الاثنين، 1 نوفمبر 2010

حـلـــم النملـــة " دودى "، قصة للأطفال بقلم أحمد قرني محمد

حـلـــم النملـــة " دودى "
أحمد قرني محمد

الآن ستخرج النملة الصغيرة " دودي" بعد أن شبت وكبرت وأصبحت قادرة على الخروج من البيت .. أياما طويلة سهرت تفكر في الحكايات التي كانت تسمعها من " النملة الأم " عن الغابة الواسعة الشاسعة .. وكلما استمعت إلى إحدى هذه الحكايات طار قلبها وزاد شوقها وتاقت إلى الخروج .. وها قد حان الوقت واصطحبتها صديقتها النملة "بودي " التي كانت تكبرها عمرا وقد سبقتها إلى الخروج وعرفت الغابة جيدًا..
رحلـة الخـروج إلى الغابـة :
كان الوقت مبكرا حين نهضت "دودي" من الفراش وجرت إلى "بودي" قائلة لها
- هيا يا "بودى" أنا جاهزة للخروج .. أريد أن أرى الغابة
- يجب أن تستمعي جيدًا إلى نصائحى .. الغابة واسعة وكلها مخاطر
لم تعبأ "دودي" بكلام صديقتها وما أن رأت "دودي " أشعة الشمس وهى تفرش أرض الغابة الخضراء .. اندهشت وجالت ببصرها يمينًا ويسارًا وعندما رأت كل شيء حولها كبيرًا وضخمًا تعجبت وقالت:
- ما هذا يا "بودى" إننا معشر النمل مخلوقات قليلة الحجم – صغيرة جدًا ؟
- المخلوق لا يقاس بالحجم يا "دودي" .. المهم العقل .
- وما هذه الأشياء الضخمة العالية التي تقف على قدم واحدة ؟
- إنها الأشجار يا "دودي" التي نأخذ أوراقها كغذاء لنا .
وحين رأت حيوانًا يجرى أمامهما وهو يقفز من على الأرض ارتجفت وخافت وابتعدت.
- ما هذا يا " بودى " ؟!
- إنه الأرنب .
- إنه ضخم جدًا وسريع أيضًا لقد خفت منه
- لا تخافى منه إنه حيوان طيب ثم إنه ليس ضخمًا كما تظنين ؟!
إنه من أصغر حيوانات الغابة
لم تصدق "دودي" كلام صديقتها و ظلت تردد في دهشة
- معقول !! هذا الأرنب حيوان صغير ؟ !!
وحين اشتدت حرارة الشمس ذهبت "بودي" و "دودي" تحت شجرة الجميز بعض الوقت حتى تهدأ الحرارة .. لكن "دودى" أحست بشيء يتحرك بين الأوراق .. وحين رأته صرخت وصاحت وهى ترتعد
- أنظري يا "بودي" .. أنظري !
- لا تخافي يا "دودي " إنه الثعبان
- سوف يلدغنا
- لا تخافي إنه لا يهاجم النمل أبدًا
وهنا هدأت "دودي" ونظرت إليه متعجبةً
- كيف يسير بلا أرجل ؟ !! وكيف يقطع المسافات بسرعة ؟ !
- لأنه من فصيلة الزواحف .
وحين هدأت حرارة الشمس انطلقت الاثنتان إلى بركة الماء وسط الغابة لتشربا و فى طريقهما شاهدت (دودي) كثيرًا من الحيوانات مثل الأسد ملك الغابة والغزلان الطيبة .. والزرافة ..و وحيد القرن ..كل هذا و "دودى" تسأل في دهشة و "بودي" تجيب في رفق وعندما وصلت الصديقتان إلى بركة الماء شربت " دودي" وأخذت تلعب في الماء وفجأةً رأت "دودي" الظل يفرش خيوطه على صفحة الماء وهنا نظرت "دودى" إلى صديقتها.
- هيا يا " بودى" فقد جاء وقت العودة .. ها هى الشمس قد غربت .
- كيف يا "دودى" الشمس لم تغرب بعد ؟!
- بل غربت يا صديقتي أنظري إلى هذا الظل .. إنها غربت
ضحكت "بودى " من قول صديِقتها "دودي" .
- كيف ؟! وما هذا الظل الذي نحن فيه ؟!
- إنه ظل حيوان ضخم اسمه الفيل ولضخامة جسمه فقد حجب أشعة الشمس
- وأين هو أنا لا أراه ؟!!
- لن تستطيعن رؤيته كاملاً .
- لماذا ؟!
- لأننا صغار جدًا وهو حيوان ضخم جدًا .. وإذا أردت أن تتأكدى من كلامي أنظري إلى هذا الشئ الضخم الذى يتحرك .
- نعم نعم إنه جذع شجرة
- لا يا صديقتى إنه خرطوم الفيل .
وفجأةً قررت "دودي" أن تعود إلى البيت .. وعندما سألتها "بودي" عن سر العودة سريعًا وهى التى كانت تشتاق إلى الخروج قالت لها في إصرار
- أريد مقابلة " النملة الأم" في أمر هام .
الحلــــم :
عندما دخلت "دودي" البيت جرت مسرعة إلى حجرة "النملة الأم " واستأذنت في الدخول فأذنت لها .. وحين سألتها "النملة الأم " عما شاهدته في اليوم الأول لخروجها إلى الغابة قالت "دودي" :
- أنا حزينة جدًا لأننا معشر النمل صغار الحجم .
- وما الذى يحزنك يا "دودي"؟ إنها حكمة الله تعالى أن تتنوع المخلوقات فى كل شىء.
- لا أحد من المخلوقات يهتم بأمرنا ولا يخشانا ولا هابنا أحد في الغابة.
- لكن الأمر ليس بالحجم كما تظنين .
- بل هو كذلك أيتها "النملة الأم" .. وكل ما أحلم به أن أصبح أضخم مخلوق في الغابة.
- مثل الفيل !!
- نعم أيتها " النملة الأم " أريد أن أصبح فيلاً .. وأرجوك أن تحققي لي هذا الحلم.
- الأمر ليس سهلاً كما تظنين
- لا أرجوك .. أريد أن يشعر بى الآخرون .. أن يخشونى ..
وعندما رأت " النملة الأم " الدموع تنهمر من عيني الصغيرة "دودي" شعرت بالخوف عليها وأدركت قدر ما أصابها من الحزن وهنا قالت:
- سوف أساعدك يا " دودى " .
- حقًا أيتها " النملة الأم" سوف أصبح فيلاً ضخمًا .
- نعم اذهبي يا صغيرتي إلى " البركة الحمراء " التي تقع شرق الغابة و انزلي في مائها حتى يغمر جسدك كله وعندما تغمضين عينيك استحضري صورة المخلوق الذي تريدين أن تصبحى مثله .. وسوف يتحقق حلمك .
- وأخرج فيلاً كما أحلم
- نعم .. هيا اذهبي في الحال وأرجو أن يسعدك ذلك .
شكرت دودي " النملة الأم " على مساعدتها وانطلقت مسرعةً إلى " البركة الحمراء" وفعلت "دودي" كل ما طلبته "النملة الأم" وعندما خرجت لم تصدق نفسها وهى ترى ظلها الهائل يفرش الأرض الواسعة .. وهى تحرك خرطومها الطويل وترفع قدمها الثقيلة وتتحرك المياه كأنها موج هائل ورأت الأشجار ترتجف بمجرد مرورها .. ضحكت وقالت :
- أنا "دودى" الفيل الضخم .. أضخم حيوان في الغابة.
- وحين وصل صوتها الهائل إلى آذان المخلوقات هرولت خائفةً ترتجف
سارت "دودي" سعيدة بشكلها الجديد بعد أن قررت أن تراها صديقتها "بودي" بحجمها هذا وحين اقتربت "دودي" من بيت النمل سمعت صراخ صديقتها "بودى".
- أسرعوا أيها النمل – أدخلوا مساكنكم – الفيل سيحطمكم
وهنا ضحكت "دودي" ورفعت خرطومها عاليًا في الهواء وقالت :
- لا تخافى يا "بودى" أنا صديقتك "دودي "
لم تصدق بودى حين شاهدت صديقتها "دودي" بهذا الجسد الضخم وأسرعت إليها .. وانطلقا سويًا إلى الغابة .. كانت "بودى" تركب فوق ظهر" دودي" سعيدة فرحة وحين رأت "بودي" شجرة التوت صاحت .
- أريد أن آكل " التوت ".. سوف أنزل لأصعد الشجرة .
وصعدت "بودي" شجرة التوت في سهولة بينما كانت تنظر إليها "دودي" فى دهشة وتتعجب كيف أن نملة صغيرة تستطيع التسلق وهى فيل ضخم لا يستطيع أن يفعل ذلك ؟!!
وحين هبطت "بودي" قدمت لصديِقتها قطعة من " التوت" .. لكن "دودى" لم تشبع كعادتها حين كانت نملة وأحست بالجوع فأشارت عليها "بودي" أن تذهب إلى مراعى الفيلة فهناك ستجد الطعام الوفير من الحشائش الخضراء يكفى لإطعامها .
مضت الصديقتان في طريقهما إلى أرض مراعى الفيلة
شعرت "دودي" بالتعب الشديد وعندما رأت "بودي" ذلك قالت لصديقتها .
- أراك يا "دودى" متعبةً جدًا ؟!!
- من طول السير .
- لكننا سرنا بالأمس مسافة أطول من ذلك .
- يبدو أن النمل الصغير يستطيع أن يسير أطول من الفيل الضخم.
- اصبري فقد اقتربنا من مراعى الفيلة .
سارت "دودي" بخطى بطيئة منهكة حتى رأت عن بعد مراعى الفيلة الخضراء وعندها نشطت في سيرها حتى وصلت ومدت خرطومها بسرعة فقبضت على الحشائش وألقتها في فمها .
- ما ألذ الأكل بعد الجوع الشديد
لم تهنأ "دودي" بطعامها .. فإذا قطعان الفيلة يتقدمهم كبيرهم أحاطوا "دودي" من كل اتجاه وقالت :
- ما هذا يا "بودى" ؟!
- يبدو أن الفيلة ترحب بك يا "دودي" .
وهنا قالت " دودي" في خوف :
– لا أظن ذلك .
تقدم كبير الفيلة أمام "دودي" وقال بلهجةٍ حادةٍ ومخيفة .
- ماذا تفعل هنا أيها الفيل الغريب ؟!
- أنا جائع كما تراني وجئت من أجل الطعام .
- وكيف تتعدى على مراعينا وحشائشنا ؟!!.
نظر كبير الفيلة إلى قطيع الفيلة الذى يحيط بـ " دودى " وقال في لهجةٍ صارمة
- هيا يا أبنائى الفيلة دافعوا عن مرعاكم وحشائشكم ضد هذا المعتدى .
وهنا وفى لحظة هجمت الفيلة وهى ترفع خراطيمها وظلتْ تضرب " دودي " التي لم تجد مفرا سوى الهرب وظلت " دودى " تجرى وتصرخ والفيلة تلاحقها حتى ابتعدت وشعرت بدوار وإعياء وسقطت على الأرض وهنا صرخت " بودى "
- ما بك يا "دودي" .. هل أنت بخير ؟!
- كيف لم أستطع أن أحمى نفسي برغم هذه القوة التي لدى وهذا الجسد الهائم
- لا تحزنى يا " دودى " هذا هو اختيارك أن تصبحى فيلاً ضخمًا ..
أغمضت " دودي" عينيها من التعب والجوع وراحت في النوم وما هي إلا ثوان معدودة مرت وأتاها صراخ " بودي " عندما اقتربت من أذنها وصاحت
- استيقظي يا " دودى " أنت فى خطر .. هيا استيقظى بسرعة
وفتحت "دودى "عينيها فى تعب وقالت:
- ماذا حدث هل عادت الفيلة لمهاجمتي ؟!!
- لا .. انظرى إنه الثعبان يزحف نحوك .
- لكنكِ قلتِ لى من قبل أن الثعابينَ لا تهاجمنا .
- لكنك بالأمس كنت نملة مثلى.. أما الآن فأنت فيل..ويمكنه أن يلدغكِ
وعندما سمعت ذلك " دودى " ارتجف جسدها الضخم وبدأت في الهرب سريعًا من المكان ودون أن تشعر داست بقدمها على شجرة الشوك وصرخت من الألم بعدما نزف الدم من قدمها وصاحت " بودي " :
- سوف أساعدكِ يا " دودى " .
وردت" دودى"- وهل نملة صغيرة مثلك يمكنها أن تساعد فيلاً ضخمًا مثلى ؟!
وهنا غضبت "بودي" مما قالته " دودى " وشعرت بحزن و انطلقت " بودى " عائدة إلى بيت النمل تاركة " دودى" متعبة وجائعة تتألم و قد نظرت حولها واندهشت حين رأت "النملة الأم" أمامها.
- أنظري ماذا حدث لى أيتها " النملة الأم " ؟!
- كنت بالأمس نملةً سعيدةً والآن أنت فيل لكنك غير سعيدة
- بالأمس كان حجمى صغيرا والآن أنا أضخم حيوان فى الغابة .
- لكن بالأمس يا " دودى " كان لك أهل وعشيرة وبيت والآن أنت فيل لكنه غريب لا وطن له حتى قطعان الفيلة هاجمتك حتى صديقتك الوحيدة " بودى " تركتكِ.
- لكن أنظري أيتها "النملة الأم " .. إن جميع الحيوانات تهابني وتخاف منى وتجرى من أمامى لضخامة جسمي وقوة خرطومي .
- ليس مهمًا أن تخافك الحيوانات أو أن تهابك المهم أن تحبك .
- أنا اليوم قوية جدًا .
- لا لست قوية يا " دودى " المرء قوى بجماعته وأهله وعشيرته أما الآن فأنت وحيدة كما أراك.
- لكنني أستطيع أن أفعل أشياء كثيرةً بقوتي .
- أنظر ى إلى نفسك أنت الآن جائعة ووحيدة بلا صديقة..وغريبة بلا أهل
- هل تريديني أن أعود نملةً ضعيفة ؟!
- المهم ليس في الشكل ولا في الحجم يا ابنتي " دودي " ...وحكمة الله أن تتنوع الكائنات في لونها وحجمها.
مضت "النملة الأم" بعيدًا عن " دودى " وتركتها تفكر وتفكر وقالت " دودي " لنفسها :
- ماذا أفعل .. هل أعود نملة كما كنت صغيرة أم أظل فيلاً .
فكرت في الأمر جيدًا .. ظلت طوال الليل تفكر لم تهدأ أبدًا وفى الصباح قالت:
- هل أتخلى عن حلمي بهذه السهولة
تذكرت كلمة " النملة الأم" وأخذت ترددها
- نملة صغيرة لها أهل وعشيرة ووطن خير ألف مرة من فيل ضخم لكنه غريب بلا أهل أو وطن .
المفــاجـــأة:
وفعلت " دودي " ما لم يكن يصدقه أحد أبدًا حين ذهبت سريعًا إلى" البركة الحمراء" ونزلت إلى المياه حتى غمرتها واختارت شكلها وهذه المرة رأت نفسها نملةً صغيرة تسمى " دودي" ربما لا يشعر بها أحد ولا تهابها حيوانات الغابة لكنها سعيدة بنفسها وبشكلها وهى تقول كل يوم:
- الحمد لله أن خلقني نملة ولم يخلقني شيئًا آخر .
وحين انطلقت مسرعة إلى بيت النمل رأت صديقتها " بودي " تجلس هناك عند شجرة "الجميز" حزينة تقول :
- أين أنت يا صديقتي " دودى " كيف حالك الآن ؟..
واندهشت كثيرًا وفرحت عندما أتاها صوت " دودي " من خلفها واحتضنتها وقبلتها وفرحت بعودتها .
- مرحبًا بعودتك إلى نفسك ولصديقتك ولبيت النمل يا " دودى " .
- فكرت كثيرًا في الأمرِ ورأيت أن نملة صغيرة ولها صديقة مثلك خير من فيل ضخم لكنه بلا أصدقاء .
"دودى"و"بودى" كانتا تضحكان وتلعبان عند شجرة " الجميز " بينما كانت " النملة الأم" تتابعهما من بعيد و هي سعيدة بعودة " دودي " إلى بيتها .

هناك تعليقان (2):