العِقدُ الذهبيُّ
د.إيمان بقاعي
صنعتِ العجوزُ (أم سامر) حلوى العجينِ المحشوِّ بالجوزِ والسكرِ ووضعتها
في سلةٍ، ثم غطَّتِ السَّلةَ بقماشةٍ نظيفةٍ و خرجتْ من بيتِها تبحث عن
بيتِ قومٍ سعداءَ تأكلُها معهم.
لم تعتقد العجوز (أم سامر) أنها ستتعبُ إلى هذه الدرجةِ، ولم تعتقدْ أنها ستدور عشراتِ البيوتِ قبل أن تحظى بطلَبِها.
نعم! نعم!
لقد وصلت أخيرًا إلى بيتِ امرأةٍ صبيَّةٍ جميلةٍ فتحت لها البابَ
بابتسامتِها المــــُشرقةِ ودعتها للدخولِ قائلةً إنها سعيدةٌ بالفعلِ.
كان كل شيءٍ يدلُّ على أن الصبية سعيدةٌ: طعامُ العشاءِ الذي أعدّته
لزوجِها الغائبِ، وثيابُهُ النظيفةُ المعلقةُ في الخزانةِ، والبيتُ
المرتّبُ، وتلكَ الابتسامةُ الساحرةُ التي لم تفارقْ شفتيْها.
لذا، قدمت لها السلةَ ودعتها لِتناولِ الحلوى معها ففعلَتْ شاكرةً.
ولكن...
ما إن فرغتِ الصبيةُ والعجوزُ (أم سامر) من أكلِ الحلوى، حتى دخل زوجُها البيتَ.
كان قصيرَ القامةِ، مُفَلطحَ الرأسِ، يداه ورِجلاه مثل عيدان الكبريتِ
النحيلةِ. كما كانَ عابسَ الوجهِ، متدَليَ الشفتينِ، فقامتِ الصبيةُ بخوفٍ
تستقبلُهُ بينما اختبأتِ العجوزُ وراءَ الخزانةِ ترى وتسمعُ.
ومن غير أن يلقيَ السلامَ، صاحَ طالبًا الطَّعامَ، فقدمته له وهي واقفةٌ لا تجرؤُ على الجلوسِ.
ولما انتهى من الأكل، قامَ إلى حزمةِ حطبٍ كانتْ في زاويةٍ من زوايا
الدَّارِ فانتزعَ عيدانها وراحَ يضربُ امرأته بعنفٍ وهو يردِّد عليها
السؤالَ:
_ هل في الدنيا أحدٌ مثلي؟
وكانت تجيبُ باكيةً:
_ لا، ليس في الدنيا أحدٌ مثلكَ.
ثمَّ تركَ البيتَ غاضبًا كما دخلَ. وبعد خروجِه سألت العجوزُ (أم سامر) الشابةَ بعتبٍ:
_ كيفَ قُلتِ لي إنكِ سعيدةٌ؟ هه؟
أجابَتِ الشابةُ:
_ عَنَيت أنني صبورةٌ على الظلمِ، كما أرَدت أن أرغِّبكِ في دخولِ بيتي.
قالت العجوز (أم سامر):
_ إنَّ زوجَكِ مجنونٌ يحتاجُ إلى قصاصٍ. ولو كنتِ عند رجلٍ غيره لعرفَ
قدرَكِ وأحاطكِ بمظاهر الحبِّ.. والآنَ: إليكِ نصيحتي: إذا كرَّرَ عليك
السؤالَ: "هل في الدنيا أحدٌ مثلي؟" أجيبيه مِن دونِ خوفٍ: "نعم! ابنُ
الملكِ مثلك وأحسنُ منكَ!".
لم تتوقعِ الشابةُ، عندما أجابتْ زوجَها بما أشارتِ العجوزُ عليها أن يسارعَ إلى السفرِ إلى ابنِ الملكِ، لكنه فعلَ هذا!
ولما سأله ابنُ الملك عن حاجته قال:
_ لي زوجةٌ في عمر الزهورِ، وجهها أحلى من البدور،ِ أكسِرُ كلَّ يومٍ على
ظهرها حزمةَ حطبٍ وأسألُها: هل في الدنيا أحدٌ مثلي؟ فتقول: لا. ومنذ
يومينِ فقط بدَّلتْ جوابَها وقالت: "ابنُ الملكِ مثلُك وأحسن منكَ"،
فقصدتُكُم يا حضرةَ الأميرِ لأعرفَ قصدَها من هذا الجوابِ.
ابتسمَ
الأميرُ الوسيمُ ابتسامةً خفيفةً، ثم أشارَ إلى امرأةٍ مجنونةٍ منكوشةِ
الشعرِ، ترقصُ حافيةً على نغمِ دفٍّ تهزُّهُ، ثم تغني بصوتٍ يشبهُ صوتَ
المعزاةِ، وقال:
_ هذه المرأةُ زوجتي. وهي تعيش في هذا القصرِ عيشةَ
الأميراتِ، لديها الكثير من الخادماتِ والطباخاتِ والخياطاتِ. أفلا ترى،
إذن، أن زوجتكَ التي عمرُها في عمرِ الزهورِ، وجهُها أحلى من البدورِ
تستحقُّ معاملةً أحسنَ من التي تعاملُها بها؟
أطرقَ الرجلُ رأسهُ
نادمًا، وقرر أن يعودَ فيعتذرَ من زوجتِه، ويقدمَ لها العِقدَ الذهبيَّ
الذي حمَّلهُ إياهُ ابنُ الملكِ هديةً لها.
ولكن....
وما إن لبستِ
العِقدَ، حتى صفقتْ بيديها وطارتْ في الجوِّ حتى بلغَت قصر ابنِ الملكِ
العَجَم الذي كانَ ينتظرها مرحّبًا بها، فاتحًا باب قصرهِ الكبيرِ لتكونَ
بعدَ اليومِ أميرتَهُ.
أما الزوجُ، فصاحَ بصوتٍ عالٍ عالٍ كاد يمزقُ حنجرَتَهُ:
_ آه!!!!!!!!!!!
وكادَ قلبُهُ أيضًا يتمزقُ حين رأى المرأةَ المجنونةَ، زوجةَ ابن الملكِ،
تدخل بيتَهُ من الشباكِ راقصةً مصفقةً ضاحكةً، ثم تتقدَّم منه تقرصُ أذنيهِ
وتصفعُ خدَّه وتشدُّ لحيتَه، ثم تحيط عنقَهُ بخصلة شعر مجعّدةٍ كادتْ
تخنقه بها.
وبينما كان يحاول عبثًا الهربَ من المجنونةِ، كانت
العجوزُ صاحبةُ سلةِ حلوى الجوزِ بالسكرِ واقفةً وراءَ الشباكِ تضحكُ بأعلى
صوتِها حتى انهمرت دموع الفرح من عينيها وهي تقولُ:
_ هذه المجنونةُ تليقُ بهذا المجنونِ!
وأخذت سلَّتها متجهةً إلى قصر ابن الملكِ لتناولِ حلوى الجوزِ مع الأميرةِ السعيدةِ حقًّا.
العِقدُ الذهبيُّ
د.إيمان بقاعي
صنعتِ العجوزُ (أم سامر) حلوى العجينِ المحشوِّ بالجوزِ والسكرِ ووضعتها
في سلةٍ، ثم غطَّتِ السَّلةَ بقماشةٍ نظيفةٍ و خرجتْ من بيتِها تبحث عن
بيتِ قومٍ سعداءَ تأكلُها معهم.
لم تعتقد العجوز (أم سامر) أنها ستتعبُ إلى هذه الدرجةِ، ولم تعتقدْ أنها ستدور عشراتِ البيوتِ قبل أن تحظى بطلَبِها.
نعم! نعم!
لقد وصلت أخيرًا إلى بيتِ امرأةٍ صبيَّةٍ جميلةٍ فتحت لها البابَ بابتسامتِها المــــُشرقةِ ودعتها للدخولِ قائلةً إنها سعيدةٌ بالفعلِ.
كان كل شيءٍ يدلُّ على أن الصبية سعيدةٌ: طعامُ العشاءِ الذي أعدّته لزوجِها الغائبِ، وثيابُهُ النظيفةُ المعلقةُ في الخزانةِ، والبيتُ المرتّبُ، وتلكَ الابتسامةُ الساحرةُ التي لم تفارقْ شفتيْها.
لذا، قدمت لها السلةَ ودعتها لِتناولِ الحلوى معها ففعلَتْ شاكرةً.
ولكن...
ما إن فرغتِ الصبيةُ والعجوزُ (أم سامر) من أكلِ الحلوى، حتى دخل زوجُها البيتَ.
كان قصيرَ القامةِ، مُفَلطحَ الرأسِ، يداه ورِجلاه مثل عيدان الكبريتِ النحيلةِ. كما كانَ عابسَ الوجهِ، متدَليَ الشفتينِ، فقامتِ الصبيةُ بخوفٍ تستقبلُهُ بينما اختبأتِ العجوزُ وراءَ الخزانةِ ترى وتسمعُ.
ومن غير أن يلقيَ السلامَ، صاحَ طالبًا الطَّعامَ، فقدمته له وهي واقفةٌ لا تجرؤُ على الجلوسِ.
ولما انتهى من الأكل، قامَ إلى حزمةِ حطبٍ كانتْ في زاويةٍ من زوايا الدَّارِ فانتزعَ عيدانها وراحَ يضربُ امرأته بعنفٍ وهو يردِّد عليها السؤالَ:
_ هل في الدنيا أحدٌ مثلي؟
وكانت تجيبُ باكيةً:
_ لا، ليس في الدنيا أحدٌ مثلكَ.
ثمَّ تركَ البيتَ غاضبًا كما دخلَ. وبعد خروجِه سألت العجوزُ (أم سامر) الشابةَ بعتبٍ:
_ كيفَ قُلتِ لي إنكِ سعيدةٌ؟ هه؟
أجابَتِ الشابةُ:
_ عَنَيت أنني صبورةٌ على الظلمِ، كما أرَدت أن أرغِّبكِ في دخولِ بيتي.
قالت العجوز (أم سامر):
_ إنَّ زوجَكِ مجنونٌ يحتاجُ إلى قصاصٍ. ولو كنتِ عند رجلٍ غيره لعرفَ قدرَكِ وأحاطكِ بمظاهر الحبِّ.. والآنَ: إليكِ نصيحتي: إذا كرَّرَ عليك السؤالَ: "هل في الدنيا أحدٌ مثلي؟" أجيبيه مِن دونِ خوفٍ: "نعم! ابنُ الملكِ مثلك وأحسنُ منكَ!".
لم تتوقعِ الشابةُ، عندما أجابتْ زوجَها بما أشارتِ العجوزُ عليها أن يسارعَ إلى السفرِ إلى ابنِ الملكِ، لكنه فعلَ هذا!
ولما سأله ابنُ الملك عن حاجته قال:
_ لي زوجةٌ في عمر الزهورِ، وجهها أحلى من البدور،ِ أكسِرُ كلَّ يومٍ على ظهرها حزمةَ حطبٍ وأسألُها: هل في الدنيا أحدٌ مثلي؟ فتقول: لا. ومنذ يومينِ فقط بدَّلتْ جوابَها وقالت: "ابنُ الملكِ مثلُك وأحسن منكَ"، فقصدتُكُم يا حضرةَ الأميرِ لأعرفَ قصدَها من هذا الجوابِ.
ابتسمَ الأميرُ الوسيمُ ابتسامةً خفيفةً، ثم أشارَ إلى امرأةٍ مجنونةٍ منكوشةِ الشعرِ، ترقصُ حافيةً على نغمِ دفٍّ تهزُّهُ، ثم تغني بصوتٍ يشبهُ صوتَ المعزاةِ، وقال:
_ هذه المرأةُ زوجتي. وهي تعيش في هذا القصرِ عيشةَ الأميراتِ، لديها الكثير من الخادماتِ والطباخاتِ والخياطاتِ. أفلا ترى، إذن، أن زوجتكَ التي عمرُها في عمرِ الزهورِ، وجهُها أحلى من البدورِ تستحقُّ معاملةً أحسنَ من التي تعاملُها بها؟
أطرقَ الرجلُ رأسهُ نادمًا، وقرر أن يعودَ فيعتذرَ من زوجتِه، ويقدمَ لها العِقدَ الذهبيَّ الذي حمَّلهُ إياهُ ابنُ الملكِ هديةً لها.
ولكن....
وما إن لبستِ العِقدَ، حتى صفقتْ بيديها وطارتْ في الجوِّ حتى بلغَت قصر ابنِ الملكِ العَجَم الذي كانَ ينتظرها مرحّبًا بها، فاتحًا باب قصرهِ الكبيرِ لتكونَ بعدَ اليومِ أميرتَهُ.
أما الزوجُ، فصاحَ بصوتٍ عالٍ عالٍ كاد يمزقُ حنجرَتَهُ:
_ آه!!!!!!!!!!!
وكادَ قلبُهُ أيضًا يتمزقُ حين رأى المرأةَ المجنونةَ، زوجةَ ابن الملكِ، تدخل بيتَهُ من الشباكِ راقصةً مصفقةً ضاحكةً، ثم تتقدَّم منه تقرصُ أذنيهِ وتصفعُ خدَّه وتشدُّ لحيتَه، ثم تحيط عنقَهُ بخصلة شعر مجعّدةٍ كادتْ تخنقه بها.
وبينما كان يحاول عبثًا الهربَ من المجنونةِ، كانت العجوزُ صاحبةُ سلةِ حلوى الجوزِ بالسكرِ واقفةً وراءَ الشباكِ تضحكُ بأعلى صوتِها حتى انهمرت دموع الفرح من عينيها وهي تقولُ:
_ هذه المجنونةُ تليقُ بهذا المجنونِ!
وأخذت سلَّتها متجهةً إلى قصر ابن الملكِ لتناولِ حلوى الجوزِ مع الأميرةِ السعيدةِ حقًّا.
لم تعتقد العجوز (أم سامر) أنها ستتعبُ إلى هذه الدرجةِ، ولم تعتقدْ أنها ستدور عشراتِ البيوتِ قبل أن تحظى بطلَبِها.
نعم! نعم!
لقد وصلت أخيرًا إلى بيتِ امرأةٍ صبيَّةٍ جميلةٍ فتحت لها البابَ بابتسامتِها المــــُشرقةِ ودعتها للدخولِ قائلةً إنها سعيدةٌ بالفعلِ.
كان كل شيءٍ يدلُّ على أن الصبية سعيدةٌ: طعامُ العشاءِ الذي أعدّته لزوجِها الغائبِ، وثيابُهُ النظيفةُ المعلقةُ في الخزانةِ، والبيتُ المرتّبُ، وتلكَ الابتسامةُ الساحرةُ التي لم تفارقْ شفتيْها.
لذا، قدمت لها السلةَ ودعتها لِتناولِ الحلوى معها ففعلَتْ شاكرةً.
ولكن...
ما إن فرغتِ الصبيةُ والعجوزُ (أم سامر) من أكلِ الحلوى، حتى دخل زوجُها البيتَ.
كان قصيرَ القامةِ، مُفَلطحَ الرأسِ، يداه ورِجلاه مثل عيدان الكبريتِ النحيلةِ. كما كانَ عابسَ الوجهِ، متدَليَ الشفتينِ، فقامتِ الصبيةُ بخوفٍ تستقبلُهُ بينما اختبأتِ العجوزُ وراءَ الخزانةِ ترى وتسمعُ.
ومن غير أن يلقيَ السلامَ، صاحَ طالبًا الطَّعامَ، فقدمته له وهي واقفةٌ لا تجرؤُ على الجلوسِ.
ولما انتهى من الأكل، قامَ إلى حزمةِ حطبٍ كانتْ في زاويةٍ من زوايا الدَّارِ فانتزعَ عيدانها وراحَ يضربُ امرأته بعنفٍ وهو يردِّد عليها السؤالَ:
_ هل في الدنيا أحدٌ مثلي؟
وكانت تجيبُ باكيةً:
_ لا، ليس في الدنيا أحدٌ مثلكَ.
ثمَّ تركَ البيتَ غاضبًا كما دخلَ. وبعد خروجِه سألت العجوزُ (أم سامر) الشابةَ بعتبٍ:
_ كيفَ قُلتِ لي إنكِ سعيدةٌ؟ هه؟
أجابَتِ الشابةُ:
_ عَنَيت أنني صبورةٌ على الظلمِ، كما أرَدت أن أرغِّبكِ في دخولِ بيتي.
قالت العجوز (أم سامر):
_ إنَّ زوجَكِ مجنونٌ يحتاجُ إلى قصاصٍ. ولو كنتِ عند رجلٍ غيره لعرفَ قدرَكِ وأحاطكِ بمظاهر الحبِّ.. والآنَ: إليكِ نصيحتي: إذا كرَّرَ عليك السؤالَ: "هل في الدنيا أحدٌ مثلي؟" أجيبيه مِن دونِ خوفٍ: "نعم! ابنُ الملكِ مثلك وأحسنُ منكَ!".
لم تتوقعِ الشابةُ، عندما أجابتْ زوجَها بما أشارتِ العجوزُ عليها أن يسارعَ إلى السفرِ إلى ابنِ الملكِ، لكنه فعلَ هذا!
ولما سأله ابنُ الملك عن حاجته قال:
_ لي زوجةٌ في عمر الزهورِ، وجهها أحلى من البدور،ِ أكسِرُ كلَّ يومٍ على ظهرها حزمةَ حطبٍ وأسألُها: هل في الدنيا أحدٌ مثلي؟ فتقول: لا. ومنذ يومينِ فقط بدَّلتْ جوابَها وقالت: "ابنُ الملكِ مثلُك وأحسن منكَ"، فقصدتُكُم يا حضرةَ الأميرِ لأعرفَ قصدَها من هذا الجوابِ.
ابتسمَ الأميرُ الوسيمُ ابتسامةً خفيفةً، ثم أشارَ إلى امرأةٍ مجنونةٍ منكوشةِ الشعرِ، ترقصُ حافيةً على نغمِ دفٍّ تهزُّهُ، ثم تغني بصوتٍ يشبهُ صوتَ المعزاةِ، وقال:
_ هذه المرأةُ زوجتي. وهي تعيش في هذا القصرِ عيشةَ الأميراتِ، لديها الكثير من الخادماتِ والطباخاتِ والخياطاتِ. أفلا ترى، إذن، أن زوجتكَ التي عمرُها في عمرِ الزهورِ، وجهُها أحلى من البدورِ تستحقُّ معاملةً أحسنَ من التي تعاملُها بها؟
أطرقَ الرجلُ رأسهُ نادمًا، وقرر أن يعودَ فيعتذرَ من زوجتِه، ويقدمَ لها العِقدَ الذهبيَّ الذي حمَّلهُ إياهُ ابنُ الملكِ هديةً لها.
ولكن....
وما إن لبستِ العِقدَ، حتى صفقتْ بيديها وطارتْ في الجوِّ حتى بلغَت قصر ابنِ الملكِ العَجَم الذي كانَ ينتظرها مرحّبًا بها، فاتحًا باب قصرهِ الكبيرِ لتكونَ بعدَ اليومِ أميرتَهُ.
أما الزوجُ، فصاحَ بصوتٍ عالٍ عالٍ كاد يمزقُ حنجرَتَهُ:
_ آه!!!!!!!!!!!
وكادَ قلبُهُ أيضًا يتمزقُ حين رأى المرأةَ المجنونةَ، زوجةَ ابن الملكِ، تدخل بيتَهُ من الشباكِ راقصةً مصفقةً ضاحكةً، ثم تتقدَّم منه تقرصُ أذنيهِ وتصفعُ خدَّه وتشدُّ لحيتَه، ثم تحيط عنقَهُ بخصلة شعر مجعّدةٍ كادتْ تخنقه بها.
وبينما كان يحاول عبثًا الهربَ من المجنونةِ، كانت العجوزُ صاحبةُ سلةِ حلوى الجوزِ بالسكرِ واقفةً وراءَ الشباكِ تضحكُ بأعلى صوتِها حتى انهمرت دموع الفرح من عينيها وهي تقولُ:
_ هذه المجنونةُ تليقُ بهذا المجنونِ!
وأخذت سلَّتها متجهةً إلى قصر ابن الملكِ لتناولِ حلوى الجوزِ مع الأميرةِ السعيدةِ حقًّا.