الأحد، 29 مايو 2011

"أحلام الفأر الصغير" قصة للأطفال بقلم فاطمة هانم طه

احلام الفأر الصغير
سن من 9 الي 12 سنة 
فاطمة هانم طه محمد

وقف الفأر الصغير علي قدميه الخلفيتين ، رافعا راسه ينصت في اهتمام فهو دائم الانشغال بما يحدث حوله.انصت قليلا ثم صاح: اتسمعون ؟
نظر رفاقه اليه في دهشة ثم قالوا : لا..لا نسمع شيئا 0
عاد الفأر الصغيرينصت وقال : هذا الصوت ؟ انصتوا قليلا هاهو0
تجاهلت الفئران قوله وانصرف كل منهم الي شأنه

راح الفأر الصغير يبحث هنا وهناك حوله ،يمسح بشاربه العشب ...يتفحص ما يقابله.. يبحث عن الصوت الذي يسمعه .. يتلفت حوله وهز شاربه.. تشمم الهواء ، كان حائر يسأ ل : ما هذا الصوت؟ ومن اين يأتي ؟ وبقية الفئران منشغلة لا تسمع ما يسمعه الفأر الصغير الذي يبحث ليعرف .

سأل الفأر الصغير جده: لماذا اسمع هذا الصوت ولا يسمعه غيري من الفئران؟
قال الجد: لانك مشغول بمعرفة حقيقة ما يقابلك من احداث .
قال الفأر الصغير : وماذا افعل حتي اعرف حقيقة ذلك الصوت الذي يتردد في سمعي طول الوقت ؟
قال الجد : ارحل تجول ، ففي السفر سبع فوائد،سيساعدك التنقل علي معرفة حقيقة ما تسمع ،وما تبحث عنه ، وستتعرف علي كثير من المخلوقات التي تعيش في الغابة وتتعلم الكثير والكثير0
اقتنع الفأر الصغير بنصيحة جده وركض الي الغابة .
كلما توغل داخل الغابة ازداد الصوت الذي يسمعه وضوحا ، فعلم انه في طريقه الصحيح لاكتشاف الحقيقة ، فدخل الي عمق الغابة اكثر ، وبعد قليل توقف ينصت ليحدد الي اي اتجاه يسير، ثم سار نصف اليوم فسمع صوت يقول: مرحبا
التفت الفأر الصغير حوله منزعجا وقد تملكه الخوف سمع الصوت مرة اخري يقول : اهلا بك يا صغيري ماذا تفعل وحدك في الغابة ؟0
التفت الفأر الصغير نحو مصدر الصوت فوجد ارنب عجوز يقف بالقرب منه يبتسم في ود ، فذهب عنه الخوف
وقال : انا ابحث عن مصدر صوت يدق في راسي... اسمع ، هاهو يدق علي الدوام، أتسمعه انت الاخر؟0
أنصت الانب لحظات، ثم هتف: نعم أسمعه .
فرح الفأر الصغير وهتف: حسنا ... أتعرف ما هو ؟
قال الارنب : نعم انه صوت النهر0
قال الفأر الصغير : النهر ، وما هو النهر ؟
قال الارنب : النهر هو عملاق هادر لا يقدر عليه احد، انه خطر داهم اذا غضب ، وهذا صوت جريانه مندفعا في طريقه الي البحيرة المسحورة التي تنعكس صورة العالم 0
قال الفأر الصغيرمندهشا : البحيرة المسحورة ؟
قال الارنب : نعم انصحك بالتراجع وعدم البحث عنه .
قال الفأر الصغيرفي اصرار : لا سوف ابحث عنه مهما كان خطره ومهما كلفني من مشقة ، سأجده واطلب منه خفَض صوتها لمزعج .
قال الارنب : اذن إتبعني ساوصلك الي هناك هيا.

شعر الفأر الصغير بالقلق من كلام الارنب العجوز ، ولكنه يريد ايضا أن يري النهر، ويطلب منه خفض صوته .. فتبع الارنب في دروب الغابة ، التي بهرته بأشجارها وأزهارها ، وراح يتشمم الحيوانات التي تمر به ، ويسأل الارنب العجوز عنها ، فيخبره بأسمائها، فهذا اسد وهذا نمر و فيل و ذئب ، فعرف بقية سكان الغابة ، وعلم ان هناك الكثير من الحيوانات تسكن فيها.



و رغم خوفه استمر يسير خلف الارنب ، وكلما ازداد االصوت وضوحا كان اصراره علي الوصول اليه يزداد ، وشعر انه أقترب من تحقيق هدفه، فيستمر في متابعة خطي الارنب العجوز في نشاط .

بعد فترة وصلا الي النهر وكان صوت هديره عاليا ، وقف الفأر الصغير مشدوها يضع اصابعه في اذنيه، ينظر فوجد امامه مجري واسع يتدفق فيه الماء بقوة ، نظر اليه في خوف ،ثم استجمع شجاعته وصاح : ايها النهر ارجو ان تخفض صوتك قليلا 0 ولكن النهر ظل مندفعا ولم يلتفت الي الفأر الصغير فعلم الفأر ان صوته الضعيف لن يصل الي سمع النهر ، فأقترب من حافة النهر اكثر .وصاح بصوت عالي : ايها النهر ، ان صوتك يزعجني ويدق في راسي فارجو ان تخفضه قليلا 0
ولكن النهر ظل مندفعا لا يسمع صوت الفأر الصغير، الذي نظر الي صفحة الماء فرأي فأرا صغيرا مزعورا ينظر اليه فخاف وتراجع الي الخلف حتي سقط علي الارض ونظر الي الارنب العجوز وقال : رايت فار صغير في النهر كيف يعيش الفأر في النهر؟
ضحك الارنب وقال : ها ها فأر في النهر ها ها ان الفأر الذي رايته وقع علي الارض من الخوف هاها ، انها صورتك يا صغيري تنعكس علي صفحة الماء ، ومن لم ياتي الي النهر لن يعرف عنه شيئا ولن يري صورته ابدا.
،اما قلت لك إن النهر خطير 0

نهض الفأر الصغير وهو يقول : انه لا يسمعني، فماذا افعل حتي يصل صوتي اليه ؟
قال الارنب : ان النهر في طريقه البعيد لا يلتفت الي احد ولا ينتظر احد، فعليه واجب لابد من إتمامه انه يسافر الي الاماكن البعيدة جدا ولا يوقفه احد ابدا الا..... صمت الارنب
فساله الفأر الصغير : من الذي يمكنه ان يوقف النهر الهادر ؟
قال الارنب : الجبل العظيم ، هو فقط الذي يمكنه ان يجعل مياه النهر تتوقف في البحيرة المسحورة، التي تعكس صورة العالم كله ، هناك فقط يمكنك ان تتحدث اليه ؟

شعرالفأر الصغيربالياس قليلا ثم صاح : سوف ابحث عن الجبل العظيم واطلب منه ان يعترض طريق النهر وعليك مساعدتي حتي اصل الي هناك0
قال الارنب: لااستطيع انه بعيد جدا ، واذا ذهبت الي هناك لن استطيع العودة وسوف اضيع في الغابه .
قال الفأر الصغير : لا ارجوك لا تتركني هنا وحيدا0
قال الارنب : لا تخاف سوف اتركك لصديقتي الضفدعة الساحرة التي تقف هناك 00 انظر.
نظر الفأر الصغير الي حيث اشار الارنب ، فراي ضفدعة كبيرة الحجم تقف علي احدي الصخور داخل النهر ، تعجب الفأر الصغير وصاح: كيف تقفين داخل النهر الهادرألا تخافين ؟
ضحكت الضفدعة الساحرة وقالت : لا لست خائفة لانني اعرف حقيقة النهر فمن يعرف حقيقة الشئ لا يخاف منه.
قال الفار الصغير : ولكن انا اخاف من صوته الهادر ،وأريد ان أذهب الي الجبل العظيم عند البحيرة المسحورة واطلب منه اعتراض طريق النهر حتي يمكنني التحدث اليه ، لأطلب منه خفض هديره المزعج0
صمتت الضفدعة الساحرة قليلا و قالت : أذن سوف اساعدك لتصل الي الجبل العظيم ولكن قبل ذلك سوف امنحك قوة السحر حتي تصبح شجاع قادرا علي رؤية الاشياء البعيدة0
صاح الفأر الصغير في فرح : اذن امنحني هديتك بسرعة هيا 0
قالت الضفدعة الساحرة : ولكن قبل ان أمنحك قوة السحر،هناك شرط
قال الفار مندفعا : اقبل كل شروطك ..هيا
قالت الضفدعة الساحرة : عليك ان تقدم بعض التضحيات خلال رحلتك لتحقيق هدفك 0
قال الفأر الصغير : لايهم سأتحمل كل المشاق ، والتضحيات هيا0
قالت الضفدعة الساحرة : فكر قليلا0
قال الفار الصغير: لا، بدون تفكير ،هيا إمنحيني قوة السحر هيا0
قالت الضفدعة: اذن قف مستقيما وانحني الي أسفل قدر إستطاعتك ثم إقفز عاليا بكل قوتك وستري ماذا سيحدث لك.
إستجمع الفار الصغير قوته وفعل كما طلبت الضفدعة الساحرة وقفز عالي،وفجأة وجد نفسه يطير ويرتفع في الفضاء، وهناك بعيدا بعيدا ... رأي جبل عظيم الإرتفاع ولكنه هبط بسرعة ليستقر في النهر وكاد أن يغرق ، فكافح بكل قوة وشجاعة ووصل الي اليابسة وهو يصرخ قائلا : لقد خدعتني وكدت أموت لا أريد قوة السحر هذه0
قالت الضفدعة : لاتتسرع ولا تدع الغضب يعميك عن الحقيقة قل لي أولا ماذا رأيت هناك ؟
هدأ الفار الصغيروراح يتذكر ثم قال في دهشة : آه تذكرت لقد رأيت هناك جبلا عاليا.
قالت الضفدعة : أرأيت قوتك الأن ؟وبهذه القوة نفسها يمكنك تحدد مكان هبوطك لتعود الي الارض سالما 0
قال الفأر الصغير : والان ماذا افعل حتي اصل الي الجبل العظيم؟
قالت الضفدعة : انت الان اصبحت ( الفأر الصغير الوثاب )وتستطيع ان تصل الي هناك وحدك 0 شكر الفأر الصغير الوثاب الضفدعة وودعها وسار في طريقة للبحث عن الجبل العظيم كان فخورا بما يملكه من قوة السحر التي تمكنه من رؤية ما يريد .
استجمع الفأر الصغير الوثاب قوته وقفز عاليا في الفضاء فرأي الجبل العظيم ناحية الشرق ولكنه راي ايضا هناك في الفضاء نقط سوداء كثيرة تتحرك هنا وهناك فتساءل في دهشة :تري ما حقيقة تلك النقاط السوداء المتحركة ؟
هبط الفأر الصغير الوثاب الي الارض واسرع في طريقه بنشاط وهمة ناحية الشرق يسير في الغابة حتي وصل الي مكان فسيح تظلله الاشجار الباسقة وتنتشر في أرجائه الزهور وسنابل القمح الذهبيه والبذور الناضجة و جداول الماء العذب ووقف يتفحص المكان فرأي فأر عجوز فاقترب منه قائلا: مرحبا يا جدي0
تفحص الفأر العجوز الفأر الصغير الوثاب و قال : مرحبا يا صغيري ، مرحبا بك في جنة الحكمة 0
قال الفأر الصغير الوثاب في دهشة : جنة الحكمة ، اين هي ؟
قال الفار العجوز : هنا جنة الحكمة نحن نعيش هنا مع الحيوانات الاخري في امان لدينا الطعام الوفير والماء العذب وهنا لا يعتدي أحدا علي أحد، ولا يطمع أحدا في ما لدي غيره و هنا لا ترانا النسورالجائعة واشار الي اعلي 0
نظر الفأر الصغير الوثاب الي حيث اشارفرأي النقط السوداء المتحركة تلف وتدور فوقهم.
فقال : النسور هل هذه النقط السوداء نسور ؟
قال الفار العجوز : نعم انها تعرف اننا نعيش هنا وتراقبنا وتنتظر ظهور أحدنا فتنقض عليه وتأكله ولهذا نحن نسكن في الجحور ونختبأ تحت الشجيرات التي تحجبنا اعين النسور ولكن قل لي من انت؟ ولماذا جئت الي هنا ؟
فال الفأر الصغير الوثاب : جئت هنا ابحث عن الجبل العظيم والبحيرة المسحورة وأطلب من النهر خفض صوته المزعج الذي يدق في راسي 0
قال الفأر العجوز :الجبل العظيم !! انه طريق طويل يا بني، امكث معنا هنا في جنة الحكمة، تأكل وتشرب وتكون في امان .
قال الفأر الصغير الوثاب : لا أستطيع التراجع عن تحقيق هدفي لابد من مقابلة النهر الهادر، كي اعود الي بيتي في اقرب وقت 0
قال الفأر العجوز : خذ بنصيحتي وامكث معنا افضل ، تاكل وتشرب في امان.
قال الفأر الصغير الوثاب :لا لقد خرجت ابحث عن النهر وأعرف حقيقة الاشياء وسأتحمل التعب والمشقة حتي اصل الي الجبل والبحيرة المسحورة لاتأخرني عن رحلتي الي اللقاء،
قال الفأر الصغير الوثاب هذا وأسرع مبتعدا يقفز ويثب حتي شعر بالتعب فاستلقي تحت احدي الاشجار وبدأ النعاس يغشي عيناه وفجأة سمع صوت انفاس ثقيلة ترتفع وتنخفض في ضعف تملكه الخوف والقلق ، ما هذا الصوت الغريب ؟؟ تساءل وقام يبحث حوله وانصت قليلا ثم تحرك في هدؤ ناحية الصوت وهناك تحت احدي الاشجار وجد حيوان ضخم ينام علي الارض في إعياء يتنفس بصعوبة
وقف الفأر الصغير الوثاب، مكانه يرتعش من الخوف بعد ان رأي ضخامة الحيوان الراقد علي الارض شعر الحيوان به فتطلع اليه في ضعف وقال : مرحبا يا صديقي الصغير اشكرك علي زيارتي وانا مريض 0
اطمئن الفأر الصغير الوثاب قليلا وقال في تردد: مرحبا يا من انت ؟ وماذا بك ؟
قال الحيوان المريض في إعياء : انا وحيد القرن وانا مريض كما تري 0
قال الفأر الصغير الوثاب: مسكين يا صديقي انا اسف لحالك هل يمكنني مساعدتك ؟
قال وحيد القرن وهو يلتقط انفاسه بصعوبة: نعم تستطيع آه آه00 قال الطبيب لن يشفيني سوي عين فأر صغير0

انزعج الفأر الصغير الوثاب وتراجع للخلف وهو يصيح : عين فأر عين فأرصغير ! ثم ركض يجري بسرعة مبتعدا وهو يرتعش حتي إختبأ بين الأشجار يلتقط انفاسه بصعوبة ثم راح يفكر في طلب وحيد القرن كيف يتنازل عن احدي عينيه له ؟ ويبقي بعين واحدة تذكر كلام الضفدعة الساحرة حين قالت له : هناك بعض التضحيات لابد ان تقدمها حتي تصل الي هدفك اذن هذه اول تضحية لابد من تقديمها لمن يحتاج المساعدة حتي يصل الي هدفه.

جاء صوت وحيد القرن من بعيد وقد ضعف تنفسه : ايها الفأر إنني أموت تعالي وامنحني الشفاء انها تضحية بسيطه ويمكنك أن تري بعين واحدة .
أسرع الفأر الصغير الوثاب الي حيث كان وحيد القرن يوشك ان يموت وقال : أيها المخلوق الضخم أنا فأر صغير ولن أدعك تموت سوف امنحك إحدي عيني 0
وقبل ان يكمل الفأر الصغير الوثاب كلامه قفزت إحدي عينيه من رأسه الي فم وحيد القرن وبعدها بلحظات قام وحيد القرن وقد شفي من مرضه وراح يشكر الفأر الصغير الوثاب ويقول : أشكرك يا أخي كثيرا ولن أنسي معروفك ابدا ومن االان ستعيش معي هنا في الوادي الأخضر وتكون مهمتي حمايتك 0
قال الفأر الصغير الوثاب: شكرا يا صديقي ولكني لن استطيع فلابد من البحث عن الجبل العظيم والبحيرةالمسحورة لذلك أطلب منك فقط ان تساعدني في الوصل الي هناك .
قال وحيد القرن : إذن سأرشدك الي هناك وعليك السير في ظل جسمي الضخم أخفيك عن عيون النسور0
شكر الفأر الصغير الوثاب وحيد القرن وسارا حتي وصلا الي وادي فسيح وقال وحيد القرن : والان يا صديقي نحن بالقرب من الجبل العظيم وعليك إستكمال رحلتك وحدك وأنا سوف أعود الي الوادي الأخضر مرة اخري الي اللقاء.

ودع الفأر الصغير الوثاب وحيد القرن وسار يتجول في المكان يستكشف ما حوله بعين واحدة متنقلا بين الشجيرات الصغيرة هربا من النسور وفي ظل شجرة رأي ذئب ينام في تكاسل فإقترب منه مترددا وقال : مرحبا يا صديقي الذئب ماذا بك تنام في تكاسل هل أنت مريض ؟؟
نظر اليه الذئب وقال : أنا أنا ذئب نعم انا ذئب انا ذئب .
تعجب الفأر الصغير الوثاب من حالة الذئب وقال : نعم انت ذئب ؟
قال الذئب : لا أدري فأنا أفقد الذاكرة ثم تعود لي قليلا ثم أفقدها مرة اخري ولا أدري إن كنت ذئب أم شيء أخر قال هذا و عاد ينام في كسل إقترب الفأر الصغير الوثاب منه وقال : مسكين يا صديقي هل يمكنني مساعدتك حتي تشفي من مرضك ؟
انتبه الذئب مرة اخري وقال : هه آه نعم يمكنك آه انا مريض جدا ولم أعد أستطيع صيد طعامي لقد نسيت ماذا أكل ا و أشرب، إنني اوشك أن أموت آه آه 0
قال الفأر الصغير الوثاب : قل لي ماذا أفعل لك ؟
قال الذئب : شيء بسيط يا صديقي لن يشفيني إلا عين فأر صغير هكذا قال الطبيب 0
خاف الفأر الصغير الوثاب ودق قلبه بشدة وأسرع يعدو مبتعدا عن الذئب وجلس يفكر ماذا يفعل؟ لم يعد له سوي عين واحدة فقط كيف يعطيها للذئب ويصبح أعمي ولكنه يريد ان يساعد الذئب المسكين حتي تعود له ذاكرته وشعر الفأر الصغير الوثاب بالحيرة وتأنيب الضميرفأسرع بالعودة الي الذئب
وقال : أيها الذئب سوف سأمنحك عيني الباقية حتي تشفي ولكن بشرط ان ترافقني حتي أقابل الجبل العظيم والبحيرة المسحورة ثم تذهب بي الي وبيتي في الجهة الغربيه من الغابه 0
وقبل ان يكمل الفأر الصغير الوثاب جملته كانت عينه تقفزمن راسه لتستقر في فم الذئب المريض الذي أكلها بسرعة وبعد لحظات وقف متعافي من المرض وعادت اليه ذاكرته
صاح الذئب قائلا : أنت صديق وفي أيها الفأر الصغير لذلك لن آكلك أبدا بعد معروفك الجميل هذا وآنا تحت أمرك ماذا تطلب مني ؟
قال الفأر الصغير الوثاب : خذني الي الجبل العظيم وكن دليلي في الطريق، تطعمني وتسقيني وتحميني0
قال الذئب في إمتنان : أنا تحت أمرك يا صديقي الوفي .
قال الفأر الصغير الوثاب : حسنا هيا بنا .
أمسك الفأر الصغير الوثاب ذيل الذئب وسارا سويا في الغابة بعد فترة من الزمن وصلا الي الجبل العظيم ولبحيرة المسحورة 0
وهناك امام الجبل العظيم وجدوا النهر قال الذئب : ها نحن قد وصلنا الي الجبل العظيم وهاهي البحيرة المسحورة وهاهي مياه النهر تتدفق الي البحيرة والان إسمح لي ان اعود الي منطقة نفوذي مرة اخري0
قال الفأر الصغير الوثاب في حزن : وتتركني وحيدا هنا ؟ لن استطيع ان أطعم نفسي بعد ان أصبحت ضريرا لا أري 0
قال الذئب في أسف : أنااسف جدا ياصديقي ، فهنا منطقة نفوذ ذئب أخر ولا أستطيع التعدي علي منطقته فيقاتلني .

ترك الذئب الفأر الصغير الوثاب وعاد الي داخل الغابة و أمام البحيرة وقف الفأرحيدا يندب حظه وراح يبكي وهو لا يعرف ماذا سيفعل فهو لا يري ولا يستطيع البحث عن طعامه ولن يستطيع العودة الي وطنه وأهله و لن يستطيع رؤية الجبل العظيم والبحيرة المسحورة راح يبكي ويسأل نفسه : كيف سيتم مهمته ؟ ، ويطلب من النهر أن يخفض صوته؟ شعر المسكين أنه ضائع ولا يعرف ماذا يفعل؟ 0

أنكمش الفأر الصغير الوثاب علي نفسه يرتعش وإزداد خوفه حين شعر بظل خلفه وسمع صوت جناحان يضربان الهواء فوق راسه فكتم أنفاسه من الرعب و أيقن أنه أصبح فريسة لأحد النسور فغاب عن الوعي وبعد قليل سمع صوت يناديه ويقول : نق نق أفق أيها الفأر الصغير الوثاب نق نق أفق.
عرف الفأر الصغير الوثاب صوت الضفدعة الساحرة فصاح في فرح : الحمد لله أين انت ايتها الضفدعة ؟ ماذا حدث لي ؟ هل اكلني النسر ؟
قالت الضفدعة الساحرة : لا تخاف انقذتك منه ، لا تخاف.
قال الفأر الصغير الوثاب : أين أنت يا صديقتي؟ أنا لا أستطيع رؤيتك بعد ان اصبحت اعمي كما تري0
قالت الضفدعة الساحرة : أعرف أعرف يا صغيري اعرف انك منحت عيناك لمن احتاج اليها ولكن لا تحزن سوف أعيد اليك بصرك مكافأة لك علي فعلك الخير0
صاح الفأر الصغير الوثاب في لهفة: حقا ؟
قالت الضفدعة الساحرة : اولا سامنحك بعض قوة سحر أكبر من السابقة.
صاح الفأر الصغير الوثاب في فزع : لا اريد سحرا اكبر امنحني بصري فقط
ضحكت الضفدعة الساحرة وقالت : لاتخف لن يكون هناك تضحيات اخري فما عليك إلا أن تنحني وتقفز بكل قوتك كما فعلت أول مرة وستري ماذا سيكون 0

إستجمع الفأر الصغير الوثاب قوته وقفز قفزة كبيرة ،فحملته الرياح عاليا ولكنه كان خائفا من النسور وهو أعمي لا يراي شيئا فصاح في خوف : أيتها الضفدعة الساحرة أين أنت ؟ أنا خائف 0
صاحت الضفدعة الساحرة : لا تخاف تمسك بالرياح وثق في نفسك 0
إستجمع الفأر الصغير الوثاب شجاعته ووثق في قدرة السحر التي منحتها له الضفدعة فذهب عنه الخوف وأخذت الرؤية تتضح أمامه رويدا رويدا وكلما إزداد إرتفاعا في الفضاء كلما إزدادت الصورة وضوحا
فرأي الجبل العظيم يقف شامخا وأمامه البحيرة المسحورة وقد إنعكست عليها صورة العالم وماء النهر يندفع اليها في هدير عالي.
كانت الضفدعة الساحرة تقف وسط البحيرة تشجع الفأر الصفير الوثاب وتقول: تمسك بالريح يا صديقي ولا تخاف وثق في نفسك لقد أصبحت من الأن تمتلك قوة السحر الكبري التي تستطيع بها تحقيق أحلامك العظيمة لمنفعة سكان الغابة أنت الأن تمتلك إسما جديدا ، فانت من الان الفأر الصغير الوثاب الطائر0

فرح الفأر الصغير الوثاب الطائر بما سمع ، وكان مازال يطير عاليا فصاح بكل ما عنده من قوة سحر قائلا : ايها النهر العظيم قلل من إندفاع ماؤك الي البحيرة ، حتي يهدأ صوتك ، فحمل الهواءكلام الفأر الصغير الوثاب الطائر الي النهر ، الذي أخذ يدفق ماؤه في البحيرة بهدؤ، فقلل من إندفعها وإنخفض هدير الماء ، وأصبح صوته هادئا ،كانغام الموسيقي العذبة0
شكر الفأر الصغير الوثاب الطائر، الضفدعة الساحرة وودعها ، و طار عائدا الي طنه ، حيث كان جده الفأر العجوز في إنتظاره وهناك جلس الجميع حوله يقص عليهم ما تعلمه وراه في رحلته و كيف جعل صوت هدير النهر يهدأ، ويصبح أنغام ساحرة بٍعد أن كان ضجيجا مزعجا ، وكيف تعلم مساعدة الغير وتفضيل مصلحة المحتاج عن مصلحته وكيف ان ما فعله من خير لم يضيع هبأ بل عاداليه بالخير الكثير .


"شجرة العصافير" قصة للأطفال بقلم جبير المليحان

شجرة العصافير
جبير المليحان
استيقظ العصفور من نومه .. و وجد نفسه وحيدا في العش . طار عاليا ، و مر فوق أشجار كثيرة ، ثم حط على غصن شجرة عالية .. التفت فيما حوله ، و وجد نفسه في الغابة الكبيرة :
أشجار كثيرة ، ضخمة تتشابك أغصانها كائنات كثيرة تتحرك على الأرض : أسود ، نمور ، فيلة ، ذئاب ، ضباع ، ثعالب ، قرود .. و حيوانات صغيرة كثيرة، و حيوانات زاحفة ، و أخرى تعوم سابحة في مياه الجداول الجارية ، و الأنهار الصغيرة .. و طيور بأشكال متنوعة ، و أحجام مختلفة ..
كل شيء يتحرك .. كل شيء يصدر صوتا أو أصواتا ، بعض هذه الأصوات عال ، و بعضها خفيض , بعضها ناعم ، و بعضها له دوي شديد .. حتى الأشجار تصدر صفيرها و هي تتمايل بأغصانها .. و الغيوم سوداء فوق رؤوسها ..
وجد العصفور نفسه وسط هذا الجو المظلم الصاخب و أحس برعب كبير .. أحس بالضياع .. طار بكل قوته عائدا إلى الوراء .. باحثا عن عشه الصغير الجميل الدافئ الذي تركه في الصباح .. كان يرتعش و هو يبحث بعينيه الصغيرتين عن العش ..
اسمتر في طيرانه ساعة و هو يدقق نظره في كل شبر تحته بحثا عن العش .. لكنه لم يجد العش ..
تعب العصفور ولم يجد العش .. فحط على غصن شجرة ، و هو يلهث ، و قال محدثا نفسه :
( أنا خائف .. أين عشي ؟ أريد عشي .. ما أعلا أصوات الغابة ، و أكثر حيواناتها .. أين أخوتي العصافير ؟ أين أغانيها و زقزقاتها ) و أخذ يبكي .
أثناء بكائه سمع زقزقة جميلة .. صوتا صغيرا يعرفه و يحبه .. سكت ، و التفت إلى جانبه كان عصفور صغير مثله يحدق فيه .. كان على الغصن القريب منه .. قفز إلى جانبه .. و حيّاه .. و تحدّث معه ..
كان العصفور الآخر خائفا مثله .. هو أيضا دخل الغابة السوداء و شاهد الأصوات الكثيرة و الحيوانات الضخمة فخاف ، لكنه لم يجد طريق العودة .. لقد أضاع بيته .. وهو وحيد و خائف .. تحادث العصفوران .. و التفتا إلى حيث أصوات ناعمة تدور حولهما .. نظرا في الأغصان ووجدا عصافير كثيرة تنتظر خائفة .. صاح العصفور الصغير بفرح داعيا العصافير الأخرى إلى الاقتراب .. تجمعت العصافير فوق غصن كبير .. و هي فرحة .. أحست بالدفء ، و طار الخوف من عيونها اللامعة .. و استقرت أجنحتها .. تحدث أكثر من عصفور .. كان حديثا هادئا .. و اتفقت أن تجعل من هذه الشجرة الكبيرة بيتا لها .. قال عصفور :
لقد كنت صغيرا ، و دربتني أمي على الطيران .. لكنني أضعت عشي
قال آخر :
كل العصافير تغادر أعشاشها عندما تكبر ، و تبني لها أعشاشا جديدة .
و قال آخر :
نعم ، و لكن العصافير تحب أن تعيش مع بعضها ..تجلس معا ، و تأكل معا ، و تطير معا ، و تلعب ...
قال آخر :
نعم .. نتعاون في حياتنا .
قال آخر :
هيا نوزع أنفسنا .. هذا هو بيتنا .
توزعت العصافير إلى مجموعات : المجموعة الأولى تحضر أعواد القش و الريش ، و الأخرى تبني الأعشاش على الأغصان القوية، و الأخرى طارت قريبا لتحضر طعام الغداء ..و الأخرى ترفرف حول الشجرة ، و تراقب الجهات ، و هي تغرد بألحان جميلة لتسلية العاملين ...
عند الظهر .. كان صف من الأعشاش الناعمة والدافئة ، كقرية صغيرة نظيفة ، قد ملأ أغصان الشجرة ..
اختار كل عصفور جاره .. و استقر في بيته بأمان مطلقا ألحانه في الفضاء


"الأَمِيْرَةُ ذَاتُ عَبَاءَةِ القَشِّ" قصة من التراث الإنجليزي للأطفال

الأَمِيْرَةُ ذَاتُ عَبَاءَةِ القَشِّ
قصة من التراث الانجليزي 
ترجمة: على أحمد ناصر
في يومٍ مِنَ الأَيَّامِ ، كانَ هنَاكَ سيِّدٌ غَنِيٌّ جِدَّاً ، و كانَ لديهِ ثلاثُ بناتٍ.
في أَحدِ الأَيَّامِ ، أرادَ معرِفَةَ مَنْ مِنْهُنَّ تُحبُّهُ أَكثر!
سألَ البنتَ الأُولى :
" كمْ تُحبِّيني يا عزيزتي؟ "
أجابَتْ:
" أُحبُّكَ قَدْرَ محبَّتي لِنفسِي. "
قال:
" هذا جيِّدٌ. "
و سألَ البِنْتَ الثَّانيةَ:
" كمْ تُحبِّيني يا عزيزتي؟ "
أجابت :
" أُحبُّك أكثرَ من أَيِّ شخصٍ آخرَ في العالمِ."
قال:
" هذا جيِّدٌ. "
و سألَ البنتَ الثَّالثةَ:
" كمْ تُحبِّيني يا عزيزتي؟ "
أجابت:
" أُحبُّكَ قدْرَ ما يُحِبُّ اللَّحمُ المطهوُّ المِلحَ."

غضِبَ الأَبُ كثيراً ، و قالَ لابنَتِهِ الثَّالثةِ: "أَنتِ لا تُحبِّيني على الإطلاق! لذلك لنْ تعيشِيَ معي في هذا البيتِ بعدَ الآنَ، هيَّا اخرُجي من بيتِي و لا تعودي إليهِ ثانيةً. "

و هكذا طُرِدَتِ البنتُ الْمَسْكينةُ منَ البيتِ ، و خرجتْ بعيداً ، تَمشي بين الحقولِ ، تمشي ، و تمشي ، بين الحقول، حتَّى وصلَتْ إِلى ضفَّةِ نهرٍ جارٍ .

هناكَ جمعَتْ بعضَ القَشِّ ، و صنعَتْ مِنْهُ عَباْءَةً كبيرةً ذاتَ قُبَّعَةٍ ، و هكذا صارَ بِإِمكانِها تغطيةَ جسمِها منَ الرَّأْسِ حتى القدمَينِ بالقَشِّ الذي حاكَتْهُ بيديْها و غطَّتْ بِهِ ثوبَها الجميلَ ، حيثُ لا يمكنُ لأَحدٍ أَنْ يراهُ أَبداً.
ارتدَتِ الفتاة ُ النشيطةُ العباءَةَ ذاتَ القُبَّعةِ و تابعَتْ سيرَهَا طويلاً ، حتَّى وصلَتْ إِلى قَصرٍ كبيرٍ، تحيطُ بِهِ الحدائقُ الْخَضراءُ ذاتُ الأَزهارِ الجميلةِ الملوَّنَةِ.
دقًّتْ على البابِ و سَأَلَتْ :
" هلْ تُريدُون خادمةً؟ هل تحتاجُون خادمةً؟"
أَجابُوا :
" لا ، لا نحتاجُ خادمةً ."
فقالَتْ متوسِّلَةً:
" ليس لديَّ أَيُّ مكانٍ آخَرَ أَذهبُ إِلَيْهِ ،دعُوني أَعيشُ معَكُمْ أرجوكم ، أستطيعُ القيامَ بِأَيِّ عملٍ تريدونَ، و لا أُريدُ لقاءَ عملِي مالاً."
قالوا:
" حسناً ، يمكِنُكِ البقاءَ لدَينَا مقابلَ تنظِيفِ الأَواني والصحونَ."

و هكذا بقِيَتِ الفتاةُ عندَهُم تُنظِّفُ الأواني والصحونَ، و تُنَفِّذُ الأوامرَ للقيامِ بكافَّةِ الأَعمالِ الصَّعبَةِ الَّتي يطلبونَها منها .
و لأَنَّها لم تشَأْ إِخبارَهُم من هي و ما اسمُها ، أَطلَقُوْا عليها اسمَ " ذاتُ عَباءَةِ القَشِّ".

في أَحدِ الأَيَّامِ أُقِيمَ حفلٌ في قصرٍ آخرَ يبعَدُ قليلاً عنْهُم ، و سُمِحَ للخدمِ جميعاً ، و معَهُم ذاتُ عَباءَةِ القَشِّ بالذَّهابِ للفُرجَةِ على السَّيِّداتِ الغَنِيَّاتِ اللاتي يأتين بأَحلَى الفساتِينِ و أَجملِ الثِّيابِ يتباهَيْنَ بِجمالِهِنَّ وبملابِسِهِنَّ ،و على السَّادةِ الأَغنياْءِ الذين يأتون عادةً بكاملِ أناقَتِهم و يتحدثُوْنَ عَنْ ثَرْواتِهِم وأَعمالِهِمْ .
ادَّعَتْ ذاتُ عَباْءَةِ القَشِّ أَنَّهَا تَعِبَةٌ، و لا تستطيعُ الذَّهابَ إلى الحفلةِ ، فبقِيَتْ في البيتِ. و بعدما ذهبَ الجميعُ و أَصبحَتْ وحيدةً ، خلعَتْ عَباءَةَ القَشِّ ، و نظَّفَتْ نفسَهَا بشكلٍ جيَّدٍ ، ثم انطلقَتْ إِلى الحفلِةِ ، للرَّقصِ بفُستانِها الجميلِ ، الذي كانَ أَروعَ فُستانٍ في السَّهرَةِ.
رَآهَا ابنُ سيِّدِهَا و هو شابٌ مهذبٌ و وسيمٌ ،فوقعَ في حُبِّها منذُ أَوَّلِ لحظةٍ، ولم يرقصْ معَ فتاةٍ سواها في السَّهرةِ.

و قُبَيْلَ انتِهاْءِ الرَّقصِ بلحظاتٍ غادرَتِ المكانَ بِسُرعَةٍ ، وَ عادَتْ إِلى القصرِ ، وعندَما وصلَ الخدمُ ادَّعَتْ أَنَّها نائمةٌ.
في الصَّباحِ التَّالي ،قالت لها الخادماتُ:
" كان عليكِ مرافقَتَنَا ليلةَ الأمسِ إلى حفلةِ الرَّقْصِ ، يا ذاتَ عَباءَةِ القَّشِّ."
فسَأَلَتْهُم:
" لماذا توَجَّبَ عَلَيَّ الذَّهابُ معَكُم؟"
فقالُوْا:
" لماذا؟؟ لأَنَّ أَجملَ فتاةٍ في العالمِ كانَتْ هناك ، و لمْ يرفَعِ ابنُ سيِّدِنا عَينَيْهِ عنْها ، بلْ لَمْ يُراقِصْ فتاةً سِوَاهَا. "

قالت :
" إذن يَجبُ أَنْ أَراهَا ذاتَ يومٍ! "
قالُوْا:
" سَتُقَامُ حفلةٌ راقصةٌ أُخرى اليومَ أيضاً ، وقد تَأْتي إِلَيها ، فتَعالَي معنا لمشاهدتها ."

عندما جاءَ المساءُ ادَّعَتْ أَيضاً أَنَّها تَعِبَةٌ ولا تستطيعُ مرافَقَتَهُنَّ. و لكنْ بعد أَنْ أَصبحَتْ لِوحدِهَا في البيتِ ، خلعَتْ عَباْءَتَها ، ونظَّفَتْ نفسَهَا جيِّداً ، و ارتدَتْ فُستانَهَا الجميلَ ، ثُمَّ انطلقَتْ إِلى الحفلةِ الرَّاقِصَةِ.
مرَّة أُخرى رَقَصَ معها ابنُ السَّيِّدِ و لَمْ يرفعْ عَينَيْهِ عنْهَا، و قُبَيْلَ انْتِهاءِ الرَّقص تسلَّلتْ خارجاً ، و عادَتْ إلى القصرِ بِسُرعةٍ .
عادَت الخادماتُ و وَجَدْنَهَا نائمة!
كانت تدَّعي أَنَّها نائمةٌ بالطَّبْعِ.
في صباحِ اليومِ التَّالي ، قالت لها الخادماتُ ثانيةً:
" كانَ عليكِ مرافقَتَنَا إلى حفلةِ الرَّقصِ يا ذاتَ عَباْءَةِ القَشِّ كي تُشاهدِي السَّيِّدةَ الجميلةَ ، لقد كانَتْ هناكَ اليومَ أيضاً، يا لها مِنْ فتاةٍ رائعةِ الجمالِ! لذلك لَمْ يرفعِ ابنُ سيِّدِنا عينيه عنْها لحظةً واحدةً ، و لَمْ يُراقِصْ سوَاهَا."

قالَتْ ذاتُ عَباءَةِ القَشِّ:
" كانَ عليَّ الذَّهابُ حقاً ، و لكنْ ما العمل؟"

قالتِ الخادماتُ :
" حسناً ، ستُقامُ عند هذا المساءِ حفلةٌ أُخرى أَيضاً ، وقد تحضرُها تلكَ السَّيِّدَةُ الجميلةُ. "

عندَ المساءِ ، قالَتْ ذاتُ عَباْءَةِ القَشِّ أنَّها تَعِبَةٌ كالعادةِ ، و بقِيَتْ في البيتِ، و عندما ذهبَ الجميعُ، خَلَعَتْ عَباْءَةَ القَشِّ ، ونظَّفَتْ نفسَها جيِّداً ثُمَّ ارتَدَتْ فُستانَها الجميلَ، و انطلقَتْ إِلى حفلةِ الرَّقصِ.

كان ابْنُ السَّيِّدِ صاحبِ القصرِ الذي تعيشُ فيه سعيداً جِدَّاً لرُؤْيَتِهَا ،فلم يرقصْ مع فتاةٍ سِواها، و لمْ يرفعْ نظرَهُ عنْهَا لحظةً واحدةً.

سَأَلَهَا مَنْ تكونُ و مِنْ أَينَ هي ، فلمْ تُجِبْ، أَعطَاهَا خاتَمَهُ الخاصَّ ،و قال لها:
" إِذا لَمْ أَرَكِ مرَّةً أُخرى سَأَموتُ منَ القهرِ بالتأكيد! "

قبيلَ انْتهاءِ الرَّقصِ تسلَّلتْ ذاتُ عباْءَةِ القَشِّ دون أَنْ يرَاْهَا أَحدٌ ، عاْئِدةً إلى القصرِ وارتدَتْ عَباءَةَ القَشِّ ، و عندَما وصلَتِ الخادماتُ ادَّعَتْ أَنَّها نائمةٌ.

في صباحِ اليومِ التَّالي ، قالَتْ لها الخادماتُ: " لَمْ تذْهَبِي ليلةَ الأمسِ إلى حفلةِ الرَّقصِ يا ذاتَ عباءَةِ القَشِّ ،و لنْ يُمكِنَكِ بعدَ الآن رُؤْيةَ السَّيِّدةِ الجميلةِ ، لأَنَّه لَنْ تُقامَ حفلةٌ بعدَ الآن. "

قالت :
" في الحقيقةِ كانَ عليَّ الذهابُ لرُؤْيتِها."

قامَ السَّيِّدُ الإبنُ بالتَّفتيشِ عَنْها في كلِّ مكانٍ ، لكنَّه لمْ يَعثُرْ علَيْهَا. سألَ جميعَ النَّاسِ الَّذينَ قابَلَهُم عنها دونَ فائِدةٍ ، فمرِضَ مرضاً شديداً ، و ساءَتْ حالتُهُ الصِّحِّيَّةُ يوماً بعدَ يومٍ ، حتَّى سقَطَ طريحَ الفِراشِ مِنْ شِدَّةِ الحُمَّى. فطلَبُوْا مِنَ الطَّاهِيِ إِعدادَ طبَقٍ مِنَ الكِشْكِ له.

كانَ الطَّاهي يقولُ و هُو في طريقِهِ إلى المطبخِ:
"إِنَّهُ يموتُ بسببِ حُبِّه لِتلكَ السَّيِّدَةِ الفاتِنَةِ."

سَمِعَتْهُ ذاتُ عباءَةِ القَشِّ فسأَلَتْهُ :
" ماذا ستطْهُوْ؟"

أَجابَ:
"سَأَطْهُو بَعضَ الكِشْكِ(1) للسَّيِّدِ الشَّابِّ ، إنَّه سيموتُ بسببِ حُبِّهِ لِتلكَ السَّيِّدَةِ الشَّابَّةِ."
قالت له:
" دعْنِي أَفعلُ ذلِكَ بدلاً عنْكَ. "

وافقَ الطَّاهي ، فَأَعدَّتْ ذَاتُ عَباءةِ القَشِّ الكِشْكَ اللَّذيذَ المطبوخَ على فِراخِ الحمَامِ، وأَخذَتِ اْلخاتَمَ الَّذي وهَبَه لها سابقاً ، ووضعَتْهُ خِلْسةً (2) في طبقِ الكِشْكِ ، ثمَّ أَرسلَتِ اْلطَّعامَ معَ الطَّاهي إِلى غُرفَةِ السَّيِّدِ الشَّابِّ المريضِ.

أُعجِبَ السَّيِّدُ الشَّابُّ - رغمَ مرضِهِ- بالطَّعامِ اللَّذيذِ، فتناولَهُ حتَّى آخرِهِ، و حينَ انتَهَى مِنْهُ لاحظَ الخاتمَ ، فتعجَّبَ و استَدْعَى (3)الطَّاهي بِسُرعةٍ، و فورَ وصولِهِ، بادرَهُ (4) بالسؤال:
" مَنْ أَعَدَّ الطَّعامَ؟"

ظَنَّ الطَّاهي أَنَّ الطعامَ غيرُ لذيذٍ ، و لم يُعجِبْ سيِّدَهُ ،و خشِيَ العُقوبَةَ ،لأَنَّهُ سمَحَ لِذاتِ عَباءَةِ القَشِّ بِإِعْدَادِهِ، فارتَعَشَتْ يداهُ ، و رجلاهُ و اصطكَّتْ أَسنانُه من الخوفِ ،و هو يقولُ مُتَلَعْثِمَاً بِصوتٍ مُرْتَجِفٍ:
" أَ..أَ..أَنَا يا..يا.. سيِّدِي! "
نَظَرَ السَّيِّدُ بِغَضَبٍ و قال:
" قُلْ بِصَرَاحَةٍ ، مَنْ أَعَدَ طبَقَ الطَّعامِ ولَنْ أُعَاقِبَكَ. "

قالَ الطَّاهي و قَدْ شَعَرَ بِشَيْءٍ مِنَ الطُّمَأْنِيْنَةِ:
" حسناً ياسيِّدي.. إِنَّها ذاتُ عَباءَةِ القَشِّ."

قالَ السَّيِّدُ الشَّابُّ:
" حسناً ، أَحْضِرْهَا إِلى هُنَا فوراً."

و جاءَتْ ذاتُ عَباءَةِ القَشِّ ، فَسَأَلَها السَّيِّدُ:
" أَأَنْتِ طَبَخْتِ الكِشْكَ يا ذاتَ عباءَةِ القَشِّ؟ "
أَجابَت:
" نعم."

سأَلَها ثانيةً:
"مِنْ أَينَ حصلْتِ على هذا الخاتمِ؟ "

أَجابَتْ:
"مِنَ الرَّجُلِ الذي أَعطَانِي إِياهُ."

سألَ السيِّدُ الشَّابُّ مُستغرِبَاً:
"إِذنْ مَنْ أَنْتِ؟"

قالَتْ بِدَلَعٍ:
" سَأُرِيْكَ مَنْ أَنا."
و خلعَتْ عَباءَةَ القَشِّ ، و ظهرَتْ بِفُستانِها الجميلِ، و عرِفَ لِلتَّوِّ أَنَّها السَّيِّدَةُ الشَّابَّةُ الَّتي تعلَّق قلْبُهُ بِها.

و تعافَى السَّيِّدُ الشَّابُّ منْ مرضِهِ شيئَاً فشيئاً، و قرَّرَ إِقامةَ حفلِ زفافٍ عظيمٍ خلالَ فترةٍ قصيرةٍ ، و دَعَا إِلَيْها العديدَ منَ النَّاسِ، منَ الْمُدنِ والقُرى القَريبَةِ و البعيدَةِ ،لِحُضورِ العُرسِ ، و كانَ والِدُ ذاتِ عَباءَةِ القَشِّ مِنَ المدعُوِّينَ أيضاً.

قبلَ إِعدادِ مائدةِ الطَّعامِ الكبيرةِ ، و بعدَ أنْ عرِفَتْ ذاتُ عباءَةِ القَشِّ بِوُجودِ والِدِها ، ذهبَتْ إِلى كبيرِ الطُّهاةِ و قالَتْ له:
" أَرجوكَ ، لا تضعْ مِلْحَاُ على أَيِّ طبقِ لحمٍ في الطَّعامِ."
أَجابَ كبيرُ الطُّهاةِ بِدَهشَةٍ:
" لكِنْ في هذِهِ الحالِ(5) لَنْ يكونَ لِلطَّعامِ أَيُّ مذاقٍ !"
قالَتْ :
" لا يَهُمُّ ، فقط افعَلْ ما طلَبْتُهُ منْكَ."

قالَ:
" كما تَشَائِينَ يا سيدتي!"

و هكذا بدأَ الضُّيوفُ بِتناولِ الطَّعامِ الخالي مِنَ الملحِ ، فلمْ يَجِدُوا لَهُ طَعْمَاً ، و لا مَذَاقَاً مقبولاً.
جرَّبَ والدُ ذاتِ عباءةِ القَشِّ طبَقَاً مَنَ اللَّحمِ ، فلَمْ يجدْ له طعْمَاً لذيذاً ، و لا مذاقاً مقبولاً، ثُمَّ جَرَّبَ تناوُلَ شيءٍ ما مِنْ طبَقٍ ثانٍ ، ولمْ يجدْ أيضاً له طعماً لذيذاً أَوْ مذاقاً مقبولاً ، و جرَّبَ طبقاً ثالثاً ،و لم يجدْ له أيضاً طعماً لذيذاً أو مذاقاً مقبولاً ، فاكْتَشفَ أَنَّه لم يُضَفْ مِلْحٌ على أَيِّ طبَقٍ منْ أَصنافِ الطَّعامِ الملِيْئَةِ بِاللَّحمِ بِكافَّةِ طُرُقِ طَهْيِهِ. فوضَعَ رَأْسَهُ بين كَفَّيْهِ ، و بدَأَ يبكِي بِصوتٍ عالٍ ، مِمَّا فاجَأَ الجميعَ ، حتَّى أَنَّهُم نَسُوْا مُشكِلَةَ الطَّعامِ غيرِ الْمُمَلَّحِ إطلاقاً،

أَسرَعَ إِلَيْهِ السَّيِّدُ الشَّابُّ و سَأَلَهُ:
" ما الأمرُ؟ قلْ لِيْ بِالله عليكَ، أَخفتنا يارجل!"

قالَ و هوَ يندِبُ(6) كأُمٍّ فقَدَتْ طِفلَهَا: " أَوَّاهُ ، أَوَّاهُ، يا لِتعاسَتِي و شقاْئِي، كان لي ابنةٌ سأَلْتُها يوماً كمْ تُحِبُّني ، فقالت :" أُحِبُّكَ بقدْرِ ما يُحِبُّ اللحمُ المطهْوُّ الْمِلْحَ" فطردْتُها من البيتِ ، لأَنَّني ظنَنْتُ أَنَّها لا تُحبُّني، و الآنَ فقط ، اكتشفْتُ أَنَّها كانَتْ تُحِبُّني أَكثرَ مِنْ أَختيها، انظروا جميعاً، أَلَمْ تَجدُوْا أَنَّ اللَّحمَ لا يُؤْكَلُ و ليس لذيذاً بدونِ مِلْحٍ، آهِ يا ابنتي أَينَ أَنْتِ الآنَ ، رُبَّما تاهَتْ في البراري أوِ الغاباتِ أو أكلَتْها الوحوشُ، آه يا ابنتي أينَ أَنتِ الآنَ!"

سَمِعَتْ ذاتُ عباءَةِ القّشِّ كلامَ والدِهِا فأَسرعَتْ إِليهِ و هي تَهتِفُ بينَ الحُضُورِ:
" لا ، لمْ تأْكُلْهَا الوحوشُ ، إِنَّها هُنا يا أَبِي ، إنها أنا."

و هرَعَتْ إِلى أَبِيها و عانقَتْهُ بِحُبٍّ كبيرٍ ، وضمَّها إِلى صدرِهِ، و باركَ زواجَهَا من السَّيِّدِ الشَّابِّ.
و هكذا عاشَ الجميعُ بِحُبٍّ و سعادةٍ.
_________________________
(1) وضعت الخاتم خلسةً : أي وضعته دون أن ينتبه إليها أحدٌ.
(2) استدعى الطاهي: طلب منه القدوم إليه.
(3) بادره بالسؤال: أسرع و سأله.
(4) في هذه الحال:نقولها أيضاً في هذه الحالة ، لأن كلمة "حال" مؤنثة.
(5) يندب: يبكي على الميت، أي كأنه امرأة تبكي على طفل لها
قد مات.

الثلاثاء، 10 مايو 2011

"حسن ومينا وشجرة العنب" قصة للأطفال بقلم عبدالله مرشدي

حسن ومينا وشجرة العنب
عبدالله مرشدى
كان حسن مولعا بزراعة الأشجار ، وفى يوم من الأيام قال لوالده :أريد أن أزرع شجرة عنب أمام بيتنا يا أبى ،فقال الاب : ولكن شجرة العنب تحتاج إلى مساحة كبيرة من الأرض كى نعمل لها تعريشة من الخشب تنمو عليها شجرة العنب ، فقال محمد ولكنى شاهدت شجرة عنب أمام أحد البيوت فى المدينة التى زرناها الأسبوع الماضى فى رحلة المدرسة - تتسلق إلى أعلى وتصعد حتى الدور الثالث ،فقال الاب : معك حق يا حسن ، ولكن العنب له ميعاد للزراعة .
انتظر حسن حتى جاء ميعاد زراعة العنب وأحضر شجرة عنب وزرعها أمام بيته وأحاطها بمجموعة من الأخشاب كى يحميها من الحيوانات ، وظل حسن يرعى شجرة العنب ويرويها حتى كبرت وراحت ترسل فروعها الخضراء إلى أعلى ويوما بعد يوم كانت الفروع تكبر وتكبر وتحركها الرياح شيئا فشيئا ناحية بيت صديقه مينا ،ففرح مينا بفروع شجرة العنب الخضراء الجميلة ،وراح بمساعدة صديقه حسن يربطون الفروع بخيوط قوية ويثبتونها فى أعلى السطح كى لا تتدلى الفروع الى أسفل ويوما بعد يوم عرشت فروع شجرة العنب على بيت مينا وبذلك صار جزع شجرة العنب وجذورها أمام بيت حسن، وفروعها على بيت مينا.
ظل الصديقان يرعيان شجرة العنب حسن يرويها بالماء ومينا ينظم فروعها ، حتى أثمرت الشجرة عناقيد عنب كثيرة وما لبثت أن اصفرت عناقيد العنب وأصبحت كعناقيد الكهرمان .
حينئذ تجمع أفراد الأسرتين وأحضروا سلما طويلا وتعاونوا فيما بينهم فجمعوا عناقيد العنب، وراحوا يوزعون منها على الجيران، ثم اقتسموا ما تبقى من العنب بين الأسرتين ، ولكن حسن ومينا لاحظا أن الأبوين تركا بعض العناقيد فوق شجرة العنب ،فسألا أبويهما فقال الأبوان : تركنا بعض العناقيد لحمام الجيران رمز السلام والأمان وللطيور التى تتجمع على شجرة العنب وتطربنا بأصواتها كل صباح ،فالأرض أرض الله والعنب للجميع

الاثنين، 9 مايو 2011

"الوزه الوزوزه " قصيدة للأطفال بقلم عبده الزراع

الوزه الوزوزه 
شعر: عبده الزراع
ــــــــــــــــــــــــ
أنا وزه بأعوم وأكاكى
للدنيا بأقول : محلاكى
* * * * * *
أنا ريش أبيض ورمادى
وبأقول ف الصبح وأنادى
ع الشمس تيجى النحيادى
وتزور ضلفة شباكى
* * * * * *
وبأحب أكاكى كاك كاك
وأعوم فى الترعة اللى هناك
وياديك راح أغنى وياك
بلدى يا حلوه يا محلاكى
وبأحب الميه وخضرة
وبأحب أفكر فكرة
علشان أحلامى بكره
تطلع نجمة ف سماكى
* * * * * *
أنا وزويزو الوزوزه
والكل يقول محظوظه
وباحب التين والموزه
ويا بطه حذينى معاكى

الخميس، 5 مايو 2011

"البلبل الحزين " قصة للأطفال بقلم د.طارق البكري

البلبل الحزين
د.طارق البكري

في مساء يوم شتوي بارد مطير، والسحب السوداء تملأ السماء وتغطي قمم الجبال.. وتخفي قرص الشمس في أقصى الأفق لحظة الغروب.. وقف البلبل الغريد على طرف غصن في أعلى شجرة من الأشجار الباسقة التي تملأ الغابة..

لم يكن البلبل مستعداً للغناء.. كان يقف صامتاً يتأمل مشهد العتمة والضوء الخافت لحظة رحيله..
فجأة خرجت من بين الأغصان المتشابكة المتصلبة من البرد دودة صغيرة.. يختلط لونها بلون الشجر.. وقد غسلها ماء المطر.. فهي نادراً ما تخرج من بيتها في هذا الوقت خوفاً من البرد وحرصاً على حياتها..
قالت الدودة للبلبل: منذ أيام وأنا أراقبك من بيتي القريب أيّها البلبل الحزين.. ما بك؟؟ لماذا تظل صامتاً لا تغني في مثل هذا الوقت من كل يوم؟! عندما أراك قرب بيتي أفرح.. وأنتظر سماع غنائك العذب الجميل.. أنتظر طويلاً.. وتظل صامتاً..

نظر البلبل إليها نظرة دامعة.. لكنه لم يجب على سؤالها.. تنهد تنهيدة عميقة.. وكأنه يخرج الهواء من أعماق قلبه.. ثم التفت من جديد حيث كان ينظر.. وراح يتأمّل الأفق البعيد بصمت.. حيث لا يرى غير الظلام..

اقتربت منه الدودة الخضراء وقالت: أنت تحزن يا صديقي في هذا الوقت من كل مساء لذهاب يوم من أيام عمرك القصير.. أليس كذلك؟
هز البلبل الحزين رأسه.. فهو يعرف قيمة الحياة وقيمة الوقت، لأنّ حياته قصيرة ولا يعيش طويلاً.. ويعرف أهمية صوته عند سكان الغابة من الطيور والحشرات والحيوانات البرية المختلفة.. وحتى وحوش الغابة تحب صوته الجميل..

اقتربت الدودة الحكيمة أكثر.. وكانت كبيرة في السن.. وقالت بصوتها الناعم اللطيف: أرى أنّ عليك أن تحزن أكثر يا ولدي لسبب آخر.. لأنّ حزنك هذا يمنعك عن الغناء ونشر البهجة في أنحاء الغابة بين سكانها وأشجارها وأزهارها..
نظر البلبل إليها من جديد.. لم يفهم ما الذي تقصد الدودة أن تقوله.. وكان في عينية علامات استفهام كبيرة.. لكنه ظل صامتاً.. كعادته في هذا الوقت من كل يوم..
اقتربت الدودة شيئاً قليلاً حتى أصبحت قريبة من طرف الغصن الذي يقف عليه البلبل.. فانحنى الغصن.. واهتز..

كاد البلبل يفقد توازنه ويقع.. لكنه حرك جناحيه.. وأمسك بطرف الغصن بقوة وصار يتأرجح في الهواء والدودة تتأرجح معه وقد بدت عليه علامات الخوف.. حتى ثبت الغصن من جديد..
ضحكت الدودة من أعماق قلبها.. ثم قالت للبلبل وقد اصفرّ وجهه: أرأيت؟! أنت تحب الحياة أيها البلبل حتى في هذا الوقت الذي يحزنك.. فاسعد يا صديقي بكل أوقات الحياة.. واسعد الجميع من حولك.. ولا تستسلم للحزن.. فغداً يوم جديد..
التفت البلبل إليها وقد هدأ خوفه وعادت الابتسامة تعلو وجهه الجميل... وقال: صدقت أيها الدودة الحكيمة.. أعدك أني لن أتوقف عن الغناء بعد اليوم.. وسأظل أغني وأغني.. إلى أن أعجز عن الغناء..
صاحت الدودة بفرح بصوت عال جداً غير معتاد من دودة مثلها حتى سمعها كل سكان الغابة، وقالت: شكراً أيها الجميل.. شكراً.. فكلنا في الغابة نحبك ونحب صوتك..
علمت حيوانات الغابة بهذا الحوار.. فراحت تقصُّ على أبنائها هذه الواقعة.. وكان يرويها جيل بعد جيل.. حتى أصبحت اليوم قصة من أشهر قصص الغابات..

الثلاثاء، 3 مايو 2011

"عصفورى الجميل " قصيدة للأطفال بقلم سمير الفيل

عصفورى الجميل
شعر : سمير الفيل 

لى طائر صـــغير .. وريـــــشه حـــــرير
يقف على الشباك .. يغنى للعـــــــــبير
***
يشــقشق الصباح.. يروح فى انــشراح
يلمــلم الحبـــوب .. من حـــقله البــــراح
***
ويـــبنى عـــــشـه .. ببعــــض قـــــــشه
ويُدفىء الصــغار.. من نتــف ريشـــــه
***
يطــــــير لايمــلْ .. من كـــثرة العـــمل
جـناحه صبــــور .. وعــــنده أمــــــــل
***
أحبــه كثـــــيرا .. أريــــد أن أطـــــــير
أغــــنى مثـــــله .. فى البرد والهجــير
***
المفردات :
العبير : الرائحة الجميلة .
انشراح : سعادة .
يلملم : يجمع .
البراح : الواسع .
نتف ريشه : ما يضعه العصفور الكبيرمن ريش فى العش لتدفئة الصغار .
الهجير : الحر الشديد .

الأحد، 1 مايو 2011

"صديقنا الربيع " قصيدة للأطفال بقلم سعد جاسم

صديقنا الربيع
شعر: سعد جاسم

رأَيتُ في الحديقهْ
حمامةً صديقهْ
سَمَعْتُها تقولْ
منْ اجملِ الفصولْ
صديقُنا الربيعْ
قَدْ جاءَنا ......
ليُبهجَ الجميعْ
يُخِيطُ للأَ شجارْ
ثيابَها المُلوّنهْ
تُفاحةٌ هُناكْ
وها هُنا مشمشةٌ وسوسنهْ
ويجعلُ الطيورْ
تَسرَحُ في حدائقٍ
مِنْ نورْ
فَتُصبحُ الطبيعهْ
وأَ رضُنا الوسيعهْ
جنتَنا البديعْ

قطعة السجاد الضائعة" قصة للفتيان والفتيات بقلم فاطمة هانم طه محمد

قطعة السجاد الضائعة
فاطمة هانم طه محمد

ايقظتني في منتصف الليل قشعريرة باردة تجتاح جسدي ... جعلتني انكمش علي نفسي .... احكمت الغطاء حولي ... بدأ الطقس يزداد برودة ....المطر ظل ينهمربشدة طول الليل ... هتفت وانا انهض مسرعة ... الاولاد ... لابد ان يكونوا الان بردانين ، نفضت الغطاء عني واسرعت من الفراش الدافيء اختطفت الروب الثقيل الملقي علي الاريكة ووضعته علي كتفي و خرجت من الحجرت الي الصالة ... ياه البرد شديد هنا ... اسرعت الي حجرة الاولاد ... عدلت من وضع راس اصغر اولادي ... دائما يزيح الغطاء عن جسده يضطرني الي المرور عليهم في الليلة اكثر من مرة لاحكم الغطاء عليه... الليلة البرد شديد ...نحن الان في شهر طوبة ...ابتسمت وانا اتذكر مقولة جدتي رحمها الله و كانت ترددها دائما كلما اقبل هذا الشهر ( شهر طوبة يجعل الصبية كركوبه) ، زيادة في الحيطة ادخلت اطراف الغطاء تحت حاشية السرير... هكذا افضل حتي لا يستطيع ازاحة الغطاء ، يمكنني الان ان انام باقي الليل مرتاحة ...اغلقت باب الحجرة عليهم... لأمنع تسرب البرد الي حجرتهم .
في الصباح اعددت الحليب الساخن والشطائر ، وسندوتشات المدرسة وناديت عليهما، لابد التحايل عليهم حتي يتناولا افطارهما ، (الافطار يساعد علي الدفء وفهم الدروس ) ، هكذا كانت امي تقول .
فتحت باب الشقة وهممنا بالخروج ، لاصطحب الاولاد الي المدرسة... لم اجد قطعة السجاد القديمة التي وضعتها بالامس علي باب الشقة !! هي المرة الثانية التي تضيع فيها قطعة سجاد من امام باب الشقة ...دائما احرص علي وضعها هنا حتي ينظف الجميع احذيتهم عليها قبل دخولهم الشقة ،..... منذ يومين ضاعت القطعة الاولي .....واليوم هاهي القطعة الثانية اختفت ايضا تفحصت المكان حولي ... ليس لها اثر ...وعلي باب العمارة سألت حارس عن قطعتي السجاد المفقودتين ... اكد عدم رؤيتهما.... ربما يكون احد الصغار من اولاد الجيران اخذها ليلعب بها .. هكذا حاول اقناعي.....قلت بدون اقتناع: ربما .....
بعد الظهر عدت بالأولاد وخلال صعودنا الي الشقة تسابق الصغيران علي السلالم كعادتهما ... يدخلان من السلم الرئيسي الي السلم الخلفي ...كانا يتصايحان في فرح ، تجلجل ضحكاتهما مع لاهاثهما، يدخلان من طابق ليخرجا من الطابق التالي وصلت الي باب الشقة ، هممت ان اضع المفتاح في فتحة الباب ، وصل احدهما ووقف بجانبي ...اما الاخر لم يصل بعد .... ناديت عليه ، جاء صوته مرتعشا ...ماما ماما تعالي ....ارتجف قلبي من الخوف ...ماذا بك ؟ ، هكذا هتفت وانا اسرع الي السلم الخلفي ...وهناك كان يقف وهو يشير الي شيء ما علي السلم ، كانت هناك علي احدي درجات السلم تلك قطعة السجاد المفقودة... وعليها ترقد احدي القطط وفي احضانها خمس قطيطات صغيرة حديثة الولادة ... كانت القطة الام تنظر الي الصغير بتنمر وتوجس ... قال الصغير : هاهي قطع السجاد الفقودة يا امي ....هاهي ....انها تحت القطط انظري... هل ستأخذينها ؟قلت وانا احتضن صغيري واسير به الي شقتي قائلة: لا يا حبيبي ساتركها لهم ... الدنيا برد .