الغربان السبعة
الأخوان جريم
ترجمة: محمد عبدالحي
في سالف الزمان عاش رجل عنده سبعة من الأولاد ، و
كانت أمنيته الوحيدة في الحياة هي أن يرزقه الله ولو بنتا واحدة ، لكن ذلك
لم يحدث .. حتى جاءته زوجته ذات يوم ، و بشرته بقدوم طفل جديد . و عندما
وضعت الزوجة مولودها كانت بنتا ، فكانت فرحة الرجل بها عظيمة . لكن الطفلة
كانت في غاية الشحوب ، و غاية الصغر ؛ فرأى الأب أن يعمدها1 في المنزل
لضعفها الشديد فبعث بأحد أولاده ليجلب بسرعة بعض الماء من البئر القريب من
أجل العماد فرافقه باقي أخوته ، و بينما هم يتسابقون من يجلب الماء و يعود
به أولا .. سقط الدلو منهم داخل البئر و لم يستطيعوا استخراجه ، فوقفوا
حائرين ، ولم يجرؤ أي منهم على العودة للمنزل بدون الماء .
عندما تأخر الصبية ، أخذ الأب يفقد صبره شيئا فشيئا ، و يقول :
- هؤلاء الملاعين .. لابد أنهم انشغلوا باللعب ونسوا امر الماء
وبمرور الوقت أخذ قلق الأب يزداد من ان تموت طفلته الصغيرة دون أن تعمد , حتى وصل إلى قمة الغضب فصاح :
- لكم اتمنى ان يتحول هؤلاء الأشقياء إلى غربان
ولم يكد الأب يتم كلماته حتى سمع حفيف اجنحة فى الهواء فوقه , وعندما رفع رأسه كان سبعة من الغربان فى سواد الفحم يحلقون إلى بعيد.
ظل الأبوان يحاولان مرارا إبطال تلك اللعنة فلم يستطيعا , لكن وبرغم حزنهما الشديد لفقد أولادهما السبعة بهذه الطريقة المحزنة , فقد وجدا بعض العزاء فى تلك البنت الصغيرة التى سريعا ما نمت واشتد عودها وأخذ جمالها يزداد يوما بعد يوم . ولوقت طويل ..عاشت الصغيرة لا تعلم شيئا عن اخوتها السبعة الذين كانوا لها ذات يوم حيث كان أبواها يخفيان الأمر عنها جيدا , حتى جاء يوم سمعت فيه بعض الأشخاص يتهامسون عنها ، و يقولون :
- هى بالطبع فتاة جميلة , لكن إن كان هناك من يتحمل اللوم على ماحدث لإخوتها السبعة فيجب ان تكون هى!
فاضطربت الفتاة , واسرعت إلى والديها لتسألهما إن كان لها حقا سبعة من الأخوة, وماذا حدث لهم ؟! .. عندها لم يستطع الأبوان كتمان الإمر , فأخبراها بما حدث , وقالا أن ما أصاب إخوتها كان إرادة الله , وأن مولدها لم يكن إلا سببا بريئا ليتم القدر , ومع ذلك أخذ الأمر يثقل قلب الفتاة يوما بعد يوم حتى قررت أنها يجب أن تنقذ إخوتها , وهكذا لم تعرف طعم الراحة حتى تسللت خفية , وانطلقت إلى العالم الكبير باحثة عن إخوتها لتحررهم من تلك اللعنة مهما كلفها الإمر. لم تأخذ معها إلا خاتم صغير لوالديها كتذكار ، و كسرة خبز لتقيها الجوع ، و جرعة ماء لتقيا العطش ، و كرسي صغير من أجل تعب الطريق . من هنا أخذت الفتاة الصغيرة تسير و تسير بلا توقف ، و بعيدا بعيدا حتى وصلت إلى آخر العالم ، فتابعت إلى الشمس ، لكنها كانت حارة جدا ، و مخيفة ، و شهيتها مفتوحة للأطفال الصغار .. فهربت الفتاة سريعا إلى القمر الذي كان هو الآخر في غاية البرودة ، و كذلك مرعب ، و شرير جدا ، و عندما لمح الفتاة الصغيرة قال :
- أنا أشـُم ... أنا أشـُم رائحة لحم إنسان !
و هكذا انطلقت الفتاة سريعا و لجأت إلى النجوم التي كانت حنونة و طيبة معها ، و كل نجمة كانت قد جلست على مقعدها الخاص ، لكن نجمة الصباح قامت ، و أهدت الفتاة الصغيرة ساق دجاجة ، و قالت :
- بدون ساق الدجاجة تلك لن تستطيعي فتح بوابة الجبل الزجاجي .. و في الجبل الزجاجي يسكن أخوتك
أخذت الفتاة ساق الدجاجة ولفتها جيدا في قطعة من القماش ، وانطلقت مرة أخرى في طريقها حتى وصلت إلى الجبل الزجاجي ، و عندما وجدت الباب مغلقا أرادت أن تخرج ساق الدجاجة لتفتحه ، لكن ما أن حلّت الفتاة قطعة القماش حتى و جدتها خالية و قد فقدت هدية النجمة الطيبة . ماذا ستفعل الآن ؟ .. لقد كانت تتمنى أن تنقذ أخوتها ، و الآن لم يعد لديها مفتاح للجبل الزجاجي . الأخت الطيبة فكرت قليلا ، ثم أخرجت سكينا و قامت بقطع أصبع من أصابعها الصغيرة ، و وضعته في القفل ، و نجحت أخيرا في فتح باب الجبل الزجاجي .
عندما تقدمت الفتاة إلى الداخل اقترب منها قزم ، و قال :
- بنيتي الصغيرة .. عمّ تبحثين ؟
فقالت الفتاة :
- أنا أبحث عن إخوتي .. الغربان السبعة
فرد القزم :
- إن سادتي الغربان ليسوا هنا الآن ، لكن – إن أردت – يمكنك انتظارهم
قالها ، و راح يعد العشاء للغربان في سبعة أطباق صغيرة ، و سبعة أكواب .. فأخذت الفتاة الصغيرة قضمة من كل طبق ، و رشفة من كل كوب ، وفي الكوب الأخير أسقطت الخاتم الذي كانت تحمله معها .
و فجأة .. سمعت صوت حفيف ، و حركة في الهواء ، فقال القزم :
- أنهم سادتي الغربان قد وصلوا
عندها دخلوا و أرادوا أن يتناولوا عشاءهم فبحثوا عن أطباقهم ، و أكوابهم ، لكنهم أخذوا يصيحون واحدا وراء الآخر :
- من أكل من طبقي .. من شرب من كوبي .. أنها آثار فم إنسان !- من أكل من طبقي .. من شرب من كوبي .. أنها آثار فم إنسان !
حتى وصل سابعهم إلى قاع كوبه وتدحرج الخاتم إلى منقاره , وعندما رآه عرف أن ذلك الخاتم يخص أباه وأمه , فصاح :
- لكم أتمنى ان تكون أختنا هنا الآن..عندها فقط نصبح أحرارا
وعندما سمعت الأخت التى كانت تختفى خلف الباب تلك الأمنية..انطلقت إليهم , وفى تلك اللحظة عاد الغربان السبعة إلى صورتهم الآدمية من جديد , فأخذوا يتعانقون ويقبلون بعضهم بعضا , وعادوا جميعا إلى المنزل ليعيشوا فى سعادة وهناء.
عندما تأخر الصبية ، أخذ الأب يفقد صبره شيئا فشيئا ، و يقول :
- هؤلاء الملاعين .. لابد أنهم انشغلوا باللعب ونسوا امر الماء
وبمرور الوقت أخذ قلق الأب يزداد من ان تموت طفلته الصغيرة دون أن تعمد , حتى وصل إلى قمة الغضب فصاح :
- لكم اتمنى ان يتحول هؤلاء الأشقياء إلى غربان
ولم يكد الأب يتم كلماته حتى سمع حفيف اجنحة فى الهواء فوقه , وعندما رفع رأسه كان سبعة من الغربان فى سواد الفحم يحلقون إلى بعيد.
ظل الأبوان يحاولان مرارا إبطال تلك اللعنة فلم يستطيعا , لكن وبرغم حزنهما الشديد لفقد أولادهما السبعة بهذه الطريقة المحزنة , فقد وجدا بعض العزاء فى تلك البنت الصغيرة التى سريعا ما نمت واشتد عودها وأخذ جمالها يزداد يوما بعد يوم . ولوقت طويل ..عاشت الصغيرة لا تعلم شيئا عن اخوتها السبعة الذين كانوا لها ذات يوم حيث كان أبواها يخفيان الأمر عنها جيدا , حتى جاء يوم سمعت فيه بعض الأشخاص يتهامسون عنها ، و يقولون :
- هى بالطبع فتاة جميلة , لكن إن كان هناك من يتحمل اللوم على ماحدث لإخوتها السبعة فيجب ان تكون هى!
فاضطربت الفتاة , واسرعت إلى والديها لتسألهما إن كان لها حقا سبعة من الأخوة, وماذا حدث لهم ؟! .. عندها لم يستطع الأبوان كتمان الإمر , فأخبراها بما حدث , وقالا أن ما أصاب إخوتها كان إرادة الله , وأن مولدها لم يكن إلا سببا بريئا ليتم القدر , ومع ذلك أخذ الأمر يثقل قلب الفتاة يوما بعد يوم حتى قررت أنها يجب أن تنقذ إخوتها , وهكذا لم تعرف طعم الراحة حتى تسللت خفية , وانطلقت إلى العالم الكبير باحثة عن إخوتها لتحررهم من تلك اللعنة مهما كلفها الإمر. لم تأخذ معها إلا خاتم صغير لوالديها كتذكار ، و كسرة خبز لتقيها الجوع ، و جرعة ماء لتقيا العطش ، و كرسي صغير من أجل تعب الطريق . من هنا أخذت الفتاة الصغيرة تسير و تسير بلا توقف ، و بعيدا بعيدا حتى وصلت إلى آخر العالم ، فتابعت إلى الشمس ، لكنها كانت حارة جدا ، و مخيفة ، و شهيتها مفتوحة للأطفال الصغار .. فهربت الفتاة سريعا إلى القمر الذي كان هو الآخر في غاية البرودة ، و كذلك مرعب ، و شرير جدا ، و عندما لمح الفتاة الصغيرة قال :
- أنا أشـُم ... أنا أشـُم رائحة لحم إنسان !
و هكذا انطلقت الفتاة سريعا و لجأت إلى النجوم التي كانت حنونة و طيبة معها ، و كل نجمة كانت قد جلست على مقعدها الخاص ، لكن نجمة الصباح قامت ، و أهدت الفتاة الصغيرة ساق دجاجة ، و قالت :
- بدون ساق الدجاجة تلك لن تستطيعي فتح بوابة الجبل الزجاجي .. و في الجبل الزجاجي يسكن أخوتك
أخذت الفتاة ساق الدجاجة ولفتها جيدا في قطعة من القماش ، وانطلقت مرة أخرى في طريقها حتى وصلت إلى الجبل الزجاجي ، و عندما وجدت الباب مغلقا أرادت أن تخرج ساق الدجاجة لتفتحه ، لكن ما أن حلّت الفتاة قطعة القماش حتى و جدتها خالية و قد فقدت هدية النجمة الطيبة . ماذا ستفعل الآن ؟ .. لقد كانت تتمنى أن تنقذ أخوتها ، و الآن لم يعد لديها مفتاح للجبل الزجاجي . الأخت الطيبة فكرت قليلا ، ثم أخرجت سكينا و قامت بقطع أصبع من أصابعها الصغيرة ، و وضعته في القفل ، و نجحت أخيرا في فتح باب الجبل الزجاجي .
عندما تقدمت الفتاة إلى الداخل اقترب منها قزم ، و قال :
- بنيتي الصغيرة .. عمّ تبحثين ؟
فقالت الفتاة :
- أنا أبحث عن إخوتي .. الغربان السبعة
فرد القزم :
- إن سادتي الغربان ليسوا هنا الآن ، لكن – إن أردت – يمكنك انتظارهم
قالها ، و راح يعد العشاء للغربان في سبعة أطباق صغيرة ، و سبعة أكواب .. فأخذت الفتاة الصغيرة قضمة من كل طبق ، و رشفة من كل كوب ، وفي الكوب الأخير أسقطت الخاتم الذي كانت تحمله معها .
و فجأة .. سمعت صوت حفيف ، و حركة في الهواء ، فقال القزم :
- أنهم سادتي الغربان قد وصلوا
عندها دخلوا و أرادوا أن يتناولوا عشاءهم فبحثوا عن أطباقهم ، و أكوابهم ، لكنهم أخذوا يصيحون واحدا وراء الآخر :
- من أكل من طبقي .. من شرب من كوبي .. أنها آثار فم إنسان !- من أكل من طبقي .. من شرب من كوبي .. أنها آثار فم إنسان !
حتى وصل سابعهم إلى قاع كوبه وتدحرج الخاتم إلى منقاره , وعندما رآه عرف أن ذلك الخاتم يخص أباه وأمه , فصاح :
- لكم أتمنى ان تكون أختنا هنا الآن..عندها فقط نصبح أحرارا
وعندما سمعت الأخت التى كانت تختفى خلف الباب تلك الأمنية..انطلقت إليهم , وفى تلك اللحظة عاد الغربان السبعة إلى صورتهم الآدمية من جديد , فأخذوا يتعانقون ويقبلون بعضهم بعضا , وعادوا جميعا إلى المنزل ليعيشوا فى سعادة وهناء.
-------------------------
1)
العماد هو طقس ديني في المسيحية يتم في الكنيسة عادة ، و يتم فيه غمر
الطفل بالماء الطاهر في طقوس خاصة و بدون العماد لا يقبل الإنسان كمسيحي
بعد الموت