الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

سر السعادة، قصة للأطفال بقلم نجلاء علام

سر السعادة
تأليف : نجلاء علام


يُحكى أن ملكاً كان يعيش فى قصره الكبير يحكم بلاداً مملوءة بالخير والثروة ، ولكنه لم يكن سعيداً ، فدائماً ما كان الملك يشعر بالحزن حينا والضجر حينا آخر ، فأخذ الملك يبحث عن السعادة فى كل مكان ، ونصحه كل وزير من وزرائه بنصيحة فمنهم من قال له :
- تزوج يا مولاى الملك ، اختر عروساً جميلة ، وتزوجها ، فلا شئ يجعلك سعيداً مثل الزواج .
فاختار الملك أميرة جميلة تزوجها وجعلها ملكة وأقام الزينات فى البلاد أربعين ليلة ولكنه لم يصبح سعيداً .


وأخبره وزير آخر :
- إن السعادة فى الطعام الطيب متميز النكهة ، وأشار عليه بتغير الطباخ الخاص به ففعل الملك ، وأكل أفضل الأطعمة وأشهى الأطباق ، ولكنه لم يصبح سعيداً.


ونصحه وزير آخر بالترويح عن نفسه فى الرحلات المتعددة ، وأعد الملك العدة وذهب إلى الغابات وقام بالصيد والمغامرة ثم ارتحل إلى الصحراء وعاش أياماً وليالى رأى فيها عجائب كثيرة ولكنه لم يعد سعيداً ، وكانت الملكة ترى حيرة الملك ولا تملك اجابة تقدمها له عن سر السعادة .
وفى النهاية تقدم منه الحكيم ونصحه أن يتقرب إلى شعبه وناسه يخالطهم ويصاحبهم علّه يجد بينهم السعادة ، وفعل الملك فى البداية استقبله الأغنياء والوزراء والتجار ، ثم ذهب إلى الفلاحين والنجارين والفخارين والسقائين ولاحظ الملك أن شعبه ليس كله سعيداً،فهناك الفقراء والمحتاجون والشحاذون ، ومن يبحث منهم عن عمل ولا يجد ومن يحمل بين جنبيه مرضا ولا يملك حــــق الدواء ، ومنهم من فقد عزيزاً ومنهم من ظلمه أحد الكبار ، فحزن الملك أكثر إذ إن وزراءه كانوا يخبرونه دائماً بأن شعبه كله سعيد وأراد الملك أن يعود إلى قصره بعد أن وصل إلى نهاية حدود بلاده ، فأصدر الأمر إلى قواده وحرسه ، وكانت الأرض المزروعة أمامه عريضة شاسعة وبدا اللون الأخضر بها يفرح العين ، ونزل الملك من على فرسه ، وجلس تحت ظل شجرة ليستريح ، ورأى الملك فلاحاً يعمل فى أرضه وهو يغنى سعيداً رغم حرارة الجو ولهيب الشمس ، فاستدعاه الملك وسأله عن سر سعادته ، فأجاب الفلاح بأنه سعيد لأن وقت الحصاد قد اقترب ، وسوف يجنى الثمار التى تعب كثيراً فى غرسها والاعتناء بها حتى صارت أشجاراً ، ثم قال :
- لا شئ يسعد يا مولاى أكثر من أن ترى نتاج جهدك بين يديك .


وعرف الملك سر السعادة من هذا الرجل ، وقرر بعد أن عاد إلى قصره ، أن يرعى شعبه مثلما يرعى الفلاح أرضه ، وأمر أن يطوف المنادون فى البلاد ليخبروا الناس أن الملك على استعداد لمقابلة كل محتاج وكل من له مطلب أو مظلمة ، وفُتحت أبواب القصر واستقبل الملك الناس وسمع منهم وقضى لهم حاجاتهم وحل مشاكلهم ، وعندما رأى البسمة على وجوههم ، عرف أنه أدى عمله ، وعندما رأى المحبة فى أعينهم وسمع كلمات الشكر والدعاء من ألسنتهم حصد نتاج عمله ، فعرف الملك طعم السعادة لأول مرة .


وذات يوم دخلت عليه الملكة وقالت له :
- لقد كنت تبحث عن السعادة ياملكى العزيز ولم أكن أعرف كيف أجدها ، ولكنى الآن رأيت السعادة فى وجوه شعبك وعرفت سرها منك وستسعد أكثر حين تعرف أن الله سيهبنا أميراً صغيراً علينا أن نعلمه كيف يعيش سعيداً ويُسعد من حوله .


وعاش الملك والملكة مع الأمير أسعد أيامهم ، وأعطى الملك لشعبه الرعاية والأمان فأعطاه الشعب الحب والتضحية ، حتى صارت بلاد الملك هى بلاد السعادة .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق