الثلاثاء، 26 أبريل 2011

"ماجد والصندوق" مسرحية للأطفال بقلم روضة السالمي

ماجد والصندوق
روضة السالمي

المنظر العام
ديكور بيت صغير، يكاد يخلو من أثاث إلا من صندوق قديم.

الشخصيات
ماجد
ألجابر
الجد
جميلة
الجوقة الموسيقية

الفصل الأول

المشهد الأول

يرتب الصياد العجوز بيته، يحمل صندوقا ثقيلا، يضعه وسط الركح، يجلس عليه ليرقع شباكه.
صوت طرق على الباب
الجد
- من الطارق؟
ماجد
- إنه أنا ماجد، يا جدي
الجد
- آه ماجد، ادخل.. ادخل يا عزيزي
يدخل ماجد، يرمي محفظته بعيدا، ويجلس على الركح غير بعيد عن جدّه
ماجد
- ماذا تفعل يا جدي؟
الجد
- مثلما ترى، أرقّع شباكي، لأتمكن غدا من الخروج للصيد
ماجد
- وهل الصيد أمر صعب يا جدي؟
الجد
- أصعب ما فيه هو الصبر والقناعة يا ولدي...
الحفيد
- جدي هل بإمكاني أن أصبح صيادا مثلك؟
يترك الجد الشباك من يده وينظر لحفيده
- ولماذا تريد أن تصبح صيادا؟
الحفيد يتردّد قليلا ثم يقول بانفعال
- لأنني لا أريد أن أعود إلى المدرسة
الجد
- ولماذا؟
الحفيد
- لأن الجميع يسخرون مني.. يدعونني بالولد الضفدع
الجد
- مسكين يا ماجد... ولهذا تريد ترك المدرسة؟
ماجد
- أجل يا جدي.. لقد سئمت من المدرسة ومن الجميع... إنهم يكرهونني.. لا يلعبون معي.. ويسخرون مني..
الجد
- مسكين يا عزيزي.. ولم تخبر المعلّم بأمرك؟
ماجد
- لقد فعلت يا جدي.. لكنه هو أيضا لا يحبني
الجد
- إذا الجميع يكرهونك ويسيئون معاملتك.. ولذلك تريد ترك المدرسة؟
ماجد
- أجل يا جدي.. ساعدني في إقناع والدي.. وأعدك بأنني سأساعدك في الصيد كلّ يوم
الجد يربّت على كتف ماجد
- سأذهب الآن للسوق لبيع السمك.. وحين عودتي سنتحدّث في الموضوع
ماجد
- سأنتظرك يا جدي..
يحمل الجد قفة من السعف فيها بعض السمك، يتجه إلى يسار المسرح، ثم يعود إلى حيث ماجد
الجد
- قبل أن أنسى.. عدني بألاّ تفتح هذا الصندوق.. وإلا سأغضب منك كثيرا وأعاقبك عقابا شديدا
ماجد، ينظر إلى الصندوق
- طبعا يا جدي... أعدك أنني لن أقترب منه بتاتا، بل لن ألمسه مطلقا
يخرج الجد
ماجد سعيد يركل محفظته كالكرة، يلعب بها قليلا ثم يجلس فوق الصندوق يحاول أن يقلّد جدّه في ترقيع الشباك

تدخل الجوقة الموسيقية

غدا لن أمسح السبورة
لن ألمس طبشورة
ولن أرى تلك المغرورة...
غدا عطلتي
وبالصيد سأبدأ رحلتي
تارة صياد
وأخرى سندباد
أجول البلاد...
غدا يصبح الضفدع كبير
كثور أو أمير
سيكون له شأن خطير
خطير خطير..
وداعا مدرستي
وداعا رفقتي
معلّمي البحر يناديني
والسمك غدا سيعطيني..

تخرج الجوقة من الركح


المشهد الثاني

يجلس ماجد فوق الصندوق يحاول أن يقلّد جدّه في ترقيع الشباك

يسمع صوتا قادما من بعيد
- افتح أرجوك
يخاف ماجد ويقفز من مكانه
- من... من الطارق؟
الصوت
- هيا افتح أكاد أختنق
ماجد بارتعاش
- من.. من أنت؟...
الصوت بإلحاح
- هيا افتح ولا تتلكّأ...
يتجه ماجد نحو الباب على يمين المسرح، غير أن الصوت يوقفه
- ليس الباب يا غبي...
يتوقّف ماجد يكاد يسقط أرضا من الرعب
- أين أنت؟... هل تراني
الصوت
- طبعا أراك.. إنني هنا في الصندوق
ماجد
- في الصندوق؟... لكن جدي أوصاني بألا أفتح الصندوق
الصوت
- معك حق.. يجب أن تطيع جدّك... لكني أكاد أختنق.. وطبعا لن يرضى جدّك بأن أموت في الصندوق
ماجد كالمقتنع
- أجل ولكن.. ما الذي يؤكد لي أنك لن تؤذيني لو خرجت من الصندوق
الصوت
- أعرف في ماذا تفكّر.. ليس هذا قمقما ولست أنا المارد... ولست أنت الصياد.. إنها قصّة أخرى..
ماجد
- قصّة أخرى؟ لكنني لا أعرف قصة القمقم... احكها لي أرجوك
الصوت بنفاذ صبر
- حسن.. يحكى أن صيادا عجوزا ألقى شبكته في البحر
ماجد
- هل كان يشبه جدي؟
الصوت
- كلّ العجائز والشيوخ يتشابهون..
ماجد
- ثمّ ماذا؟
الصوت بتأفّف
- إنّها قصة قديمة، يعرفها الجميع
ماجد بإلحاح
- قصّها عليّ أرجوك
الصوت
- حسن.. حسن.. كم أنت لحوح... أخرج العجوز شباكه من البحر
قاطعه ماجد
- فلم يجد شيئا ها.. ها.. ها
الصوت
- حسن لن أنهي لك القصة
ماجد مسترضيا
- سأصمت... سأصمت (ويضع يديه على فمه)
الصوت
- بل أخرج من البحر قمقما
ماجد بحماس
- وخرج المارد من القمقم، كنت واثقا من ذلك
الصوت
- وأنا كنت واثقا أنك تعرف الحكاية هيا أرجوك... ابحث عن شيء تفتح به هذا الصندوق العتيق... فقد كادت عظامي تتخشّب...
ماجد
- لكن من أين سأجد مفتاحا يناسب هذا الصندوق؟
الصوت
- ابحث في كلّ الأركان... انظر في حقيبتك.. قد تجد شيئا ينفعني..

يمسك ماجد حقيبته ويفرغ أرضا كلّ محتوياتها، تخرج منها كرة قماش صغيرة، كتاب ممزّق، قلم، ومجموعة هائلة من المفاتيح، مفاتيح علب سردين، وعلب طماطم، وزجاجات، ومفاتيح أبواب قديمة وحديثة، حتى مفاتيح سيارات

يأخذ ماجد مجموعة المفاتيح ويتجه إلى الصندوق
- سنرى مفتاح علب السردين...
الصوت متهكما
- علب السردين؟ ولما لا تقول مفتاح زجاجات، أو مفتاح سيارة؟...
ماجد بعد أن جرّب كل هذه المفاتيح دون جدوى
- لقد استعصى علي فتح هذا الصندوق... الأجدى أن تبقى حيث أنت...
الصوت
- أبقى هنا؟ هل تمزح؟

الفصل الثاني

المشهد الثالث

ينفتح الصندوق بسهولة ويخرج منه رجل يرتدي ثوبا عليه الكثير من الأرقام والمعادلات الرياضية، يتمطّط ويقوم بحركات رياضية
- أعرّفك بنفسي أنا ألجابر
ماجد خائفا ومنافقا
- تشرّفت بمعرفة سموّك يا سيدي
ألجابر حانقا
- أما أنا فلست سعيدا برؤيتك
ماجد خائفا
- لماذا يا سيدي
ألجابر
- كنت أعلم أنه لا يمكنني التعويل عليك، ويؤسفني إعلامك بأنه لا يحقّ لك بمطالبتي بأن أحقق لك ثلاث أمنيات
ماجد
- أوه لا أرجوك.. حقّق لي حتى أمنية واحدة...
ألجابر
- كلا كلا يا عزيزي... ولا أمنية.. هل نسيت حكاية القمقم
ماجد
- أرجوك نصف أمنية...
يواصل ألجابر حركاته الرياضية المضحكة وهو يومئ برأسه علامة الرفض
ماجد مستجديا
- أرجوك ربع أمنية.. ثمن أمنية
يتوقّف ألجابر عن حركاته الرياضية
- يبدو أنّك تجيد الرياضيات
ماجد
- كلا... كلا لا أطيقها
ألجابر
- وجدت لك إذن عقوبة تناسبك..
ماجد
- عقوبة؟.. تناسبني... وما الذي فعلته لك؟
ألجابر
- بل قل ما الذي لم تفعله لي حين طلبته منك
يتجوّل ألجابر في الركح ويعدّد أخطاء ماجد
- أوّلا جلست فوقي حتى كدت تحطّم عظامي
ماجد
- لم أكن أعرف أنّك هناك.. أقسم على ذلك
يواصل ألجابر دون أن يلتفت إليه
- ثم تلكأت في فتح الصندوق حتى كدت أختنق، وأبطأت في إيجاد مفتاح يليق بصندوقي، تصوّر أنك تجرأت وحاولت فتحه بمفتاح علبة سردين (يمسك بمفتاح علبة السردين ثم يرميها بعيد) هل تجدني أشبه السردين؟
يجيب ماجد متزلّفا
- أنت سردين... حاشاك يا سيدي
يواصل ألجابر حركاته جيئة وذهابا على الركح
- والأدهى من كلّ ذلك أنك قرّرت أن تتركني مسجونا في الصندوق
يتوسّل إليه ماجد في حركة مسرحية مبالغ فيها
- أرجوك.. ارحم ضعفي... ارحم صغر سني.. وتذكّر جدي... كم سيحزن جدي لأجلي... هل يرضيك أن يحزن جدي
يظهر التأثر على ألجابر
- حسن.. حسن.. سأخفّف العقوبة قليلا
ماجد
- شكرا... شكرا يا سيدي
يفكّر ألجابر بصوت مرتفع
- قلت إذن أنّك تكره الرياضيات
ماجد بحماس
- أوه يا سيدي... أكرهها... أكرهها جدا... إنها تثير قرفي
ألجابر مفكّرا
- حسنا... حسنا أيها الولد الضفدع.. سأعطيك بعض المسائل الرياضية وعليك حلّها
ماجد خائفا
- وإن لم أستطع
ألجابر
- يمكنك الاستعانة مرّة واحدة بصديق، أو تغيير موضوع السؤال، وإن فشلت تذكّر حكاية القمقم...

المشهد الرابع

يتربّع ألجابر فوق الصندوق، ويجلس ماجد على أرضية الركح
ماجد
- أنا مستعد، لكن رجاء اختبرني بسرعة قبل أن يعود جدّي ولا تصعّب علي الأسئلة..
يخرج ألجابر مجموعة من الأوراق الصغيرة من جيبه، ويقرأ من إحداها
- السؤال الأوّل، لديك نصف دقيقة للتفكير، (يتوجّه إلى الجمهور: لا تتدخّلوا رجاء، ثم إلى ماجد) ما الذي يرسم ويحدد الأطوال الصغيرة ويستخدم وحدة السم وبفضله نرسم قطعة مستقيمة معلومة القياس؟
ماجد يمسح العرق
- يا إلهي.. ما هذه المصيبة
ألجابر بلهجة حاسمة
- بقيت لديك 5 ثواني للتفكير
ماجد يعصر رأسه
- إنه.. إنه... إنه على طرف لساني
ألجابر
- ثانية واحدة وسيسلّط عليك العقاب
ماجد
- المسطرة... أجل إنها المسطرة
ألجابر بامتعاض
- أجل هي كذلك.. نمرّ إلى السؤال الموالي
ماجد متضرّعا
- لا تصعّبه أرجوك
ألجابر ينظر إلى ماجد مليا،
- ما الشيء الذي تُرسم بها وتُقاس الزوايا وتُحدد أنواعها، ولها تدريج مقسم من صفر إلى 180 درجة، ويمكن قراءته من الشمال إلى اليمين والعكس؟
ماجد
- كنت أعرف.. كنت أعرف أن ذلك سيحدث... ليتني لم أفتح لك الصندوق
ألجابر مستنكرا
- لكنك لم تفتح لي الصندوق، لقد خرجت بمفردي.. على كلّ حال يمكنك تغيير السؤال أو الاستعانة بصديق، فماذا تختار
ماجد
- أفضّل تغيير السؤال
ألجابر
- حسن.. قم بالعملية التالية أضرب 1.259.800 في 56.897.320.154 ثم اقسم على 231.568 واطرحه من 154.689 وأضف إليه العدد الكسري...
يقاطعه ماجد بتوسّل
- رجاء.. اقتلني.. اذبحني.. امسخني... ولا تطلب مني أن أجد النتيجة
ألجابر
- حسن.. حسن.. كنت أمازحك، والآن استعد، إليك السؤال التالي: هل أن مجموعة الأعداد الصحيحة هي مجموعة غير مغلقة بالنسبة لعملية القسمة، أجب بنعم أم لا
ماجد يصرخ
- كلا.. إنه كابوس.. يا إلهي..
ألجابر دون اكتراث
- أمامك ستة ثواني للتفكير
ماجد
- نعم.. نعم... معك حق... أستحق كل هذا
ألجابر ينظر إلى الجمهور وعلى طريقة منشطي برامج المسابقات
- فاصل ونعود، ابقوا معنا رجاء

تدخل الجوقة الموسيقية ترتدي ما يشبه ثياب محمّسات الفرق الرياضية في الولايات المتحدة الأمريكية

أش تشويق
أش إثارة
أش إنارة
وشطارة
جرّب حظّك
أرسل رقمك
وانتظر الإشارة
أي إشارة
سؤال في التاريخ
وآخر عن المريخ
سؤال في الفنون
وفي القانون
أجب في الحال
عن السؤال
يا للتشويق
يا للإثارة
تخرج الجوقة من المسرح

الفصل الثالث

المشهد الخامس

ألجابر يجول في الركح، ينصح ماجد
- يمكنك استعانة بصديق
ماجد
- حقا؟
ألجابر
- طبعا
ماجد متأسفا
- خسارة ليس لدي أصدقاء...
ألجابر مستغربا
- كيف؟ ليس لديك أصدقاء... أيها الولد المسكين...
ماجد
- ولأنني مسكين وليس لدي أصدقاء هل يمكنك أن تعود إلى صندوقك قبل عودة جدي
ألجابر
- طبعا لا يمكنني
ماجد
- ولماذا؟
ألجابر
- لأنه علينا أن ننهي الاختبار، وأنت لم تجب عن السؤال
ماجد
- وهل ذلك ضروري؟
ألجابر
- طبعا لقد سئم الجمهور، وها هم سيغيّرون القناة
ماجد
- ماذا أفعل؟
ألجابر يقرأ في أوراقه
- يمكنك الاستعانة بصديق
ماجد يفكّر
- صديق.. صديق.. لكن هل ترضى؟
ألجابر بثقة
- جميلة؟... طبعا سترضى
ماجد
- لكنها تدعوني مثلهم بالولد الضفدع، ووشت بي لدى المعلّم
ألجابر
- في مسألة الضفدع ربّما هم على حق.. ألم تلاحظ لونك الأخضر، وطريقة مشيك.. ونقيق صوتك
ماجد ينظر إلى يديه ويتحسّس جسمه
- هل تعتقد ذلك؟
ألجابر يربّت على كتفه
- أمزح معك... ها..ها..ها
ألجابر يلتفت إلى الجمهور ويعلن
- لقد خيّر صديقنا الاستعانة بصديقة
ألجابر
- ألو جميلة؟
يخرج صوت ناعم
- ألو سيد ألجابر
ألجابر
- جميلة.. أنت الآن على الهواء..
تقاطعه جميلة
- بل أنا في الصندوق.. تنحّ من فوقي... كدت تهشّم عظامي
يبتعد ألجابر عن الصندوق مسرعا
- عفوا.. عفوا.. لكنّ البرنامج ينصّ على أن تكون مداخلتك هاتفية
جميلة
- لكن الخطّ دائما مشغول فوجدت أن الحضور إلى الأستوديو أسهل
ماجد
- هيا أسرع أفسح لها الطريق
ألجابر
- ألن تستعمل مفتاح علبة السردين هذه المرة
ماجد
- طبعا لا لقد استعملت المفتاح الالكتروني

المشهد السادس

يفتح ألجابر وماجد الصندوق فتخرج مثل نجمات هوليود فتاة جميلة
ألجابر للجمهور
- لا داعي للتصفيق... رجاء... اجلسوا في أماكنكم
جميلة لماجد
- حسن يا ضفدعي اللطيف في ماذا أساعدك
ماجد
- في أن تعيدي هذا المخبول إلى الصندوق.. أما أنت فبإمكانك البقاء
ألجابر لماجد
- على المتباري أن يذكّر الآنسة بفحوى السؤال
ماجد يتنحنح ويهمس
- هل تحبينني؟
ألجابر
- ينصّ قانون البرنامج ألا تغيّر السؤال وإلا سيتم إقصائك من اللعبة
ماجد
- لكنني نسيت السؤال
جميلة تتجاهل ماجد وتجيب بكل ثقة في النفس
- نعم، مجموعة الأعداد الصحيحة هي مجموعة غير مغلقة بالنسبة لعملية القسمة
ألجابر
- الإجابة صحيحة، يفوز جابر بـ... بـ... قبلة من جميلة
جميلة
- أنا أقبّل ضفدعا... يع يا للقذارة
ماجد يقترب من جميلة
- هيا أرجوك... قبلة واحدة وأصير أميرا
جميلة
- مستحيل..
ألجابر
- جميلة والضفدع... ها.. ها.. ها.. عنوان رائع سأفكر في دخول مجال الإنتاج

يقترب ماجد من جميلة مطالبا بقبلته فتهرب جميلة ويطاردها ماجد، يخرج ألجابر من جيبه صفارة حكم، وبطريقة المعلّقين الرياضيين
- جميلة تهرب... تهرب.. إلى اليمين...جميلة تراوغ... حذار.. حذار... ماجد يسدد... قووووووووول... لا.. لا الحكم يصفّر مخالفة...
يسمع طرق شديد.. يتوقّف الجميع... يبدو الارتباك على ماجد
- إنه جدي.. لا بدّ أنه عاد.. يا ويلي.. اختبئوا أرجوكم
صوت الجد
- افتح يا ماجد.. لقد عدت
ماجد مرتبكا
- لحظة يا جدي.. سأفتح حالا
يحاول أن يخفي ألجابر وجميلة بدفعهما نحو الصندوق، إلا أنهما يرفضان الدخول
ألجابر يفتح ذراعيه ويمشي على الركح
- لا لن أدخل إلى هنالك مجدّدا بعد أن تذوّقت الحرية...يا نسمة الحرّية...
ماجد يتوسّل إليه
- أرجوك.. أعدك أن أخرجك غدا من الصندوق... هيا.. هيا... سيغضب جدي..
ألجابر
- وما الذي يضمن لي ذلك
يزداد الطرق عنفا
ماجد بإلحاح
- أرجوك ثق بي
وفجأة يفتح الصندوق ويخرج الجد
ماجد غير مصدّق
- جدي... ولكن.. ولكن كيف دخلت إلى الصندوق
الجد
- بل قل كيف خرجت من الصندوق؟
ماجد يتلعثم
- جدي أنا فعلا آسف.. لم أنفّذ وصيتك
الجد
- ولذلك سأعاقبك
ينظر إلى ألجابر وجميلة
- ماذا يستحق من عقاب؟
ألجابر
- أقترح أن نضعه في الصندوق
الجد
- وفي الصندوق برد وظلام
ألجابر
- وجرذان كبيرة، وليس فيه طعام
ماجد يخاف ويرتعش
جميلة
- ليس فيه منفذ... ولا حتى فتحة مفتاح
ألجابر
- وسننساه هناك
جميلة
- لن يفتح له أحد
ألجابر
- أقترح أن نغرقه في البحر
الجد
- ونغلق عليه إلى الأبد
جميلة
- ومعه كتاب الرياضيات... ها.. ها
ماجد
- الصندوق.. لا... لا أرجوك.. الرياضيات لا... أرجوكم
يحاول الإفلات لكنهم يمسكونه بشدّة
ماجد إلى جده
- أرجوك يا جدي لن أترك المدرسة
إلى جميلة
- أرجوك، لا تدعيهم يضعوني في الصندوق
إلى ألجابر
- سأحفظ كل الجداول.. الضرب والطرح والقسمة.. أرجوك
ياتفون حوله ويضعونه في الصندوق
ماجد إلى جميلة
- وقبلتي إذن؟
جميلة ضاحكة
- ربما بعد الانتهاء من الدراسة...


تنطفئ الأنوار ويسدل الستار
تونس 2010

الاثنين، 25 أبريل 2011

"النملة لالا " قصة للأطفال بقلم عادل سالم

النملة لالا
عادل سالم

كانت النملة (لالا) تعيش مع أمها في أحد الجبال بعيدا عن الناس، والسكان حتى لا يدعسها أحد. قالت لها أمها في أحد الأيام:
- يا لالا اذهبي اليوم وابحثي عن أكل لنا، لكن لا تذهبي بعيدا حتى لا تضلي الطريق، مفهوم؟

قالت لالا:
- مفهوم يا أمي.

خرجت من البيت باتجاه الوادي تبحث شمالا ويمينا لعلها تعثر على حبة قمح تعود بها إلى البيت. لم تجد شيئا في الطريق، وكان عليها أن تعود حسب تعليمات أمها كي لا تضل الطريق. لكنها قالت لنفسها: «كيف أعود بلا أكل؟ يجب أن أواصل البحث».

واصلت السير حتى إلى قاع الوادي حيث نبع الماء، شربت وارتوت واستلقت تستريح، ولأنها كانت تعبة والطقس حار نامت. بعد فترة استيقظت على صوت بعض البنات جئن إلى النبع لجلب المياه.

خافت النملة فاختبأت خلف أحد الحجارة، اقتربت إحدى البنات ووضعت سلتها على الأرض، كان في السلة بعض الخبز والأكل. مشت النملة نحو السلة ودخلت إليها باحثة عن قطعة خبز صغيرة تنقلها إلى أمها. لكنها قبل أن تخرج من السل، فوجئت أن البنت تقف وتحمل السلة وتقرر العودة إلى البيت، لم تعرف النملة لماذا، لكنها لم تستطيع القفز من السلة حتى لا تموت. فظلت مختفية في السلة تنتظر اللحظة المناسبة للعودة.

قطعت البنت مسافة طويلة إلى بيتها، لا تعرف النملة أين، وكيف ستعود. وعندما وصلت البنت البيت ألقت بالسلة على الأرض وذهبت تخبر أمها عن رحلتها. خرجت النملة من مخبئها بالسلة وحاولت العودة لكنها لم تعرف في أي اتجاه تسير. صارت تبكي لكن دون جدوى فلم يسمعها احد، ولم ينتبه لها أحد وخافت بأن تضيع مرة أخرى فآثرت أن تظل قريبة من البيت الجديد للحصول على الغذاء من أصحاب البيت.

أم النملة (لالا) المسكينة، عندما لم تعد ابنتها بدأت بالبحث عنها فلم تجدها. فحاولت تتبع آثارها حتى وصلت النبع لكنها بعد ذلك لم تجد شيئا. حزنت الأم المسكينة على نملتها الصغيرة، وقالت: «الحق علي، أنا الذي أرسلتها. كان علي أن أذهب معها». وصارت تبكي وتنوح وتسأل كل النمل الذي تراه في الطريق عنها فلم يدلها أحد على مكانها. وبعد أن مرت الأيام دون أن تعود ابنتها، أيقنت أن ابنتها ماتت فأعلنت الحداد.

بعد شهر كانت النملة الأم مستلقية على فراشها، حزينة تتذكر ابنتها، سمعت وقوع خطوات نملة تدخل البيت فنادت: «من هناك؟» فلم يرد أحد. فنادت مرة أخرى: «من هناك؟ أن كنت لصا فليس عندي شئ تسرقه». فجأة رأت نملة تجر حبة قمح كبيرة تدخل البيت، فقامت من سريرها لتساعدها مستغربة، من ذلك الذي أحضر لها كل هذا الطعام؟ وما أن وصلت وألقت بنظرها على النملة حتى صاحت بأعلى صوتها: «ابنتي، لالا، حبيبتي»، وعانقتها، وقبلتها، ثم سألتها:
- كيف عدت؟ أين كنت كل هذه الفترة أخبريني؟

حدثت النملة أمها بما حصل معها. بعد أن وصلت النملة بيت البنت وضاعت عن البيت قررت أن تخطط لعودتها. وبعد تفكير طويل رأت أن أفضل طريقة للعودة هي أن تختبئ بالسلة وتنتظر اللحظة التي تذهب فيها البنت إلى النبع لتخرج من السلة وتعود إلى أمها.

لكن البنت لم تعد إلى نفس الجدول، وذهبت إلى نبع ثان. لذلك ظلت النملة في السلة تنتظر الرحلة القادمة حتى قررت البنت العودة إلى نفس النبع، قفزت النملة من السلة تحمل حبة القمح التي كانت قد خبأتها في طرف السلة دون أن يراها أحد. انبسطت الأم لحديث ابنتها، وقالت لها: «الحمد لله أنك عدت، من الآن وصاعدا لن تخرجي لوحدك، سأكون معك باستمرار».

*أديب عربي مقيم في الولايات المتحدة
رئيس تحرير ديوان العرب

السبت، 23 أبريل 2011

"لماذا سكت النهر؟‏" قصة للأطفال بقلم زكريا تامر

لماذا سكت النهر؟‏
 زكريا تامر
كان النهر في الأيام القديمة قادراً على الكلام، وكان يحلو له التحدث مع الأطفال الذين يقصدونه ليشربوا من مائه ويغسلوا وجوههم وأيديهم، فيسألهم مازحاً: "هل الأرض تدور حول الشمس أم الشمس تدور حول الأرض؟".‏
وكان النهر يبتهج لحظة يسقي الأشجار فيجعل أوراقها خضراء.‏
وكان يهب ماءه بسخاء للورد كي لا يذبل. ويدعو العصافير إلى الشرب من مائه حتى تظل قادرة على التغريد.‏
ويداعب القطط التي تأتي إليه فيرشقها بمائه، ويضحك بمرح بينما هي تنتفض محاولة إزالة ما علق بها من قطرات الماء.‏
وفي يوم من الأيام أتى رجل متجهم الوجه يحمل سيفاً فمنع الأطفال والأشجار والورد والعصافير والقطط من الشرب من النهر زاعماً أن النهر ملكه وحده.‏
فغضب النهر، وصاح: "أنا لست ملكاً لأحد".‏
وقال عصفور عجوز: "لا يستطيع مخلوق واحد شرب ماء النهر كله".‏
فلم يأبه الرجل الذي يملك سيفاً لصياح النهر وأقوال العصفور إنما قال بصوت خشن صارم:‏
"من يبغي الشرب من ماء نهري، يجب أن يدفع لي قطعة من الذهب".‏
قالت العصافير: "سنغني لك أروع الأغاني".‏
قال الرجل: "الذهب أفضل من الغناء".‏
قالت الأشجار: "سأمنحك أشهى ثماري".‏
قال الرجل: سآكل من ثمارك متى أشاء، ولن يستطيع أحد منعي".‏
قال الورد: "سأهبك أجمل وردة".‏
قال الرجل ساخراً: وما الفائدة من أجمل وردة؟!.‏
قالت القطط: "سنلعب أمامك كل صباح ارشق الألعاب، وسنحرسك في الليل".‏
قال الرجل: "لا أحب ألعابكم، وسيفي هو حارسي الوحيد الذي أثق به".‏
وقال الأطفال: "نحن سنفعل كل ما تطلب منا".‏
فقال الرجل: "لا نفع منكم فأنتم لا تملكون عضلات قوية".‏
عندئذ استولت الحيرة واليأس على الجميع بينما تابع الرجل الكلام قائلاً: إذا أردتم أن تشربوا من ماء نهري، ادفعوا لي ما طلبت من الذهب".‏
لم يحتمل عصفور صغير عذاب العطش، فأقدم على الشرب من ماء النهر، فسارع الرجل إلى الإمساك به ثم ذبحه بسيفه.‏
بكى الورد. بكت الأشجار. بكت العصافير. بكت القطط. بكى الأطفال، فهم لا يملكون ذهباً، وليس بمقدورهم العيش دون ماء، ليكن الرجل الذي يملك سيفاً لم يسمح لهم بالشرب من ماء النهر، فذبل الورد، ويبست الأشجار، ورحلت العصافير والقطط والأطفال، فغضب النهر، وقرر الامتناع عن الكلام.‏
وأقبل فيما بعد رجال يحبون الأطفال والقطط والورد والأشجار والعصافير، فطردوا الرجل الذي يملك سيفاً، وعاد النهر حراً يمنح مياهه للجميع دونما ثمن غير أنه ظل لا يتكلم، ويرتجف دوماً خوفاً من عودة الرجل الذي يملك سيفاً.‏

الأربعاء، 20 أبريل 2011

"رسومات ندى" قصة للأطفال بقلم نعمات البحيري

رسومات ندى
نعمات البحيري 

"ندى" تحب الرسم والألوان. 
يحلو لها في أوقات الفراغ أن تغمس فرشاتها في الألوان، وترسم رسومات متنوعة. ترسم شجرة وزهرة، وترسم قطة وبطة، وترسم نخلة وتلونها بألوان طبيعية جميلة. وحين تنظر "ندى" إلى رسوماتها ذات الألوان الزاهية، تشعر بفرحة وبهجة، وتجلس إلى رسوماتها، وتتبادل معها الحديث. 
وذات صباح وكان ذلك في يوم العطلة المدرسية، غمست "ندى" فرشاثها في اللون الأبيض، ورسمت على الورقة الخضراء قطة بيضاء كبيرة. ثم رسمت بيتا بنوافذ مفتوحة للهواء والشمس، ونخلة ذات جريد أخضر. نظرت "ندى" إلى رسوماتها، وراحت تتحدث إليها.
غضبت القطة من "ندى" وقالت لها: "أترسمينني وحيدة، لابد أن يكون معي قطط صغيرة أحبها وتحبني".
وغضب البيت من "ندى" وقال لها: "أترسمينني دون حديقة واسعة، ذات أزهار وأشجار، ليتنسم الناس هواءها؟".
وغضبت النخلة ذات الجريد الأخضر من "ندى"، وقالت لها: "أترسمينني نخلة لا تطرح بلحا أحمر أو أصفر؟".
تركت "ندى" رسوماتها الملونة فوق الورقة الخضراء وجلست في الشرفة.
نظرت "ندى" للشارع الواسع الممتد، والعربات، والناس يروحون ويجيئون. ث
م فكرت "ندى" أنها لابد أن ترسم الشارع كما تراه.
بدت "ندى" حزينة لأن رسوماتها غاضبة منها.
قالت "ندى" في نفسها: "ما هذا؟ لا أحد يعجبه ما أرسم، سوف أجرب أن أرسم أناسا عاقلين، يرضون بأشكالهم التي أرسمهم عليها". 
دخلت "ندى" إلى حجرتها، وغمست فرشاتها في الألوان، ورسمت على الورقة البيضاء بنتا صغيرة، ذات شعر أسود وعينين سوداوين. كما رسمت طفلا قصيرا نحيلا، ورجلا أسود.
وحين انتهت "ندى" من الرسم نظرت إلى رسوماتها.
غضبت البنت الصغيرة من "ندى" وقالت لها: "كنت أود لو ترسمينني بشعر أصفر وعينين خضراوين مثل أطفال الإعلانات في الثليفزيون".
وغضب الطفل القصير النحيل من ندى وقال لها: "كنت أود لو ترسمينني طويلا، عريضا مثل نجوم السينما وكرة القدم".
وكذلك غضب الرجل الأسود من "ندى" وقال لها: "كنت أحب لو ترسمينني رجلا أبيض".
تركت "ندى" رسوماتها الغاضبة فوق الورق، وجلست في الشرفة. 
ودت "ندى" لو تستنشق بعض الهواء العليل، ثم قالت "ندى" في نفسها: "ما هذا؟ الجميع غاضبون، ولا أحد يعجبه ما أرسم".
فكرت "ندى" قليلا وقالت في نفسها: "لابد أن أواجههم جميعا".
دخلت "ندى" لرسوماتها وراحت تتحدث إليها وهي تقول: القطة الكبيرة سوف تلد قططا صغيرة مع الوقت.
والبيت حين يسكنه الناس، سوف يزرعون حوله حديقة، تنمو فيها الأزهار والأشجار.
والنخلة سوف تطرح بلحا أحمر أو أصفر في موسم البلح.
كما فكرت "ندى" في البنت الصغيرة التي ترغب في أن يكون لها شعر أصفر، وعينان خضراوان، والطفل الذي يرغب في أن يصبح طويلا عريضا، كما فكرت في الرجل الأسود الذي يود لو يصبح رجلا أبيض.
نظرت "ندى" من الشرفة إلى السيارات الصغيرة والكبيرة، تلك التي تنقل الناس من مكان إلى آخر، ورأت الشمس في السماء، ترسل أشعتها فتملا النهار نورا، وتبعث في الناس دفئا. 
رأت "ندى" الناس على اختلاف أشكالهم وأحجامهم، منهم القصير، ومنهم النحيل، ومنهم الأسود ومنهم الأبيض، كانوا جميعا عائدين من العمل.
قالت "ندى" في نفسها: "ليس المهم أشكالنا ولكن المهم ماذا نعمل".
ثم قررت "ندى" أن تدخل إلى غرفتها، لتجلس إلى رسوماتها الغاضبة وتقول لها: "ليس المهم أشكالنا، ولكن المهم ماذا نعمل".
غير أن الرسومات الغاضبة، ظلت غاضبة وهي تنظر إلى "ندى " في غير اقتناع.

الاثنين، 18 أبريل 2011

"سميرة الصغيرة" قصة للأطفال من التراث الانجليزي ترجمة على أحمد ناصر

سميرة الصغيرة
ترجمة: على أحمد ناصر

في يومٍ من الأيامِ ، في قديمِ الزمانِ ، كان هناك رجلٌ و زوجتُهُ يعيشانِ في بلدٍ بعيدٍ.
و كان لديهِما أبناءٌ كثيرون جداً، لم يستطيعا توفيرَ الطعامِ الكافي لهم جميعاً فقررا تركَ أصغرَ ثلاثةِ أبناءٍ في الغابة ليتدبروا حياتهَم، بعد أن أعطيا كلاً منهم رغيفَ خبزٍ واحدٍ.
كانوا ثلاثَ فتياتٍ . 
ذهبن في الغابةِ و هنَّ يأكُلنَ الخبزَ حتى دبَّ الظلامُ، و انتهى الطعامُ، فتعبْنَ و تُهنَ و جِعنَ.
أخيراً و بعد مشيٍّ متواصلٍ لاحَ بين الأغصانِ البعيدةِ نورٌ يشعُّ من نوافذِ بيتٍ كبيرٍ، فأسرعنَ حتى وصلنَ إليهِ ، و قرعنَ جرسَ بابِهِ الكبيرِ جداً، فخرجتْ امرأةٌ وسألت:
- مَنْ أنتُنَّ ،و ماذا تُرِدْنَ أيتُها الصغيراتُ؟
قُلنَ بصوتٍ واحدٍ:
- نحنُ تائهاتٌ و جائعاتٌ و تعِباتٌ، دعينا ندخلُ و نرتاحُ و نأكلُ..
قالتُ المرأةُ:
-لا أستطيعُ ، فزوجي ماردٌ كبيرٌ. 
سيقتلُكُنَّ عندما يعودُ و يراكَنَّ في منزلِهِ.
قُلْنَ معاً:
- دعينا نرتاحُ قليلاً ، و سنرحلُ قبلَ عودتِهِ.
أشفقَتْ المرأةُ عليهِنَّ لكَثْرةِ إلحاحِهنَّ فأدخلتْهُنَّ، و وضعتْ لهُنَّ بعضَ الخبزِ والحليبِ قربَ الموقِدِ. و عندما كُنَّ يأكُلْنَ سمِعْنَ قرْعاً شديداً على الباب وصوتاً أجشاً يزأرُ:
- فرْرْرْ..فرر..فررر..
إنني أشمُّ رائحةَ بشرْ..
من هناك يا زوجتي؟؟
قالت الزوجةُ: 
إنَّهنَّ ثلاثُ فتياتٍ صغيراتٍ، يشعُرنَ بالبردِ و الجوعِ، سيرحلْنَ في الحالِ. لا تؤذِهِنَّ فحِساؤكَ جاهزٌ.
لم يقلْ الماردُ شيئاً، بلْ احتسى حساءَهُ الكبيرَ و طلبَ من الفتياتِ البقاءَ للنَّومِ عندَهُم. لذا أخذتْهُنَّ زوجتُهُ إلى غرفةِ نومِ بناتِهِ الثلاثةِ.
و هكذا نامتْ الفتياتُ السِّتَّةُ في سريرٍ ضخمٍ واحدٍ. ثلاثةٌ منْهُنَّ غريباتٌ ، والثَّلاثةُ الأُخْرَياتُ هنَّ بناتُ الماردِ.
كانت أصغرُ البناتِ الغريباتِ ذكيةً جداً، و اسمها سميرةٌ الصغيرةُ.
قبلَ نومِ الفتياتِ السِّتَّةِ جاءَ الماردُ ، ووضعَ سِلسِلةً مِنَ الذَّهبِ حولَ أعناقِ بناتِهِ ، و حبلاً من القِنَّبِ حولَ أعناقِ الفتياتِ الغريباتِ.
تعجَّبَتْ سميرةٌ منَ هذا الفِعلِ المشبوهِ ، فلمْ تنمْ. 
وعندما نامَ الجميعُ نهضَتْ و نزعَتْ حبالَ القِنَّبِ عن عُنقِها و أعناقِ أخَواتِها و وضعتها حول رقابِ بناتِ الماردِ بعد أن نزعتْ السَّلاسلَ الذَّهبيةَ عنْ أَعناقِهِنَّ لتضعَها حولَ عُنقِها و أعناقِ أَخواتِها، ثمَّ استلقتْ على السَّريرِ تراقبُ ماذا سيحصلُ بعدَ ذلك.
عندَ مُنتصفِ الليلِ ، كان َ الظلامُ دامساً ، تسللَ الماردُ إلى غرفةِ نومِ البناتِ الستَّةِ. تحسَّسَ رِقابَهُنَّ جميعاً، و أخذَ البناتِ اللاتي أحسَّ بحبلِ القِنَّبِ حولَ أعناقِهنَّ،وخرجَ منَ الغُرفةِ، ثم نزلَ إلى غرفةِ المَؤونةِ، و وضعَهُنَّ هناك ثم أقفلَ البابَ عليهِنَّ، و عاد للنَّومِ. 
و بعد قليلٍ بدأَ يشْخِرُ بصوتٍ عالٍ.
في هذه اللَّحَظاتِ أيقظتْ سميرةٌ الصغيرةُ أخواتِها، و طلبتْ منهُن الهدوءَ، و هُنَّ يهرَبْنَ من بيتِ الماردِ، و يركُضْنَ في الغابةِ.
ركضتْ الفتياتُ في الغابةِ طويلاً ،حتَّى بدأتْ خيوطُ الفجرِ تظهرُ فوقَ قِممِ الأشجارِ و الطريقِ أمامَهُنَّ، و فجأةً وجدْنَ أنفُسَهُنَّ أمامَ قصرٍ كبيرٍ و جميلٍ.
قالت سميرةٌ الصغيرةُ:
- إنَّهُ قصرُ الملكِ – لا شكَّ – نعمْ، إنَّهُ قصرُ الملكِ. 
سأدخلُ و أُخبِرُهُ قِصَّةَ الماردِ.
و هكذا دخلتْ سميرةٌ الصغيرةُ قصرَ الملِكِ العظيمِ ، و أخبرتْهُ قِصَّتَها.
هزَّ الملكُ رأسَه و هو يستمِعُ للقِصَّةِ. وعندما انتهت ، قالَ بصوتٍ جهوريٍّ:
- حسناً يا سميرةُ الصغيرةُ، لقد فعلتِ شيئاً حسناً، و ستفعلينَ أمراً أفضلَ إذا عُدتِِ إلى منزلِ الماردِ و أحضرتِ لي سيفَهُ المُعلَّقَ على الجدارِ، فوقَ سريرِهِ. إذا فعلتِ ذلكَ سأُزَوِّجُ أُختَكِ الكُبرى لابني الأَكبر.
وَعَدتْ سميرةٌ الصغيرةُ الملكَ بأنها ستحاولُ، و بعد استراحةٍ قصيرةٍ عادتْ إلى منزلِ الماردِ و اختبأتْ تحتَ سريرهِ.
عادَ الماردُ إلى بيتِهِ و احتسى حساءَه وذهبَ لينامَ كالعادةِ.
بعد قليلٍ بدأ شخيرُهُ يعلو و يعلو، فخرجتْ سميرةٌ الصغيرةُ من تحتِ سريرِهِ و صعدَتْ على صدْرِهِ، و أخذتْ السَّيفَ عن الحائِطِِ، ثمَّ نزلَتْ فارتَطَمَ السَّيفُ بطرفِ السريرِ المعدني و أحدثَ صوتاً أيقظَ الماردَ، فقفزَ عنْ سريرِهِ و حاولَ الإمساكَ بطرفِ ثوبِ سميرةَ ، لكنَّها أفلتَتْ و هربَتْ، و ما يزالُ السَّيفُ بيدِها، و شرعَتْ تركُضُ في الغابةِ ، والماردُ يركضُ خلفَها....هي تركضُ بسرعةٍ و الماردُ يركِضُ خلفَها، حتى وصلَتْ إلى جسرِ الشَّعرةِ الواحدَةِ، فركضتْ بخِفَّة الرِّيشةِ فوقه وتجاوزته بسرعة أما المارد فتوقف حزيناً، لأنَّهُ لا يستطيعُ تجاوزَ الجسرِ لثِقَلِ جسمه فصاح كاليائس:
- سأعاقِبُكِ يا سميرةُ الصغيرةُ ، إذا عُدْتِ إلى بيتي.
- سأعودُ إلى بيتِكَ قريباً لأراكَ أيُّها الماردُ.
أعطتْ سميرةٌ السَّيفَ للملِكِ ، ففرِحَ كثيراً لأنَّ الماردَ كانَ يقتُلُ الناسَ بالسَّيفِ ويفتك بهم. وأوفىالملك بوعدِهِ فزوَّج أخت سميرة الكبرى من ابنه الأكبر.
قال الملكُ لسميرةَ الصغيرةَ:
