حكاية ورقة بيضاء
صفاء عبد المنعم
جلست
الورقة البيضاء على سطح المكتب تبكى بحرقة شديدة ، لأن صديقتها ورقة
النتيجة قالت لها : أنا لى فائدة كبيرة عنك، يعرف من خلالى أصدقائى بالبيت
الوقت واليوم والتاريخ ، أما أنت ورقة بيضاء مهملة لا يهتم بك أحد ، حتى
صديقى أحمد يحبنى أكثر منك فمن خلالى يعرف يوم المبارة والشهر والسنة ،
وصديقتى جنى ، كل يوم تقطع أوراقى الصغيرة حتى تعرف كم بقى من الشهر كى
تطلب من والدها المصروف وتعرف موعد رحلتها إلى الحديقة مع المدرسة ، أما
أنت ورقة مهملة .. وأم أحمد تقرأ أوقات الصلاة المكتوبة داخل الجدول كى
تصلى ، وأبو أحمد رب البيت كل يوم قبل الذهاب إلى العمل يطلع علىّ ، أما
أنت ورقة بيضاء مهملة ولا أحد يهتم بك .
أخذت
الورقة البيضاء تبكى وتبكى وهى تتذكر صديقها أحمد عندما كان يكتب الواجب
ويذاكر دروسه قبل أن يتسلم اللوح التعليمى من المدرسة ليذاكر عليه ، وقبل
ان يشترى اللاب توب الخاص به والذى أنشغل به كثيرا ، وتذكرت صديقتها ربة
البيت عندما كانت تحضر ورقة بيضاء وتكتب عليها حسابات مصروف البيت ، وأبو
أحمد عندما كان يكتب الخطابات للأصدقائه فى البلاد العربية ، تذكرت الكثير
والكثير من الرحلات الجميلة والتى كانت تطوف من خلالها العالم وهى داخل ظرف
مغلق مكتوب عليه اسم البلد والعنوان وطابع جميل مزركش ، تذكرت وتذكرت وكم
سهرت الليالى إلى جوار أبو أحمد وهو يحضر رسالة الدكتوراة ويكتب ملاحظاته
عليها ، فأخذت تبكى وتبكى .. وهى تردد : أنا غير مفيدة ، أنا مهملة .
وبعد
لحظات دخلت جنى الصغيرة وأخرجت علبة الألوان الجميلة من شنطتها الصغيرة ،
وأمسكت الورقة البيضاء من على سطح المكتب وجلست ترسم طيورا كثيرة تطير
وترفرف بجناحيها ، وأطفال صغار يلعبون بالبلونات ، واشجار وزهور جميلة ،
ولونت الأطفال والطيور والزهور بألوان جميلة مبهجة ، ضحكت الورقة كثيرا ،
وكفت عن البكاء ، عندما قامت جنى بلصقها على الحائط باللاصق الأبيض ، وأخذت
تنادى : ماما ماما ، أنا رسمت الحديقة ياماما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق