الكراسة
سمر إبراهيم
وقف عمرو أمام البائع في المكتبة، ينظر حائرًا إلى صفوف الكراسات ليختار إحداها ويشتريها. كانت الكراسات مصفوفة في صفوف بالجانب الأيمن من المكتبة، ستة رفوف فوق بعضها بعضًا، وظل عمرو يجول بنظره بين الصفوف يتأمل الرسوم على الكراسات والنقوش المختلفة، وفي لحظة لمح كراسة أعلى الصف الأخير منزوية في الركن بعيدة مهملة يعلوها التراب، خارجة عن الصف وكأنها تعلن اختلافها. لفت نظره أن الجانب المواجه له من الكراسة يضيئه نجم لامع لمعانا خفيفا باللون الأزرق، وأن بقية هذا الجانب باهت يتضح التراب اللاصق عليه، وتخيل أن هذا التراب يخفي بعض النجوم الأخرى، وربما نقوشًا أخرى، قال عمرو لنفسه:"يبدو أنها أجمل كراسة في المكتبة". ثم قال للبائع:
- أريد هذه الكراسة الموجودة في أعلى الصف الأخير.
أشار البائع إلى كراسة أخرى، فقال له عمرو:
- ليست هذه.
وظل البائع يشير إلى الكراسات في أعلى الصف الأخير واحدة تلو الأخرى، ولم تمس يده الكراسة التي اختارها عمرو، أخيرا أحضر البائع الكراسة وهو خجل، وأعتذر لعمرو قائلا:
- آسف، فلم أر هذه الكراسة منذ زمن، وكأنها كانت تتعمد أن تنزوى بعيدا حتى لا تباع.
ابتسم عمرو، وقال له:
- أرني إياها.
أعطى البائع الكراسة لعمرو وهو متعجب من أمره، أخرج عمرو منديله، مسح التراب عن سطحها، فبدأت نجومها في الظهور والتلألؤ، وتأكد عمرو من أنها أجمل كراسة في المكتبة.
اشتراها عمرو بربع ثمنها الأصلي. ثم عاد إلى بيته، وأكمل تنظيفها، فرحت الكراسة، واعتبرت أن عمرو صديقها، وأن عليها إسعاده. فكان إذا ما فتحها تعزف له لحنًا موسيقيا جميلا، وعندما يبدأ في الرسم يجري القلم على أوراقها بسهولة، فتظهر أجمل الرسوم. وكانت تحكي له أجمل الحكايات، وتعلق عمرو بها، فكان أول ما يفعله عمرو صباحا هو تحية هذه الكراسة، وأول ما يفعله عند عودته من المدرسة الجري عليها.
وظلا هكذا سنوات طويلة، وكبر عمرو وكبرت الكراسة، وتعرف عمرو على كراسات كثيرة وكتب أكثر، ولكن ظلت هذه الكراسة صديقته الأولى والمفضلة.
ما الغاية من القصة والهدف الذي ترمي اليه
ردحذف