- حسناً يا سميرةُ الصغيرةُ ، لقد فعلتِ أمراً حسناً، و ستفعلين أمراً أفضلَ إذا عدتِ إلى بيتِ الماردِ وأحضرت لي جوهرتَه التي يُخفيها تحتَ وسادتِهِ. عندئذٍ سأزوِّجُ أُختَكِ الثانيةَ لابني الثاني.
و وعدتْ سميرةٌ الصغيرةُ الملكَ بتنفيذِ رغبَتِهِ.
عادتْ سميرةٌ الصغيرةُ إلى منزلِ الماردِِ،وتسلَّلَتْ إلى غرفتِهِ، و اختبأتْ تحتَ سريرِهِ،و انتظرتْ حتى أتى و شرِبَ حساءَهُ الكبيرَ و نام،و بدأَ يشخِرُ بصوتٍ عال ٍو هو نائمٌ.
خرجَتْ سميرةٌ الصغيرةُ من مخبئِهَا ودسَّت يدَهَا تحتَ وِسادتِهِ وأخذَت الجوهرةَ،وفتحَتْ البابَ لتهربَ فأصدرَ البابُ صريراً عالياً أيقظَ الماردَ ، فقفزَ يريدُ الامساكَ بها، لكنَّها استطاعتْ الهرَبَ من البيتِ بالركض السريع في الغابة نحو قصر الملك كانت تركض والماردُ يركُضُ خلفَهاهي تركضُ والماردُ يركضُ خلفَهاحتى وصلَتْ إلى جسرِ الشَّعرةِ الواحدةِ، فهرعتْ و تجاوزَتْهُ بخفَّةِ الرِّيشةِ دونَ أنْ تقعَ في النهرِ، أمَّا الماردُ فلم يستطعْ لثِقَلِ جسمِهِ فصاحَ:
- سأعاقبُكِ يا سميرةُ الصغيرةُ إذا عُدتِ إلى بيتي.
- سأعودُ إلى بيتِكَ مرةً أُخرى لأراكَ أيها الماردُ.
أعطتْ سميرةٌ الصغيرةُ الجوهرةَِ للملكِ ، و تزوجتْ أختُها الثانيةُ من ابن الملكِ الثاني.
و قالَ الملكُ لسميرةَ الصغيرةَ:
- حسناً يا سميرةُ الصغيرةُ ، لقد فعلْتِ أمراً حسناً، و ستفعلين أمراً أفضلَ إذا عدتِ إلى بيتِ الماردِ و أحضرتِ لي خاتَمَهُ الذهبيَّ الذي يضعُهُ في إصبَعِهِ . عندئذٍ سأزوجك من ابني الأصغر.
و وعدت سميرةُ الصغيرةُ الملكَ العظيمَ أنَّها ستحاولُ.
و هكذا عادتْ سميرةٌ الصغيرةُ إلى بيتِ الماردِ و تسلَّلَتْ إلى غرفتِهِ و اختبأتْ تحتَ سريرِهِ، و انتظرَتْ حتىَّ أتى وتناول حساءَهُ الكبيرَ ونامَ... و عندما بدأ يشخرُ بصوتٍ عالٍ و هو نائمٌ، خرجَتْ من مخبئِهَا و صعَدَتْ إلى السَّريرِ ،ولاقّتْ صعوبةً كبيرةً في تحريكِ يدِهِ الضَّخمَةِ كي ترى الخاتَمَ بوضوحٍ، و عندما أبصرت الخاتم يلمعُ في بُنصُرِهِ بدأتْ تشدُّ وتشدُّ بالخاتم، ثم تشدُّ و تشدُّ به، فقد كانَ صعب الإخراج من يد المارد وأخيراً استطاعَتْ سحْبَهُ و العرقُ يتصبَّبُ من جبينِها الصغيرِ ، فوقعَتْ للخلفِ من قوةِ السَّحبِ ، وقعت على بطنِ الماردِ فاستيقظَ كالملدوغِ و هو يزأرُ كالأسدِ ،منَ الألمِ، حاولَتْ سميرةُ الوقوفَ و الهربَ لكنَّهُ استطاعَ الإمساكَ بها من يدِها ، فقال لها غاضباً:
- ها...ها... لقد أمسكتُ بِكِ الآنَ يا سميرةُ الصغيرةُ!
هيا أخبريني لو فعلتُ ما فعلتِ لي وسرقتُ سيفَكِ و جوهرتَكِ و خاتمَكِ، ثم أمسكتِ بي، كما أمسكتُ بِكِ الآن ، ماذا كنت ستفعلين بي حينئذ؟
قالت سميرةُ الصغيرةُ الذكيةُ بسرعةٍ:
-في هذه الحالِ سأضَعُكَ في كيسٍ واحدٍ مع كلبٍ و قِطٍّ و إبرةٍ و خيطٍ و مِقَصٍّ. ثم أُعلِّقُ الكيسَ على الجِدارِ، و أذهبُ إلى الغابة و أقتطع عصى غليظة ثم أعودُ إلى البيت و أنزل الكيس و أبدأُ بضربِكَ بقوةٍ و أنتَ في الكيس هذا ما أفعلهُ بك لو حدثَ معي ذلك.
قال الماردُ:
- و هذا ما سأفعَلُه بِكِ أيضاً يا سميرةُ الصغيرةُ.
وهكذا وضع المارد في الكيسِ كلاً من سميرةَالصغيرةَ و الكلبَ و القِطَّ ، ثم وضعَ مِقَصَّاً و إبرةً و خيطاً طويلاً، ثم علّقَ الكيسَ علىالجدارِ،و ذهب ليقتطِعَ من الغابةِ عصىً غليظةً.
في هذه الأثناءِ بدأتْ سميرةٌ الصغيرةُ تغني لزوجةِ الماردِ أُغنيةً اخترعَتْ كلماتِها:
- آه لو تشاهدين ما أشاهد!! 
آه لو تشاهدين ما أشاهد!!
قالت زوجةُ الماردِ:
- ماذا تشاهدين؟
 قالت سميرةٌ الصغيرةُ:
- آه لو تشاهدين ما أشاهد!
لم تكنْ زوجةُ الماردِ ذكيةً، فألحَّت وتوسَّلتْ لسميرةَ الصغيرةَ كي تُريَها ما ترى. فقصَّتْ سميرةٌ الصغيرةُ بالمقصِّ فتحةً في الكيس ، و أخذت الإبرةَ والخيطَ معها ثم قفزتْ من الكيسِ ، وصعدَتْ بدلاً منها امرأةُ الماردِ كي ترى ما كانت سميرةُ ترى في الكيسِ، عندئذٍ خاطَتْ سميرةٌ الصغيرةُ الفتحةَ بالإبرةِ والخيطِ، و صارَتْ زوجةُ الماردِ في الكيسِ مع الكلبِ و القطِّ!
لم ترَ امرأةُ الماردِ ، بالطبعِ أيَّ شيءٍ ، فبدأَتْ ترجُو سميرةَ الصغيرةَ كي تخرجَهَا منَ الكيسِ. لكنَّ سميرةَ الصغيرةَذهبت لتختبىءَ خلفَ البابِ ، فالماردُ قد وصلَ و معَهُ العصى الغليظةَ. 
أخذ الكيسَ ووضعَهُ على الأرضِ و شرعَ يضرِبَهُ بقوةٍ و المرأةُ تصرخُ من داخلِهِ:
- أنا زوجتُك لا تضربَني، أنا زوجتُك، أنا زوجتَكَ.
لكنَّ صوتَ نِباحِ الكلبِ و مُواءِ القطِّ كان غالباً على صوتِها فلمْ يسمعْها جيداً، لكنَّه لاحظِ فجأةً سميرةَ الصغيرةُ تخرجُ من خلف الباب تعدو نحو الغابة، فتركَ الكيسَ و اتَّجَهَ نحوَها يريدُ الإمساكَ بها، لكنَّها كانت سريعة جداً وهي تركِضُ ، و الماردُ يركضُ خلفَها، هي تركضُ ، و الماردُ يركضُ خلفَها ، حتى وصلَتْ إلى جسرِ الشَّعرةِ الواحدةِ. فركضت بخفةِ الرِّيشةِ فوقَ الجسرِ دونَ أنْ تقعَ في النهرِ، أما الماردُ فلمْ يستطِعْ لأنَّهُ ثقيلٌ جداً فصاحَ:
سأعاقِبُكِ يا سميرةُ الصغيرةُ إذا عُدْتِ إلى بيتي.
فقالت سميرةٌ الصغيرةُ:
- لن أعودَ إلى بيتِك ثانيةً لأراكَ أيها المارد. 
وداعاً.
و هكذا عادت سميرةٌ الصغيرةُ إلى الملكِ وأعطتْهُ الخاتمَ و أصبحَتْ زوجةَ ابنِهِ الأصغر، و لمْ ترَ الماردَ ثانيةً.

http://www.arabicstory.net/index.php?p=text&tid=5245

الأحد، 17 أبريل 2011

"بيضةُ الدّجاجاتِ والطّواويس" قصة للأطفال بقلم أحمد طوسون

بيضةُ الدّجاجاتِ والطّواويس
القصة من المجموعة الفائزة في المسابقة الأدبية لقصور الثقافة للعام 1998 / 1999
أحمد طوسون

لا بد أن نتعاون حتى يتحقق الهدف :
كانت الأرض الجديدة تحتاج إلى الكثير من الجهد والعمل لاستصلاحها وزراعتها ، ولم يستطع أحد أن يزرع أرضه بمفرده ، فاجتمعت الحيوانات مع الطيور وقرروا أن يتعاونوا معاً لاستصلاح الأرض وزراعتها وقاموا إلى العمل فرحين يغنون .
شقوا الترع و حفروا آبار المياه والجداول التي سيتدفق إليها النهر الجديد ، و رصفوا الطرق، وزرعوا الأشجار على جانبيها، وبنوا المدارس والمستشفيات والمصانع و أنشئوا الحدائق ليستمتعوا بقضاء أجازاتهم بين أزهارها الجميلة واتفقوا أن يظل التعاون بينهم حتى تصبح الصحراء جنة خضراء .
حكاية بطـة كسـولـة:
ظل الجميع يعمل بجد ونشاط سعيدين بالأرض الجديدة، إلا بطة كسولة ، كانت لا تحب العمل
وحظيرة البط كبيرة وأرضها شاسعة ، والبط يعمل ويبنى في حظيرته ويحرث الأرض ويبذر البذور ولا يجد وقتاً للراحة واللعب .
البطة الكسولة قالت في نفسها ( العمل يحتاج إلى جهد وتعب وأنا لا أحب العمل ).
فكرت البطة الكسولة وقالت : ( واك .. واك ، سأترك الحظيرة وأعيش بمفردي فلا يطلب منى أحد العمل أو مساعدة أحد ) .
وتركت البطة الكسولة الحظيرة ومشت في الصحراء حتى شعرت بالتعب والجوع .
من بعيد رأت شجرة كبيرة كثيفة الأوراق ، فقالت : ( سأذهب وأرتاح تحت ظل الشجرة وآكل من ورقها الأخضر ).
تعجبت الشجرة حين رأت البطة ، فالشجرة تعرف أن الحيوانات والطيور يعملون في تعمير الصحراء وزراعتها .. سألت الشجرة البطة:
- لماذا تتركين عملك يا بطة ؟
قالت البطة :
- أنا لا أحب العمل، و جئت لأستريح تحت ظلك وآكل من ورقك الأخضر حتى أشبع
غضبت الشجرة من البطة وقالت :
- العمل واجب على كل حيوان وطائر وأنا لا أستطيع أن أعطيك أوراقي الخضراء لتأكليها , فصاحبي الفلاح تعب في زراعتي ليستظل تحت أوراقي ولأحمي زرعه من الرياح والرمال .
أنا أحب عملي ، وأحب أن أقوم به على أحسن وجه .
رفعت الشجرة أوراقها عاليا وقالت:
• لن أعطى ورقي الأخضر اللذيذ لبطة كسولة لا تحب العمل .
تركت البطة الشجرة الكبيرة ومشت جائعة حتى وصلت إلى حقل برسيم أخضر , نظرت البطة من حولها فلم تجد أحداً , فرحت البطة وقالت : ( برسيم كثير , سآكل حتى أشبع دون تعب أو عمل).
تسللت البطة إلى الحقل وبمنقارها أخذت تلتقط أعواد البرسيم اللذيذة , رأى صاحب الحقل البطة الكسولة تأكل البرسيم من حقله , غضب صاحب الحقل من البطة وأمسك عصا وجرى ناحية البطة وضربها وهو يقول:
- ابتعدي أيتها الكسولة عن حقلي الذي تعبت في زراعته لتأكل منه حيواناتي وطيوري التي تعمل وتتعب .
جرت البطة هاربة وهى تصرخ وتصيح من الألم :
- واك .. واك .. واك .. واك
سمعت الحيوانات والطيور بما كان من البطة الكسولة وصاحب الحقل وغضبوا من البطة التي تريد أن تأخذ برسيم غيرها و قرروا أن يقاطعوا البطة الكسولة.

البطة الكسولة تضع بيضة جميلة :
ظلت البطة تدق أبواب الحظائر لتستريح عند أحد الطيور أو الحيوانات من التعب ومن الشمس الساخنة , لكن الحيوانات والطيور رفضوا أن يفتحوا لها الأبواب لتستريح وقالوا لها :
- اذهبي بعيداً أيتها البطة السارقة
أحست البطة أنها أخطأت حين حاولت أن تأكل من أرض ليست ملكها ودون أن تستأذن صاحبها، لكنها لم تفكر في الاعتذار لصاحب الحقل .
شعرت البطة بالتعب في الطريق ولم تستطع المشي .. جلست تستريح بمكان خال بجوار حظيرة الدجاج وحظيرة الطاووس , وأثناء جلوس البطة الكسولة وضعت بيضة ,
فرحت البطة الكسولة بالبيضة وقالت :
- واك .. واك
بيضة جميلة سأرقد فوقها حتى تفقس بطة صغيرة جميلة .
كانت الشمس تستعد للرحيل ليأتي الليل ويستلم عمله , فكرت البطة وقالت إذا أتى الليل وأنا في هذا المكان الخالي سأموت من البرد , وقررت البطة أن تذهب وتبحث عن غطاء لتدفأ به وتجمع بعض القش لتضعه تحت بيضتها.
الديك الشركسي والطاووس يعثران على بيضه :
كان الديك الشركسي ملك حظيرة الدجاج يمشى في الحظيرة ويطمئن على أحوال الدجاج والدجاج يعمل سعيداً بهمة ونشاط .
وبينما الديك يسير في الحظيرة شاهد من بعيد بيضه البطة بجوار حظيرة الدجاج ، فقال في نفسه ( لابد أن واحدة من الدجاجات وضعت البيضة أثناء عودتها من الحقل ونسيت أن تدخلها إلى الحظيرة ) .
ذهب الديك ناحية البيضة ليحملها ويدخلها إلى حظيرة الدجاج .
وكان الطاووس يمشى مختالا بريشه الملون الجميل ويطمئن على أحوال حظيرته ونظافتها ويجمع الريش الملقى على الأرض ويضعه في صندوق القمامة لتظل حظيرته نظيفة وجميلة .
وبينما الطاووس يعمل ويغنى , شاهد من بعيد بيضة البطة بجوار حظيرته فقال لنفسه : ( لابد أن واحدة من إناث الطاووس وضعت البيضة أثناء عودتها من العمل ونسيت أن تدخلها إلى الحظيرة ) .
ذهب الطاووس ناحية البيضة ليحملها ويدخلها إلى حظيرته , مشى الطاووس مزهوا بنفسه حتى وصل إلى البيضة ،
وهناك وجد الديك الشركسي يحاول أن يأخذ البيضة إلى حظيرة الدجاج , أسرع الطاووس ناحية الديك وصاح :
- ماذا تفعل يا ديك , أتأخذ بيضتي إلى حظيرتك ؟؟
أمسك الديك بالبيضة وقال :
- إنها بيضتي أنا , وقد وضعتها واحدة من الدجاجات .
أخذ الطاووس البيضة من الديك الشركسي وقال :
- إنها بيضة كبيرة , أكبر من بيض الدجاج !
مد الديك الشركسي يده وأخذ البيضة من الطاووس وقال :
- أنظر جيداً يا طاووس, إن بيض الطاووس كبير وهذه بيضة صغيرة، أصغر من بيض الطاووس.
نظر الطاووس إلى البيضة فوجدها أصغر من بيض الطاووس وأكبر من بيض الدجاج قال الطاووس للديك :
- إننا جيران ولا نريد أن نختلف , وواجب على الجار أن يحب جاره ويعامله معاملة حسنة, فإذا كانت البيضة بيضة دجاجة ستأخذها ، وإذا كانت بيضة أنثى الطاووس آخذها أنا ..
قال الديك وقد أعجبه كلام الطاووس :
- معك حق يا طاووس
ولكن كيف نعرف إذا ما كانت بيضة دجاج أم بيضة أنثى طاووس ؟
فكر الطاووس ثم قال :
- ما رأيك أن نحكم أول قادم علينا ليرى إذا ما كانت بيضة دجاج أم بيضة طاووس.
قال الديك مرحباً :
- فكرة جميلة يا طاووس
- اتفقنا ..
- اتفقنا .
حمامة وديعة تحكم بينهما :
كانت الحمامة الوديعة عائدة من عملها فوجدت الطاووس والديك يقفان بجوار البيضة ، سلمت الحمامة عليهما وسألتهما عن أحوالهما, فشكراها على سؤالها وحكيا لها حكاية البيضة وطلبا منها أن تحكم بينهما .
نظرت الحمامة إلى البيضة فوجدتها أكبر من بيض الدجاج وأصغر من بيض الطاووس , ولم تعرف الحمامة ماذا تفعل ولكنها بعد أن فكرت قالت لهما :
- لا يجب أن نختلف يا أصدقاء , عندي فكرة جميلة.
- ما هي يا حمامة ؟؟
قالت الحمامة :
- ما رأيكما أن نبنى عشا جميلا ونضع فيه البيضة،
وترقد الدجاجات فوقها يوما وترقد إناث الطاووس فوقها يوما حتى تفقس، وحينها سنعرف إذا كان الفرخ ديكا صغيرا أم طاووساً جميلاً.
أعجبت فكرة الحمامة الذكية الديك الشركسي والطاووس وقالا :
- فكرة جميلة يا حمامة
البطة الكسولة تبحث عن بيضتها :
بينما كان الديك الشركسي والطاووس يبنيان عشا صغيرا للبيضة ، والحمامة تساعدهما وتحضر لهما ما يحتاجانه من قش وأوراق شجر، كانت البطة الكسولة تبحث عن غطاء لتتدفأ به وحل عليها الليل والظلام حتى ضلت الطريق في الصحراء الواسعة ، لأنها لم تضع علامات تسترشد بها في طريق عودتها ، وكانت كلما مشت ابتعدت أكثر عن بيضتها حتى سقطت في بئر لم تره بسبب الظلام وظلت تصرخ وتستغيث :
- واك . . واك
أغيثوني . . أغيثوني
ولم يسمعها أحد سوى ضفدع كان يسكن بالقرب من البئر ،
أسرع الضفدع وألقى إليها حبلاً أمسكت به حتى خرجت من البئر وقالت للضفدع :
- شكراً لك أيها الضفدع الطيب
لقد أنقذت حياتي
قال الضفدع الطيب :
- لا شكر على واجب يا بطه
من الواجب علينا أن نقدم المساعدة لمن يحتاجها .
وقدم الضفدع الطيب طعاماً للبطة وأعد لها مكاناً لتنام فيه حتى الصباح ، وفى الصباح شكرته البطة على ما قدمه لها وتركته لتبحث عن بيضتها وهى تقول لنفسها : ( لقد أخطأت يا بطة حين تركت حظيرتك وعملك وكان جزاؤك أن تضيع بيضتك الجميلة وأخطأت حين أخذت طعام غيرك دون استئذان ) .
ندمت البطة على كسلها الذي سبب المشاكل لها وقررت أن تصلح من نفسها وفكرت أن أول شيء يجب أن تقوم به أن تعتذر لصاحب الحقل وبعد أن قبل اعتذارها ذهبت البطة لتبحث عن بيضتها حتى وصلت إلي المكان الذي تركتها فيه فلم تجد بيضتها في مكانها بعد أن بنى لها الديك والطاووس والحمامة عشاً جميلاً ونقلوها إليه ، حزنت البطة وخافت أن تكون الغربان والفئران أكلوا بيضتها ، صاحت البطة الحزينة:
- واك . . واك
أين أنت يا بيضتي ؟؟ ..
مشت البطة تبكى وتبحث عن بيضتها حتى قابلت المعزة الطيبة وحكت لها ما حدث لبيضتها وسألتها إن كانت رأتها ،
قالت المعزة الطيبة :
- ماء . . ماء . .
إنني لم أر بيضاً هنا ، ولكني سأبحث معك يا بطة.
مر يوم أو أكثر وهما يبحثان في البلاد الجديدة حتى قابلا الأرنب فسألته البطة عن بيضتها فقال إنه لم يرها ، وخرج يبحث معهما يوماً أو أكثر حتى قابلوا الكلب فخرج معهم ليبحثوا عن البيضة ، وكلما قابلوا حيواناً أو طائراً خرج ليساعدهم في البحث عن البيضة .
البيضة تفقس بطـة صغيرة :
تناوبت إناث الطواويس والدجاجات الرقاد فوق البيضة ، والحمامة تمر عليهم كل يوم بعد عودتها من العمل لتطمئن على البيضة حتى فقست وخرجت منها بطة صغيرة صوتها جميل تقول :
- صو . . صو ، صو . . صو
فرح الدجاج والطاووس والحمام بالبطة الصغيرة وأحضروا لها الحبوب حتى تـأكل والماء حتى تشرب لتكبر وتلعب مع صغار الدجاج و الطواويس والحمام .
وبينما الحمامة عائدة إلى بيتها قابلت في طريقها المعزة والكلب والأرنب والبطة يمشون بين الحظائر ويبحثون بين الرمال ، فسألتهم الحمامة عما يبحثون عنه وعما إذا كانت تستطيع مساعدتهم .
حكى الأرنب للحمامة حكاية البطة الكسولة والبيضة التي تركتها وحدها وعادت فلم تجدها ، أسرعت الحمامة الوديعة وحكت للطيور والحيوانات حكاية البيضة التي فقست بطة صغيرة جميلة واصطحبتهم إلى عش البطة الصغيرة.
فرحت البطة الكسولة بالبطة الصغيرة وعودتها إليها
وعرفت البطة إنها كانت ستفقد بطتها لأنها تركت حظيرتها وعملها وكانت بطة كسولة لا تحب أن تساعد أحداً وعاهدت نفسها أن تصبح بطة نشيطة تعمل وتجتهد وتبنى وتزرع مع باقي الحيوانات والطيور .
شكرت البطة الديك والطاووس على ما قدماه لبطتها وشكرت باقي الحيوانات والطيور على مساعدتها واحتفلوا جميعاً بالبطة الصغيرة وعاشت الطيور والحيوانات في حب وسلام وعملوا بكد ونشاط حتى تصبح الصحراء جنة خضراء .