الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

"حلم.." قصة للأطفال بقلم عبدالحكيم ياسين

حلم..
عبدالحكيم ياسين

وقفت الدجاجة في طرف الحقل تنظر بذهول وإعجاب إلى الشوكة الفولاذية التي يحفر بها المزارع الأرض والتي تبرز منها ثلاثة أسنان فولاذية طويلة ثقيلة تشق الأرض
وتقلب التربة الطرية رأساً على عقب فتتلوى الديدان فوق السطح عزلاء عاجزة شهية والمزارع الغافل لايكترث لها، بل يتابع تقليب التربة بحثاً عن شيء ما لم تستطع الدجاجة تخيّله ولكنها راحت تحلم بمنقار طويل صلب ذي شعب ثلاث تشبع به بطنها الجائعة.
وفجأة همس الديك الكثير الترحال في أذنها قائلاً:
لاشكّ أن جميلتي تحلم بمنقار ثلاثي الأسنان ..
لقد قرأت ذلك في عينيها الطماعتين ..ولكنّها لو شاهدت الجرّار الزراعي وهو يفري التربة فرياً ويقلبها في ثوان لتمنّت منقاراً جرّاراً ..
أشاحت الدجاجة بوجهها عنه وساءها أنّه كشف سرّها الصغير
واقتحم أحلامها العذراء ولكنها أخفت غضبها حالما تذكّرت أنّه الديك الوحيد الذي اهتمّ بها ولطالما ناداها لتنقر حبّة مكتنزة أو لتزدرد دودة أرض مغامرة ..وابتسمت بتكلّف وقالت :
هل أستطيع رؤية الجرّار الزراعي ذات يوم ..
قال الديك:
 لقد سمعت المزارع يقول : إنّه سيبيع الدجاجة الأقل بيضاً لصاحب الجرّار الزراعي
في القرية المجاورة وحظّك في ذلك قليل فأنت أكثر الدجاجات خصوبة وعطاء ..
والأرجح أنّه سيبيع الدجاجة البيضاء ..
هزّت الدجاجة رأسها بأسى وقد بيّتت في نفسها أمراً ..وفي اليوم التالي لم يجد المزارع تحتها بيضاً ..
وكذلك حدث في الأيام اللاحقة ..
لقد وجدت الدجاجة مخبأ بين الأشواك خلف السور تضع فيه بيضها ..ولم يجد المزارع دجاجة أقلّ بيضاً منها.
فحملها لصاحب الجرّار وقبض ثمنها وعاد إلى قريته ..
أما صاحب الجرّار فقد همس في أذن زوجته قائلاً :
 تبدو لي هذه الدجاجة مكتنزة لذيذة ..
وأعتقد أنّ لحمها أشهى من لحم البطّة التي كنت ستذبحينها اليوم ..وباعتبارها لاتبيض ..فاعتبريها ديكاً..
ولاتنسي دعوة جاري سهيان على العشاء .. سأكمل حراثة الحقل الان … وأنتظر منك طبق دجاج لذيذ فور عودتي ..
أومأت المرأة برأسها وهي تكنس تراب المصطبة أمام المنزل وتتفحص الدجاجة بعينيها ..بينما راحت الدجاجة الغافلة تنتظر الحلم الذي سيتحقق أخيراً وسترى الجرّار كيف سيفري التربة فرياً وستحلم أثناء ذلك بمنقار لاتملكه أيّة دجاجة ..
كانت الدجاجة ستذبح حتماً لولا أن الفلّاح الذي باع الدجاجة اكتشف مخبأ البيض بين الأشواك وندم ندماً شديداً على بيعها ..
فحمل الديك المتبجح المدّعي وأسرع لمقايضته بالدجاجة .. وهو الان في الطريق لإنجاز ذلك.
 فإذا رأيتم فلاحاً يحمل ديكاً فأفسحوا له الطريق ..حفاظاً على حياة من يحلم بالأفضل ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق