لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الاثنين، 4 يونيو 2012

"جـــلاد الصبــر..العـــربي بن مهيــــدي" قصة للأطفال بقلم: منيرة بوكجيل

 "جـــلاد الصبــر
"العـــربي بن مهيــــدي

 سلسلة حكايات كتاب أحلام شهد
 منيرة بوكحيل/ فرنسا
 ارتدت السماء ثوبها الأسود كعادتها و تزينت بالنجوم و قمر منير و قد أرسل نوره الذهبي إلى غرفة شهد الجميلة جدا , و لكن تلك الصبية كانت غاضبة جدا و هذا المنظر الساحر لم يغريها كما من قبل , و كم كان ذلك الغضب يفوق سنها الصغير فهي لاتزال في السابعة من العمر , انظروا انظروا إنها تطوف في غرفتها كالذئب الذي لا يظفر بفريسته ترى ما سر غضبك يا شهد الصغيرة هل تريدين العاب جديدة أم ثياب أنيقة أم شيء آخر ؟!!!. لكن أنا اعرف ما سر غضبك , و سوف أخبركم يا صغار .......لكن مهلا شهد رمت بجميع كتبها الموجودة فوق مكتبها و رمت بها علي الأرض و ازدادت غضبا هذا تصرف سيء و لا أحب مثل هذه التصرفات من الأطفال الأذكياء و لكن اعذرها و أتفهم مشكلتها العويصة , لقد دخلت بعنف إلى فراشها و نامت و ما إن أغلقت عينيها الجميلتان , زارها كتاب مزهر بجميع الألوان الجميلة التي تبهر الأطفال و خاطبها مبتسما و بكل حنان دون معاتبتها على ما فعلته لأنه يقدر تماما ما الذي تريده هذه الصغيرة :
 -مساء الخير يا شهد الجميلة , اعرف تماما لماذا أنت غاضبة أيتها الصغيرة و منذ اليوم أنا صديقك الدائم و سوف أجيبك على كل الأسئلة التي تضايقك أعرفك بنفسي أولا : أنا كتاب أحلامك يا شهد و كل ليلة احك لك حكاية مبسطة و سهلة لتفهمي تاريخ ثورة الأبطال الأمجاد و يزول غضبك عن كل تلك التعقيدات التي تعرقل فهمك في الكتب التي رميتها على الأرض و لكن بشرط أن لا تعيدي ما فعلته و شرطي الثاني أن تكتبي هذه الحكايات و توزعيها على جميع زملائك لأنهم يعانون من نفس المشكلة , فأنا لا أحب الأنانية و أعرفك جيدا يا شهد أن هذه الصفة لا توجد فيك أبدا لذا زرتك أنت بالذات دون غيرك من الأطفال و الآن اضغطي بواسطة أصبعك على الرقم 1 لتفتح لك الصفحة الأولى و استمعي للحكاية الأولى عن جلاد الصبر الشهيد محمد العربي بن مهيدي.
 فعلت شهد ما طلب منها كتاب الأحلام و بدأت تستمع ما يرويه على مسامعها و قال: إنها حكاية بطل توارثها الزمان و انتقلت إلي كل مكان في جميع البلدان انه كوكب يفوح منه عطر الياسمين و الأقحوان و يتلألأ بأجمل الألوان ليرسم لنا بأمان أسطورة من أساطير هذا الزمان لأنه و بكل فخر هو احد رموز الثورة الذين سكنوا الهلع و الخوف في قلب و نفس الفرنسيين لأنه محمد العربي بن مهيدي ﴿ رحمه الله ﴾ و اسكنه فسيح جناته الخالدة , في سنة 1923 تشرف دوار الكواهي بضواحي عين مليلة ولاية أم البواقي بولادته من عائلة كريمة الأصل و رفيعة العلم و الدين تحرص على تحفيظ القرآن الكريم لأبنائها و تربيتهم تربية صالحة على عكس ما يحاوله الاستعمار الفرنسي الظالم بسلخهم من تعاليم الدين الحنيف و سلخهم من أصول اللغة العربية و آدابها و سحق الهوية الجزائرية . 
التحق البطل محمد العربي بن مهيدي سنة 1931 بعدما حفظ ما تيسر من القرآن الكريم بالمدرسة الرسمية بمدينة باتنة لينال بعدها بدرجة الامتياز الشهادة الابتدائية . 
و نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة اضطرت عائلته للرحيل إلي مدينة بسكرة و استقروا بها و رغم تلك الصعاب بقي فؤاد محمد العربي بن مهيدي مولعا بالعلم و التعلم و حب المعرفة فهو عكس بعض الأطفال الآن التعليم متوفر برحيق الحرية مبلل و يرفضونه حيث واصل دراسته و كدا دروس اللغة العربية بإحدى المدارس التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمدينة بسكرة لينخرط بعدها في صفوف الكشافة الإسلامية و قد ساهمت المشاركة الكشفية المبكرة بروز ميولاته الثورية و المواهب المكنونة لديه كالتمثيل , لم يعز شبابه علي وطنه و لم تهمه الحياة و لا مغرياتها و شيء اسمه الاستعمار موجود فكان يخفي وراء هدوء أعصابه عاطفة اكبر من العاصفة و عزيمة لا تعرف الهزيمة و يرفض أن تكون أمه الحسناء غنيمة لذئب غبي , لقد سطر لنا التاريخ أن الشهيد محمد العربي بن مهيدي كان مغرما بحسناء فتنت قلوب العالم بجمالها الباهر و جعلها الله هديته الغالية للأرض و جسدها في لوحة فنية بارعة و اسمها ا لجزائر انه صاحب عزيمة تقهر الجبال و طموح يكسر الأغلال و انضباطه لا يقدر بالكنوز و الأموال و لهذه المميزات النادرة أن تتجمع في شخص واحد و بحلول سنة 1943 انخرط الشهيد بن مهيدي في صفوف حزب الشعب و تقلد مناصب عدة ليقوم بالتخطيط لضربات موجعة للعدو و معارك شرسة تضحيات جسام و كان يواجه الخطر بكل شجاعة و صبر و الموت يطارده في كل مكان و في كل منعطف يسير إليه , بما فيها مظاهرات الثامن ماي 1945 فقد كان يقدس هذه الفرص تماما مثلما يقدس فرائض الصلاة إلى أن اعتقل على يد الغاصبين المتوحشين و تشرف به سجن الكدية بمدينة قسنطينة و قضى ثلاث أسابيع و هو تحت ظلام الاستنطاق و التعذيب و الترهيب إلا أن كل ذلك لم يزده إلا تمسكا و ثباتا برؤية نور الاستقلال يكسر ظلام زنزانته و أن تشرق شمس الحرية في أي يوم من الأيام و تحرق أعين المغفلين اللذين كذبوا بقوة الشرفاء و يتحقق وعدهم بتخليص الأميرة الحسناء من قبضة فرنسا العجوز الخرساء و كم كانت حمقاء حين استهزأت بقدرة و عزيمة الأتقياء فحب الجزائر ولد في قلوبنا جميعا حتى الفناء و هذا قانون الأوفياء و لا يفهمه البلهاء لأنه نعمة من رب هذا الفضاء . و أطلق سراحه لينطلق من السجن كالوحش المفترس ليحكم عليه العدو غيابيا بعشر سنوات نافذة كهدية منه إليه على كل ما قدمه لأمه الحبيبة الطاهرة , و لم تكتفي بهذه الهدية فقط بل زادته أخرى و حرمته من كافة حقوقه المدنية ظانا منه أنه سوف يحبط كل معنوياته و تحدياته , لم يلقي محمد العربي بن مهيدي سلاح الصبر و الثبات فأضطر للاختفاء و بقي يعمل في سرية تامة و زاد إصرارا و عزيمة أكثر من قبل علي تهيئة الجوالمناسب للاندلاع الثوري في الغرب الجزائري , إلى أن جاء اليوم الأسود في تاريخ الثورة و السعيد للعجوز الحمقاء حين أمسكت ببغضاء بسيد الأتقياء فكان 27 فيفري 1957 حين قبض الاستعمار الفرنسي على محمد العربي بن مهيدي و سلط عليه جميع أنواع العذاب إلى أن فاضت روحه إلى بارئها مبتسما للموت حين رآه يركع له و ابتسم للحرية حين رآها ترفرف في سماء الجزائر بثوبها الأبيض نعم هكذا كانت النهاية الأسطورية لجلاد الصبر العربي بن مهيدي الذي غرس الله فيه بذرة الوطنية و سقاها بالإيمان و الثبات و العزيمة و هكذا شهد له العدو و فقال عنه : " الكولونيل الفرنسي *بيجار* ﴿ لو أن لي ثلة من أمثال العربي بن مهيدي لغزوت العالم ﴾ . -هل عرفت يا شهد لماذا لم يمحى تاريخ أسطورة هذا البطل من سجيله ؟!! *لأنه لم يكتب بقلم الحبر فهو سطر بدم القلب الأحمر . 
فردت شهد بسعادة كبيرة تغمرها: -آه الآن استوعب تماما ما معنى تاريخ البطل الشهيد محمد العربي بن مهيدي دون أن أتوه في تواريخ طويلة و معقدة تفوق عقلي الصغير أيها الكتاب شكرا ألف شكر و هل من مزيد ........ قاطعها ضاحكا : نعم نعم املك الكثير و الكثير فهذه الثورة العملاقة تاريخها لا ينتهي أبدا لأنه حافل بالبطولات و التضحيات الجسام و لكن غذا يا حبيبتي الغالية أزورك و اروي لك حكاية أخرى و على هذه الكلمات استيقظت شهد على صبح منير و سارعت إلى جمع الكتب المرميةعلى الأرض و بدأت تكتب قصة جلاد الصبر لتوزعها على زملائها و هي سعيدة جدا لأنها الآن تفهم تماما تاريخ بلادها بشكل سهل و مبسط .

ليست هناك تعليقات: