات من خلف فـروع الأشجار ..يلتفون حوله و يصفق الجميع فرحا بالنصر ..، فيقول للحيوانات متألما :

أغيثــــوني  .. أغيثـــوني
يكادُ المـــــــوتُ يخطفني
فأشجـــارٌ .. سَتكسُــــونِي
وثغـــرُالجُحْــــر ِيرشفني
أنا العمــلاقُ جُــــــــروني
فكـــــلُّ الغـــاب ِيعرفنـــي

تردد الحيوانات بصوت ملئ بالفرحة وكل منها ينظر إلي الآخر بنشوة الانتصار :

هوى .. هوى الفيلُ اللئيمْ
الآن َ .. يرقـــدُ بالجحيمْ
بالنصر ِ.. فزنا .. بالنعيــمْ
من بعدِ صبر ٍ.. نستقيمْ

يعلو صوت الثعلب .. يقول:
من للمليكِ .. يُبشــــــرهْ
بالنصر ِ يمضي .. يُخبرهْ
عطــــــــرًا ونورًا ينثرهْ
فوق َالعرين ِ.. يُعطــــرهْ

ينطلق القرد يخرج من الكواليس قفزا وهو يقول :

أنا .. أنا سأبشــــــــــره ْ
بالنصــــر ِسوف أعطره ْ
والفرْح .. علنا أشهــره ْ
للغابِ .. بل وسأنشــــره ْ

تقترب الحيوانات من الفيل أكثر وأكثر .. تلتف حوله .. لتقول له :

يا من قتلــــتَ صغـــارنا
وأبدتَ كـــلَّ جحــــــــورنا
 لم تستجـــــبْ لدموعِنـــا
وما رحمـــتَ ضعافنـــــــا
غَرَّتكَ حِيـــــــرة ُأمــــرنا
وغشيتَ.. خنتَ ..ظلمتنــا
اليومُ .. حـــقَّ عقابنــــا
من بعض ِمكركَ..مكـــرنا
وعـــــدُ السماء ِ.. وحقنا
الثـــأرُ.. بلْ وقصاصنــــــا

يقفز الأرنب .. يقترب من الفيل .. ينظر إلي الحيوانات وهو يقول  :

كم عاشَ هــــــذا الغـــادرُ
بالخفِّ .. يطــــرحُ رأسنا
يمشي بزهـــــــــو ٍ عارم ٍ
ليدوسَ فــــوق رقابنــــــا
واليـــــوم نلنا الانتصــارْ
اليـــوم .. باتَ أسيرَنـــــا
فلنغتنمْ حلــــــــوَ الثمــارْ
نقضي عليـــه جميعنـــــا
ليعــــــودَ للغابِ العمـــارْ
ويعــــــودُ يلهـــو صغارُنا

تضحك الحيوانات .. تقول :

نعمْ .. نعمْ .. نِعم َ الكــــلامْ
المــوتُ للباغي .. السلامْ
للجـــرح ِ .. طيبٌ والتئــامْ
زيتونة ٌ .. تمحـــو الظلامْ

يدخل القرد عائدا إلي المسرح بيديه حبل غليظ .. وصندوق ثقاب .. يقترب من الفيل .. ينظر إليه وهو يقول :

بالحبــلِ  .. هيـــــا نشنقه ْ
بلْ بالثقابِ سنحرقـــــهْ ؟!
بالقلـــــبِ  مُــرُّ .. نبصقه ْ
رعدًا وبرقا .. يصعقه ْ ؟!

ينظر الفيل الي الحيوانات فزعا.. يصرخ .. ويصرخ يقول :

أخطأتُ حقا .. فاعلمـــــوا
أني بصــــــدقٍ .. آســــف
فلترحــموني واغفـــــروا
فريحُ جرحي .. عاصــــف
المـــوتُ؟! تلك نهايتي ؟!
لستُ الجبان .. الخائــــف
لكن امــــــوت بمرقــــدي
والكل حـــــولي ... واقـف
ندمٌ يناجــــي عطفكـــــــمْ
وانا بصــــدق .. آســـف

يتقدم الخرتيت .. يقف أمام الفيل ليقول له :

يا للعجبْ .. أهو الهـــــراء
الفيلُ ..  تدمــــــعُ عينـهُ
يبكي .. ومن هــــول ِالبكاءِ
حني الجبيـــنَ ورأســــهُ
الصــوتُ هذبَ .. بالحيـــاءِ
اليـــوم .. يطلبُ عتقــــهُ

يضحك الثعلب .. يكرر من كلمات الفيل :

المــــوت ..  تلك نهايتي ؟!
لست الجبــــان .. الخائف
لكن .. أمــوت بمرقــــدي
والكل حــــــولي واقـــــف

تعلو ضحكات الثعلب أكثر وأكثر .. مقهقها يقول:

مازال يقطنـــــــهُ الغـــــرورْ
كبرٌ تغلغلَ في الشعــــورْ
يدعــــو وبالصوتِ الجهــورْ
لنزفَّ روحــــهُ للقبــــورْ
لتشيع الجســــد الزهـــــورْ
وكأنه البـارَّ الطهــــــورْ؟!

يقهقه ثانية الثعلب وهو ينظر إلي الحيوانات ..، كأنه يستفزها ويثيرها لتتخذ القرار .. تلتف الحيوانات حول الفيل ، بوجوه ضاحكة تقول له :

بل ذي نهايتــــــكَ التــــــي
بالظلـــمِ .. أنتَ صنعتهـا
بالقــــــوة ِالعميــــاء ِ .. بلْ
بغــــــرور ِقلبكَ نلتهـــــا
اليــوم تصـــرخ ُ..تستغيثْ؟
والروحُ قد أزهقتهــــا ؟!
لم نظلمــــكْ .. أبدًا .. بلـــى
 للنفس ِ.. أنت ظلمتهـــــا

فيقول الأرنب للحيوانات :

يبكي ؟! لكم أبكى الصغارْ
أبكى الضعافَ مع الكبـارْ
أبكى علي الطفـــل ِالعشارْ
فالظلم ُ .. كان َله الشعـارْ
كان الحيـــاة َوالانتصــــارْ
واليــوم ينجـــو باعتذارْ؟!
ينجــو بدمــع  ٍوانكسارْ؟!
من كالَ للغاب ِالمـرارْ ؟!

ويعود الخرتيت يقول ضاحكا :

قد راحَ يطمــــــعُ بالفـــرارْ
ليعيد َللغـــــاب ِالدمـــــارْ
ويعـــودُ يفتكُ بالصغــــــارْ
يلهـــــو بآلام ِالكبـــــــارْ
ونعـــــودُ نحيا بالمـــــرارْ
الرأسُ يكسوهُ الغبــــــارْ

يقترب القرد من الثعلب ومن الحيوانات يقول :

لا لن تكــــون لنا الثمــــارْ
إلا بموتهِ .. لا الفــــــرارْ
فالصفحُ سيكونُ انتحــــارْ
سيكون قهــــرًا وانكسارْ

فيتقدم الثعلب  ليقول لكل الحيوانات :

فلنعلــــن اليوم  القـــــرارْ
نمضي بعــــــزم ٍواقتدارْ
فالعينُ بالعين ِ.. الشـــرارْ
قد صارَ محــــــرقة ًونارْ

 هنا تصيح كل الحيوانات بصوت واحد جهور :

الموتُ للفيـــل ِ.. القصاصْ
لا ينفــــــعُ اليوم التِماسْ
فالآن َقد حـــانَ الخـــلاصْ
بيد ِالعزيمــــة ِوالحماسْ


إظلام



المشهد الثالث
الحيوانات تحاصر الفيل من كل جانب .. كأنها تتهيأ لقتله ..، فتصيح النملة تقول للحيوانات :

يا أصدقائي .. أعدلـــــــوا
بعدَ اعتـــــــذار ِالفيـــــــل ْ
    فالكلُّ يُخطأ .. والهـــــوى
للنفــــس ِ ..  يستميـــــــلْ
والذنبُ .. يُغفــرُ بالهــدى
بالدمع ِ .. بالندم ِالأصيـــلْ
فلتغفـروا .. وتسامحــــوا
ولتصفحوا الصفحَ الجميلْ

يهرول الثعلب ..، يدور حول الحيوانات .. يدور حول الواحد منها  تلو الآخر  وهو يقول :

لن يهتدي هذا اللعـــــوبْ
سيعــــودُ .. يغلبُ طبعـــهُ
فالطبــــعُ غـــــــــلابٌ وإنْ
حاولت جهــدكَ منعــــــــهُ
سيعودُ يجرحُ .. والجريحُ
يعــــــودُ يذرفُ دمعـــــــهُ
سيعــودُ للظلــــــــم ِ الذي
النهـــــجَ كانَ .. وشرعــهُ

يهز الخرتيت رأسه  وينظر إلي النملة .. وإلى الحيوانات .. يقول  :

هذا البديـــــــنُ الظالــــــمُ
اليـــــوم يُغفـــــرُ ذنبه ُ؟!
ويعـــــودُ  .. يمــرحُ بيننا
والكلُّ يشـــربُ نخبـــه ُ؟!
بالأمس ِأفقــدنا المنــــــامْ
نامتْ عيـــونهُ .. قلبــــــهُ
واليـــــوم يحلــــمُ بالسلامِْ
تبًـــا .. فكيفَ  نحبــــهُ ؟!

ترد النملة..

العفـــــوُ .. عند المقــدره
سمـــــةُ النفـــوس ِ الخيره
فلنعفُ ..فالقلــــبُ اهتدى
والروحُ .. أضحتْ طاهـــره

يقترب الأرنب من النملة قائلا  :

من يضمن النذلَ العنيــــدْ
من يشتري النجمَ البعــيدْ
هل يسحقُ الثلـــجُ الحديدْ
أو يكتبُ الثـــورُ القصــيدْ
ما كان للفيــــــل ِ البليـــدْ
أن يشهد العهــــــدَ الجديدْ

فتعود النملة تقول للحيوانات :
قــد كان عهـــــــدا بيننـــا
الحــــــقُّ .. نورٌ يُتبـــــــع ْ
لو رحمــــة ٌسبقتْ .. أجَلُّ
وبالمحبــــــــةِ .. تتبـــــــعْ
والآن ..وجبت ْ يا رفـــاق
ولرحمـــــــــة ٍ.. سنتـَبـِـــعْ

تخفض الحيوانات جميعا رأسها .. ويقول الأرنب :

القلب ُ يخفقُ .. ننقـــذه ْ ؟!
أمْ حكمنا .. سننفــــذه ْ ؟!
قد حـِــــرتُ .. يرعبني الدَّمُ
بالقلــــب ِ.. نبضٌ ينبــذه ْ

تجري النملة إلي الأرنب ..، تقول له :

نِعمَ المشاعرِ يا رفيـــــــــقْ
الرحمــة ُ القلبُ الرقيـــقْ
فالصفحُ يعرفهُ الطليـــــــقْ
نورٌ .. يقــودهُ للطريـــــقْ

تقول الحيوانات في صوت واحد :

بالرحمــة ِ نشعرُ .. بحنانْ
ونتـــــوقُ لدفءٍ .. وأمـانْ
لكن .. نخشى لو عادَ الفيلْ
بالشــــرِّ.. يدمـرُ كالإنسانْ
أوْ عادَ بغـــــدر ٍ يُؤلمنـــــا
بالظلم ِ..يضخُ بنا الأحزانْ

يرفع الفيل خرطومه .. يصيح معلنا لكل الحيوانات أسفه وندمه.. ويقدم لهم وعده قائلا :

للظلم . . أبدا لن أعــــــودْ
الظــــلمُ  .. لهلاكٍ يقـــودْ
أدركــــت قبـــــحَ خطيئتي
وندمتُ ..أقسمُ لن أعــودْ
فالحــــقُّ .. كان قضـاءكم
للحقِّ . . قد كنتم جنــــودْ
وغــدًا . . لحـــــق ٍ اتــبعْ
وسينشرُ الحـــقُّ .. يسودْ
وعــــدٌ . . ولستُ مخالفـا
للوعد ِ.. أقسم لن أعـــودْ

يدخل الأسد في صمت إلى المسرح فيستمع إلى النملة وهي تقول للحيوانات :

قد تابَ .. آمـــن َواهتـــدى
الصبــــــحُ نــــــورٌ قد بدَا
مـــدوا الأيادي يا رفــــاقْ
لنباركَ الحــــبَّ .. الهــدَى
لنجـــــــرُّ مولـــودَ السماحْ
لنلبِّ للخــــــيرِ .. النــــدَا
هيـــا بصدق ٍ .. للفــــــلاحْ
نجني السكينة َوالرضَــــا

يبتسم الأسد ..   ينظر إلى النملة و إلى كل الحيوانات يقول :

النمــــــــلُ بحــق ٍ أعلنها
بسلوكه ..  كان ُيفسـرها
الفطنــــة فيـه يُكرمهـــــا
ما ضــل  بها.. ما أهملها
هو يعــرف كيف يُسيرها
وبعقلٍ .. عاش يُطـورها
منذ سليمان .. سخــــرها
لتكون سلاحه .. أمنــــها
واليـوم  .. أتى كي يُعلنها
قد فاق بها من أمهلهـــــا
واليــوم .. أنا لن أنكــرها
النملة ُ.. سوف َ أبجلـــها
فالمنطــقُ .. يثبت ُفطنتها
تبعتْ بالفطنةِ ..رحمتها
فلنشكــر علنًــا .. حكمتها
و بحبٍ .. نشكــر رقتــها

يصفق  الجميع .. ، ينحني الأسد علي اللبؤة .. يهمس لها .. يسود الصمت للحظات ، وتنظر الحيوانات بعضها إلى بعض ، فترفع اللبؤة رأسها لتعلن القرار  قائلة :

بالغــــابِ قد كانَ الكفاحْ
من دونِ ِ جيش ٍ أو سلاحْ
بل باليقيــــن ِ ودعـــــوةٍ
تاقت إلى نــــور ِ الصباحْ
راحت ترَوِّضُ وحشنـــَـا
والقلـــبُ .. تملأهُ السماحْ
واليوم .. نعلــنُ للـــورى
للفيل ِ .. أطلقنا الســــراحْ

يضجُ المسرح بتصفيق حاد من الحيوانات .. فتتوقف اللبؤة عن الكلام .. وتهمس الحيوانات إلي بعضها البعض ..، فيرفع الأسد يده مشيرا للحيوانات بالتزام الهـــــدوء
يسكن المسرح .. فيعلو صوت اللبؤة ثانية .. تكرر بصوتٍ عال ٍ جهور :

واليوم .. نعلــــــنُ للورى
للفيل ِ .. أطلقناالســــراحْ

فتعود الحيوانات للتصفيق الحاد ..
لكن .. تعلو طبقات صوت اللبؤة أكثر وأكثر تتابع ودونما توقف .. فيسود الصمت المسرح وهي تواصل تقول :

واليوم .. نعلــــــــنُ للورى
للفيل ِ .. أطلقنا الســــراحْ
لا الضعفُ كان ولا الهوى
للحبِّ .. أخفضنا الجنــاحْ
لنكونَ حصنا محكمَـــــــــا
لا النار نخشى .. لا الرياحْ

تنهي اللبؤة كلماتها .. فتعود الحيوانات للتصفيـــق والتهليل .. وسرعان ما تقترب من
 الفيل  .. تلتف حوله .. ومعهم النملة .. ينظرون إليه بابتسامة الرضا والتسامح ..ثم
 يمدون إليه الأيدي في محاولة لانقاذه  وجره من الحفرة وهم يرددون :

العفـــوُ .. عند المقـــــدره
سمـــــةُ النفـــوس ِ الخيره
فلنعفُ .. فالقلــــبُ اهتدى
والروحُ .. أضحتْ طاهـــره

في حين تتغنى الحيوانات بتلك الكلمات .. ينظر الأسد إلي اللبؤة .. فتنهض عن مكانها ..، وينهض الشبل .. فيمسك الأسد بيد اللبؤة يخرجان من المسرح مرفوعي الرأس ..، يتبعهما الشبل و.....


إظلام



المشهد الأخير
تصطف الحيوانات جميعا على المسرح وقد خرج الفيل من الحفرة ووقف بينهم .. ينظر إليهم في حياء .. يقول لهم :

لله شكـــــــرا يا رفــــــاقْ
ولكم جميعًــــــا .. أنحني
بالأمس ِ كنا في شقـــــاقِْ
واليـــــومَ .. راحَ لينجلي
الآنَ .. هيــــــا للعنــــــاقْ
للحــــــب ِّعرشٌ .. نعتلي

تصفق الحيوانات جميعا .. يعانق بعضها البعض ..، ويعانق كل منها الفيل .. ويعلو صوت الفأر يقول :

اليـــوم .. قد عاد الســــلامْ
عادت لنـــا روح الوئــــامْ
بعد التطاحــــن ِوالخصــامْ
الصفُّ .. وحـــده الحمــامْ

فيواصل الخرتيت .. يقول:

الحب ُّ .. أمسكَ بالزمــــامْ
صفـــحٌ وعفـــوٌ واحترام
نورٌ .. يقــــود إلى الأمــام
بالفعل .. لا حلــــو الكلام

فتكمل النملة :

وعدٌ .. محى عهــدَ الظلامْ
واغتــــالَ نارَ الانتقـــــــــامْ
صرنا جميعــا لالتحــــــامْ
بالحــــقِّ .. صار الاعتصام

يقفز الأرنب قفزات سريعة إلى الامام وهو يقول :

الحـقُّ .. وعـــــدٌ ياكـــــرامْ
باق ٍ إلى يـــوم القيــــامْ
باق ٍ .. بمعـــــروفٍ يقــــامْ
للروح ِ وشم بل وســـامْ

يقفز القرد .. يمسك بيد الأرنب ..، يرقصان معا .. وتصفق الحيوانات .. وهما يرددان :

اليوم .. نرقصُ بالحســامْ
ونقيمُ أعـراسَ الســـــلامْ
بالحبِّ .. بهديل ِ الحمــامْ
في الغابِ سيطيبُ المُقامْ

تدخل الحمامة ..، و يسدل الستار تدريجيا مع صوتها وهي تحلق بسماء المسرح وتردد :

فليســــدل الستــــــــــارْ
ولتطفــــــــــــــأ الأنـــوارْ
ضحكتْ لنا الأقــــــــدارْ
فلتخبُ فينـــــــــا النــــارْ
ولنرســـــم الأقمــــــــارْ
والزهــــــــرَ والنــــــوارْ
فالسلــــمُ بالأخيـــــــــارْ
قــــد عــــــــمَّ كــــــلَّ دارْ
فليســــدلْ الستـــــــــــارْ
وليسعـــــــدْ الصغـــــــارْ


النهاية

هناك تعليقان (2):

  1. شكرا للنقل ولأمانتكم .... وأتمنى أن تكون محكمتي قد نالت بعضا من رضاكم ... احتراماتي عزة راجح

    ردحذف